يمثل عمل اجتماع الفراغ ثورة ثقافية لترسيخ علاقة الانسان بذاته وعلاقته بالآخرين؛ هذا العلم هو أبو الفلسفة المعاصرة؛ باعتباره جوهر حياة الإنسان ، وقت الفراغ ظاهرة اجتماعية ، الكثير من الدراسات الجادة في مختلف مجالات الحياة اهتمت بأوقات الفراغ عبر تموين الوعي بالأدعية والمناجاة، والنصوص التي وردتنا من الأئمة عليهم السلام نموذجًا لتجارب ملأ الفراغ الروحي والنفسي فلم يتركوا سلام الله عليهم وقتا للفراغ ، بل أوصلوا اللحظة باللحظة لخلق التوازن ببث أنماط من السلوك تعزز صفات إيجابية وهذا هو منهج أهل البيت عليهم السلام البحث عن الإيمان والالتزام الديني والمواظبة والتعاون والشعور والولاء والانتماء الحقيقي للدين والوطن، ولتبعد من الشباب القلق والتوتر والخوف من الذات، الملل والبطالة والضياع ، لذلك حذرت المرجعية الدينية العليا من حالة الفراغ الذي يعيشه الشخص وضياع الهدف وما لهذا الضياع من مردودات سلبية على الإنسان، وهو يرى وقته يتبدد بلا ثمر حقيقي.
اعتبر سماحة السيد أحمد الصافي في خطابه يوم 23/ اب/ 2019 م حالة الفراغ من الأمراض، ومعناها أن الإنسان غير مشغول ظاهرًا بعمل، والفراغ الروحي والبدني حالة من حالات هي أشبه بالضياع، الموضوع يستهدف ترسيخ التربية الإنسانية الفاعلة والتنمية الروحية وتحقيق الأهداف الاجتماعية، وتجديد قوى الحيوية والبحث عن جذور المشاكل يظهر في البحث وجود حالة من عدم الشعور بأي مسؤولية ناشئة من فراغ ومن الجهة الشرعية الفراغ غير محبب اجتماعيًا فإن الفراغ فيه مشاكل ولدت من الفراغ، لابد من وضوح مفهوم الاستثمار الأمثل للفراغ والحرص الإنساني على معرفة مفاسد حالة الفراغ على قدر التشخيص والتجسيد هناك فراغات مصطنعة تولد في أيام الأزمات والشدائد العابرة والتي تمر بها الأمم تخلق هلعًا وتسب ضياع الهدف لمن يريد أن يعمل ، هناك بعض الأعمال السيئة تنشأ من الفراغ خشية أن يدفع هذا الفراغ إلى انحراف في التفكير يكون مضرًا للآخرين، وسبب الشرخ الاجتماعي فراغ ممقوت يسبب الانعزال أو الانفصال التام وكل إنسان يشعر بأنه غير منتج سيتعب، أصبح لقضية الفراغ فرع من فروع علم الاجتماع علم اجتماع الفراغ والكثير من الناس لا يعرفون إن عدم الالتفات إلى قضية الفراغ يعود لعدم الاهتمام بالعمل، وكل مشكلة إذا لم تحل ستنفتح وتكبر وتولد مشاكل أخرى، علينا أن نبحث في كيفية استثمار هذا الفراغ يجعل الإنسان يدور حول نفسه ولا يدري ماذا يفعل، وهذا بداية إلى طريق الكآبة والهم وأمراض نفسية تنعكس سلبًا على الفرد نفسه، والمجتمع لجعل الإنسان دون قيمة استيعاب هذا الفراغ.
سماحة السيد أحمد الصافي اعتمد على جهتين...( الأولى) الجهات الرسمية والحكومية أن تستوعب الناس ،نتأمل في هذا المرتكز لزيادة الاستفادة، فإن طرق الانزلاق أصبحت كثيرة نتيجة الانحرافات في شتى الميادين وهي أساليب مرفوضة وخطيرة يرفضها المجتمع ولا تنتج خيرًا، وسيلة إلى تدمير الشباب، فجوات سلبية كبيرة على هيكلة المجتمع بفضل الانفتاح الكبير أمام العالم وعاصفة العولمة ودخول النهضة التكنولوجية في مجال الاتصالات والإنترنت، لابد من يقظة وعي تربوي ينظم لنا عملية الاستخدام وقد أنتجت سلوكيات هدامة للمجتمع مثل بؤر ترفيهية بعيدة عن أعين الرقابة تحتاج إلى تنظيم علمي يتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع الإسلامي، لابد من مراقبتها كي لا تكون أوكارًا ومرتعًا للمنحرفين مثل النوادي والمقاهي و(الكافي شابات )غير المنضبطة والمختلطة والتي تتعامل بالانحراف، لهذا على الدولة تدارك هذه الحالة وبناء نوادي رياضية ،ملاعب منظمة ، مسابح تحت إشراف وزارة الشباب ، والاستفادة من التقنيات الحديثة الكمبيوتر والإنترنت في إثراء المعارف، وتعدد مصادر المعلومات محاضرات ندوات وتعويدهم على استثمار أوقات الفراغ وانشطة العتبات المقدسة سعت لاستثمار فراغ الشباب، ممكن ان تكون منهجا وقدوة تعلم الشباب ادارة الوقت بشكل صحيح اما (الجهة الثانية)، تكون على عاتق الشخص نفسه الذي يشعر بالفراغ لابد ان لا يجعل نفسه فارغًا دائما، مسائل كثيرة يمكن ان يفعلها على أن لا يجعل نفسه أسيرا للفراغ ،ليس من الصحيح أن يكيف الإنسان نفسه ويعيش مع حالة الفراغ كي لا يضمن الضياع يجب أن يرتب وضعه بطريقة إيجابية لا تسيء لنفسه ولا للمجتمع والحصيلة لابد أن تفتح الأبواب من أجل استيعاب فراغ الإنسان والتفكير بمعالجات جذرية.




تقييم المقال

