في كتابه الجديد، رجل الله في العراق: حياة وقيادة آية الله العظمى علي السيستاني ، يستعين سجاد جياد، زميل مؤسسة سنتشري إنترناشيونال، بمصادر أصلية ومئات المقابلات خلال عقود من العمل الميداني داخل العراق لإظهار كيف أن السيستاني، بصفته رجل الدين الشيعي الأقدم الموقر في دولة ذات أغلبية شيعية، يحظى بولاء ملايين المؤمنين، وبسلطة هادئة، حاول السيستاني من وراء الكواليس توجيه العراق عبر سلسلة من الأزمات الوجودية منذ الغزو الأمريكي وسقوط نظام صدام حسين في عام 2003، وخلال عقود من الاضطرابات والحرب وتغيير النظام في العراق، كان السيستاني يلوح في الأفق فوق كل رجل دين وسياسي آخر.
في صيف عام 2014، وبينما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" يقتحم العراق، رفع رجل دين شيعي زاهد صوته وحشد البلاد لوقف المسيرة الدموية للمتطرفين.
في 13 يونيو/حزيران 2014، أصدر المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك خمسة وثمانين عاماً، فتوى من خلال خطبة الجمعة: "يجب على المواطنين القادرين على حمل السلاح وقتال الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم، أن يتطوعوا للانضمام إلى قوات الأمن".
لقد نجح المرسوم، الذي أصبح يُعرف باسم فتوى الجهاد، في حشد العراقيين ــ من مختلف الخلفيات العرقية والطائفية ــ لصد تنظيم "الدولة الإسلامية" والواقع أن هذه اللحظة ليست سوى أحد الأمثلة الأكثر وضوحاً على النفوذ الحاسم الذي يتمتع به السيستاني، ليس في العراق فحسب، بل وفي العالم الأوسع للإسلام الشيعي.
بذل السيستاني جهوداً أكبر من أي شخصية أخرى لتحقيق الاستقرار في العراق، وربما نال استحسان أغلبية المسلمين الشيعة في العالم بنموذجه غير المباشر للسلطة الدينية ــ وهو ما يشكل تناقضاً صارخاً مع النموذج المنافس للحكم الديني المباشر الذي طرحه منافسوه في إيران.
لقد بلغ السيستاني الآن الثالثة والتسعين من عمره، وقد بدأ المتنافسون بالفعل في وضع أنفسهم لخلافته، وسوف يجد المراقبون للعراق والقوة الشيعية في كتاب "رجل الله في العراق" تقييماً لا يضاهى لإرث السيستاني ـ ودليلاً لا يقدر بثمن للانتقال الخطير الذي سوف يتبع ولايته.
يتوفر كتاب "رجل الله في العراق" على شبكة الإنترنت وفي المكتبات، وقد تم إنتاج الكتاب كجزء من مشروع تابع لمؤسسة سينشري إنترناشيونال والذي تدعمه مؤسسة هنري لوس، ومؤسسة كارنيجي في نيويورك، ومؤسسات المجتمع المفتوح.