البحث المتقدم

البحث المتقدم

فنون التربية الروحية في دعاء مكارم الأخلاق (رحلة الروح نحو النبل)

18 تقييم المقال

يُعد دعاء مكارم الأخلاق لوحة إلهية فنية جاذبة تنسق بين التربية الروحية والأخلاق النبيلة؛ إذ يدعونا إلى تنمية جوانب النفس الإنسانية الأمّارة بالسوء والسعي لترويضها عن المعاصي عبر توجيهات قادرة على لمس أعماق الفرد وتوجيهها نحو الخير والصلاح اللذين يشكلان أساسًا مهمًا في تربية الروح وتنقيتها من الخطايا التي تؤثر على ممارسة العدل والإنصاف والتعامل الحكيم مع الآخرين، كما تضمّن رحلة تنموية تعرج بالروح نحو النبل عن طريق إيجاد فنونًا متنوعة للتربية الروحية، مثل تنمية الحكمة والعدل والشجاعة والصبر.

            لم يحدد الإمام السجاد (عليه السلام) في أن هذا الدعاء هو تحديد أبعاد الشخصية المثالية للمسلم بل كشف أنه يريد إيضاح أمرٍ مهمّ تمثل بكلماته التي تلونت بصبغة إيمانية يفوح منها عبق مشتق من الرسالة المحمدية التي تريد أن تجعل للإنسان شخصية إيمانية متكاملة بقوله (وبلّغ بإيماني أكمل الإيمان، واجعل يقيني أفضل اليقين، وانته بنيتي إلى أحسن النيات، وبعملي إلى أحسن الأعمال) إذ بين بذلك شرائط واضحة تبين مدى أهمية أن يكون للمؤمن إيمانًا كاملًا ويقينًا بما يعمل في دنياه ويكنزه للآخرة.

وبطريقة منفردة استطاع (صلوات الله عليه) عبر هذا الدعاء أن يقوم بإنتاج منطق منفرد قادر على تنمية مفاهيم الإيثار الإنساني وتنشئة منطقية التعامل وتوجيه الأفكار نحو العطاء والتقدم وعدم خلق شخصية ذات تفكير محدود تتكأ على الغرائز وتترك مصدر ديمومة الإنسان (العقل، والإيمان بالله) وذكر ذلك باستعانته بالله عز وجل عندما قال (اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِي رُوعِي مِنَ التَّمَنِّي وَالتَّظَنِّي وَالْحَسَدِ ذِكْراً لِعَظَمَتِكَ، وَتَفَكُّراً فِي قُدْرَتِكَ، وَتَدْبِيراً عَلَى عَدُوِّكَ، وَمَا أَجْرَى عَلَى لِسَانِي)، وبهذا أوجد  حلًا أخلاقيًّا يؤثر في سيكولوجية المجتمع وقادر على توجيه الموالين نحو   زرع منطق التعبد والقرب من الله بقوله: ( وَأَنْطِقْنِي بِالْهُدَى، وَأَلْهِمْنِي التَّقْوَى، وَوَفِّقْنِي لِلَّتِي هِيَ أَزْكَى، وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا هُوَ أَرْضَى، اللَّهُمَّ اسْلُكْ بِيَ الطَّرِيقَةَ الْمُثْلَى، وَاجْعَلْنِي عَلَى مِلَّتِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا) وقد وجه بذلك المؤمنين على سلوك الدواء الروحي وزرع منطق العبادة والتقرب إلى الله بواسطة هذه الكلمات.

 

 

 

نعم
هل اعجبك المقال