إبراهيم عليه السلام وتجربة إحياء الطيور: دراسة تحليلية في البنية الفنية والمعاني التفسيرية
التفسير هو البيان والكشف عن معنى اللفظ وإظهاره، وهو مأخوذ من "فَسَّرَ" أي بيّن وأوضح، بخلاف التأويل، الذي يعني الرجوع إلى الشيء، فيقال: "آل الأمر إلى كذا"، أي صار إليه ورجع إليه. وتأويل الكلام هو إرجاعه إلى أحد المعاني المحتملة، ومنه تأويل الرؤيا، أي تعبيرها.
وقد عرّف العلماء علم التفسير بأنه العلم الذي تُعرف به معاني القرآن الكريم، وذكروا أنّ موضوعه هو القرآن نفسه، وغايته فهم معانيه فهمًا صحيحًا. ولا شكّ أنّ أوّل من فسّر القرآن الكريم هو النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان أكثر الصحابة تفسيرًا للقرآن هو الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد أخذ عنه عبد الله بن عباس، المعروف بـ "ترجمان القرآن"، الكثير من تفسيره.
قال ابن مسعود: "إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن، وإنّ عليًا (عليه السلام) عنده من الظاهر والباطن". وبذلك يكون الإمام علي (عليه السلام) في طليعة الصحابة الذين فسّروا القرآن، يليه عبد الله بن عباس، الذي كثرت عنه الرواية في التفسير حتى كاد يقارب نصف الأحاديث الواردة في التفسير المسندة إليه، ثمّ يأتي بعده عبد الله بن مسعود، الذي يُعدّ ثاني أكثر الصحابة روايةً للتفسير، ثم أُبيّ بن كعب، الذي كان من الصحابة الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان مقدّمًا بين القرّاء.
وفي الصحابة كثير ممن فسّروا القرآن، لكن الروايات عنهم قليلة، وأجلّ التفاسير وأعظمها شأنًا عند الإمامية هو تفسير التبيان للشيخ الطوسي، يليه مجمع البيان للشيخ الطبرسي. وعلى المفسّر أن يعتمد على النقل الصحيح، ويأخذ بظاهر النص، دون اللجوء إلى التأويلات البعيدة أو الآراء الفاسدة.
أما عند أهل السنة والجماعة، فإنّ أبرز الصحابة الذين تصدّوا للتفسير هم:
- الخلفاء الأربعة.
- عبد الله بن عباس.
- عبد الله بن مسعود.
- زيد بن ثابت.
- أبو موسى الأشعري.
- عبد الله بن الزبير.
- أُبيّ بن كعب.
ومن التابعين الذين اشتهروا بالتفسير:
- مجاهد بن جبر.
- عطاء بن أبي رباح.
- عكرمة مولى ابن عباس.
- قتادة بن دعامة.
- الحسن البصري.
- سعيد بن جبير.
- زيد بن أسلم.
- علي بن أبي طلحة.
- قيس بن مسلم الكوفي.
- إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكوفي.
- طاووس اليماني.
- محمد بن السائب الكلبي.
- جابر بن يزيد الجعفي.
- عامر بن شراحيل الشعبي.
أما من تابعي التابعين، فقد برز في التفسير:
- عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
- مالك بن أنس.
ويعتبر هؤلاء المؤسسين لعلوم التفسير، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وغريب القرآن، وغيرها من علوم القرآن.
يقال إنّ علم التفسير كان من أوائل العلوم التي دوّنت في الإسلام، وكان أوّل الكاتبين فيه:
- شعبة بن الحجاج.
- سفيان بن عيينة.
- وكيع بن الجراح، وهو من علماء القرن الثاني الهجري، وكانت تفاسيرهم تجمع أقوال الصحابة والتابعين. ثم تلاهم محمد بن جرير الطبري، الذي كتب تفسيره الشهير.
ومن أقدم التفاسير المدونة التي وصلتنا:
- تفسير فرات الكوفي، من علماء القرن الثالث، المطبوع في النجف الأشرف.
- تفسير القرآن العظيم لأبي سهل بن عبد الله التستري (ت 283هـ)، المطبوع في مصر.
- تفسير علي بن إبراهيم القمي.
- تفسير ابن جرير الطبري.
- تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، لصاحب "القاموس".
وقد ذكر السيوطي في كتابه الإتقان أنّ أول كتاب ظهر في التفسير كان لسعيد بن جبير (ت 95هـ).
ومما يُحكى في هذا الباب، أن أبا زكريا بن عدي، المتوفى سنة (364هـ)، وكان من كبار فلاسفة القرن الرابع، قام بنسخ نسختين من تفسير الطبري للقرآن الكريم، مما يدل على مكانة هذا التفسير وأهميته في العصر الإسلامي المبكر.
المصادر والمراجع
[الهادي فيما يحتاجه التفسير من مبادئ، ص 56]