البحث المتقدم

البحث المتقدم

سيادة الطاقة الكهربائية: تحديات الفساد وفرص الاستقلال للعراق

25 تقييم المقال

 

 

 

أكرم علي الداوودي  

     تتعدد تعريفات السيادة، فهي لا تقتصر على علاقات الدولة مع محيطها الخارجي، بل هي مفهوم شامل يمكن السلطة الحاكمة من تسيير شؤون البلاد بطريقة تمنع تدخل أي مؤثر خارجي في حكمها، سواء كان الحكم ملكياً او جمهورياً عبر مؤسسة الملك أو الأمير، أو جمهورياً عبر سلطة حاكمة انتُخبت ديمقراطياً، فإن الشعب يكون له دور واضح في أداء وسلوك تلك السلطة، وحتى في الانتخابات الشكلية التي تنتج سلطة دكتاتورية، فإن جميع أنواع السلطات تسعى لتحقيق سيادتها الحاكمة بطريقتها الخاصة، ويبقى الشعب هو المحدد لصلاح أو فساد تلك السلطة.

 لهذا السبب، تعتبر السيادة جزءاً لا يتجزأ من حاكمية السلطة، وتسعى الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية على حد سواء لضمان تلك السيادة.

إلى جانب السعي لتحقيق "الأمن الغذائي" لشعوبها، بدأت الدول تسعى اليوم لتحقيق "سيادة الطاقة" التي تُعد المحرك الأساسي للأمن الغذائي، فقد يؤدي غياب الطاقة إلى تصدع هذا الأمن، مما يجبر الدول على اللجوء إلى دول أخرى لتأمين احتياجاتها من الطاقة، والتي تُعتبر عنصراً حيوياً لتحريك عجلة الزراعة والصناعة والعمل، وبالتالي تأمين الحد الأدنى من "الأمن الغذائي" لمواطنيها.

في العراق، ومنذ سنوات طويلة، فشلت السلطة الحاكمة في تأمين "سيادة الطاقة" لأسباب عديدة، أهمها الفساد الذي اعتبر ملف الطاقة ينبوعاً لا ينضب او لا يمكن السيطرة علية، فضلاً عن غياب التخطيط والتنفيذ السليم لإنجاز مهمة التأمين بسبب غياب السياسات العامة في إدارة هذا الملف.

تُعرف السياسات العامة بأنها معالجة لأزمة معينة يعاني منها عدد كبير من الناس في دولة معينة، لكن في العراق، الاعتماد على نفس الأساليب وتكرارها، مثل استيراد الغاز وتأخر الصيانة وتعثر الجباية وسوء الاستثمار، أثبتت فشلها بجدار على مر السنوات.

ونتيجة لذلك، يعاني المواطن الفقير من صيف لاهب وتصحر بيئي مخيف، بينما تُحول المساحات الخضراء وسط المدن إلى مجمعات سكنية ومولات.

لا يمكن فصل سيادة الكهرباء عن سيادة البلد من مخاطر التدخلات الخارجية، حيث تسعى كل دولة لتحقيق مصالحها.

الطاقة اليوم باتت سلعة مهمة تباع وتشترى، بل وأنها تجارة رابحة لمن يمتلكها، لذا يجب على واضعي السياسات العامة إيجاد حلول خارج إطار الأزمة والتفكير خارج الصندوق في تأمين "سيادة الطاقة" تماماً كما يؤمنون الحدود الخارجية من الاعتداءات المتوقعة.

هناك حلول كثيرة نفذتها دول أخرى لتجاوز هذه الأزمة، خاصة وأن العراق يمتاز بوفرة مصادر الطاقة مثل النفط والغاز، بل إن الغاز يُحرق في الهواء منذ سنوات، في حين يتم استيراد الغاز من دول الجوار.

الحلول تكمن في استغلال موارد الطاقة بشكل أمثل، وبناء محطات تتوافق مع طبيعة مناخنا، ووضع سياسة صحيحة لإدارة هذا الملف في الاستثمار والجباية، بحيث يكون الفقير الهدف الرئيسي لتحقيقها.

الكهرباء ليست معضلة لا يمكن حلها مع توفر مواردها مثل النفط والغاز وحتى الرياح والشمس، وكلها متوفرة في العراق، ما نحتاجه اليوم هو إرادة سياسية حقيقية لوضع السياسات المناسبة والعمل على تنفيذها بعيداً عن الأوامر الخارجية والفساد الداخلي.

نعم
هل اعجبك المقال