مقتبس من دراسة للشيخ محمد مهدي الآصفي
مقدمة تمثل السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) نموذجًا فريدًا في التاريخ الإسلامي، حيث تجسد شخصيتها ملتقى النبوة والإمامة، إذ إنها ابنة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وزوجة الإمام علي (عليه السلام) وأم الأئمة الأطهار. ويشهد التاريخ الإسلامي بمكانتها العظيمة التي تتجلى في آية التطهير التي أكدت عصمتها. إن البحث في سيرتها وحياتها يتيح لنا فرصة استلهام القيم والمبادئ التي تنير دروب الحياة، خاصة فيما يتعلق بدور المرأة في المجتمع الإسلامي.
فاطمة الزهراء: محور النبوة والإمامة تمثل السيدة الزهراء (عليها السلام) تجسيدًا للنقاء الروحي والارتباط الوثيق بالرسالة الإلهية، حيث يجتمع في شخصها نور النبوة ونور الإمامة. وقد ورد في النصوص الإسلامية أنها كانت ممن شملتهم آية التطهير، وهو دليل قاطع على مكانتها الرفيعة في الإسلام. كما أن حياتها المباركة كانت انعكاسًا واضحًا للقيم الإلهية التي تسعى إلى تحقيق العدل والمساواة ونشر الفضيلة.
المرأة المسلمة واستلهام القدوة من السيدة الزهراء تُعد السيدة الزهراء (عليها السلام) نموذجًا يُحتذى به للمرأة المسلمة في مختلف جوانب الحياة، فهي المثال الأعلى في الإيمان والوعي والتحرك في الدعوة إلى الله، وفي إقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما كانت نموذجًا للمرأة الصالحة في دورها الأسري، حيث جسدت أسمى معاني الزوجة الصالحة والأم المربية.
دور المرأة في المجتمع: رؤية إسلامية يؤكد الإسلام على دور المرأة الفاعل في المجتمع، حيث تمتلك المرأة صوتًا شرعيًا وكفاءات علمية وعملية وسياسية يجب استثمارها بما يحقق التوازن بين مسؤولياتها الأسرية والاجتماعية. فالإسلام لم يمنع مشاركة المرأة في الحياة العامة، بل وضع لها ضوابط تحفظ كرامتها وتحافظ على القيم الإسلامية.
ضوابط مشاركة المرأة في الحياة العامة يوجد شرطان أساسيان حددتهما الشريعة الإسلامية لمشاركة المرأة في الحياة العامة:
- المحافظة على حدود الله: يجب على المرأة المسلمة أن تلتزم بالحجاب والوقار، وألا يكون سلوكها مثيرًا للفتنة أو مخلًا بالقيم الإسلامية.
- المحافظة على سلامة الأسرة: الإسلام يعتبر الأسرة اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، لذا فإن خروج المرأة للعمل والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية يجب ألا يكون على حساب استقرار الأسرة.
أهمية مشاركة المرأة الملتزمة في المجتمع إن غياب المرأة المؤمنة عن المجالات الحيوية في المجتمع يفسح المجال لغير الملتزمات ليشغلن هذه المواقع، مما يؤدي إلى تغييب القيم الإسلامية في ميادين مهمة مثل الطب والتعليم والإعلام والسياسة. ولذلك، فإن مسؤولية المرأة المسلمة لا تقتصر على دورها الأسري، بل تشمل أيضًا المساهمة في بناء مجتمع إسلامي متكامل.
خاتمة إن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ليست مجرد شخصية تاريخية، بل هي مدرسة متكاملة في العقيدة والأخلاق والسلوك، تقدم نموذجًا متكاملًا للمرأة المسلمة في جميع جوانب حياتها. ومن خلال استلهام نهجها، يمكن للمرأة اليوم أن تؤدي دورها في المجتمع وفقًا لمنهج الإسلام، بما يحقق التوازن بين مسؤولياتها الأسرية والاجتماعية، ويحفظ لها مكانتها ودورها الريادي في نهضة الأمة الإسلامية.