البحث المتقدم

البحث المتقدم

الإمام علي الهادي (ع) وعلوم الزيارة الجامعة

0 تقييم المقال

 

كانت حياة الأمام الهادي{ع} صعبة جدا في ظل خلفاء بني العباس وكانَ المتوكِّلُ من أخبثهم وأشدِّهم عِداءً للإمام علي(ع)فَبَلَغه مقام الإمام علي ‌الهادي بالمدينة، وميل الناس إليه، فخاف منه ودَعَا ‌يحيى بن هرثمة ان يذهب إلى المدينة، وجلبه الى سامراء. قال يحيى: فذهبتُ إلى المدينة، فلمَّا دخلتُها ضَجَّ أهلُها خوفاً على الامام{ع} لأنه كان محسناً عالما ليس له مَيل إلى الدنيا. فقدمت به إلى بغداد إلى إسحاق بن إبراهيم الطاهري، والي المعتصم على بغداد، فقال لي: يا يحيى إن هذا الرجل قد ولده رسول الله{ص}، والمتوكِّل من تعلم كرهه لآل محمد{ص} فإن حرَّضتَه على قتله، كان ‌رسول الله خصمَكَ يوم القيامة.

قال: ثمَّ سِرتُ به إلى (سُامراء) فلمّا دخلت على المتوكِّل سألني ‌عنه، فأخبرته بِحُسن سيرته وأني فتَّشت داره فلم أجد فيها إلا المصاحف وكتب العلم وكان بين فوضعه في دار بسامراء وبين فترة واخرى يبعث إليه حرسه الخاص الأتراك، يهاجمون دار الإمام (ع) في سامراء. فلم يجدوا شيئاً. وغالبًا ما يجدوه مستقبل القبلة ويقرأ القران. في ليلة من الليالي سكر المتوكل وامر ان يجلبوا الامام من بيته. كالعادة تسلقوا السطح ونزلوا في فناء الدار وجاءوا به للمتوكل فقال اللعين للأمام شاركني في شرب الخمر. فقال الإمام (ع) ( وَاللهِ مَا خَامَرَ لَحْمِي ‌وَدَمِي قَط، فَاعْفِنِي) فأعفاه وقال له: أنشِدْني شعراً. فقال الإمام الهادي ( أنَا قَليلُ الروَايَةِ ‌لِلشِّعْرِ )، فقال: لابُدَّ. فأنشده الإمام( ع) والمتوكل جالس على مائدة الشراب

 

بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الأجبَالِ تَحْرُسُهُم ** غُلْبُ الرِّجَالِ فَمَا أغْنَتْهُمُ القُلَلُ

 

وَاسْتُنْزِلُوا بَعْدَ عِزٍّ عَنْ مَعَاقِلِهِم ** وَأُسْكِنُوا حُفَراً يَا بِئْسَ مَا نَزَلُوا

 

نَادَاهُمُ صَارِخٌ مِنْ بَعْدِ دما نزلوا ** أيْنَ الأسَرةُ والتِّيْجَانُ وَالحُلَلُ

 

أيْنَ الوُجُوهُ الَّتي كَانَتْ مُنَعَّمَةً ** مِنْ دُونِهَا تُضْرَبُ الأستَارُ والكُلَلُ

 

فَأفْصَحَ القَبرُ عَنْهُم حِينَ سَاءَلَهُم ** تِلْكَ الوُجُوُهُ عَلَيْهَا الدُّودُ يَقْتَتِلُ

 

فكان نشاط الإمام بتلك الظروف يبين اللامة حقيقة آل محمد{ص} كي يعرف الناس حقيقتهم التكوينية. فعلم الناس آداب الزيارة الجامعة، قال: حين تزور المعصوم قل: {وانتم اُمَناءَ الرَّحْمنِ وَسُلالَةَ النّبِيِّينَ وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلِينَ وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعالَمِينَ معنى (َاُمَناءَ الرَّحْمنِ): بالآيات التي نزلت في أشرف بيوت الأرض. (وَسُلالَةَ النَّبِيِّينَ) أي: ولدهم دون غيركم فأنّتم: ذريّة نوح وإبراهيم وإسماعيل ومن طينة الأنبياء روحاً وبدناً،(وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلِينَ) خلاصتهم ونقاوتهم.(وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعالَمِينَ): العترة: نسل النبي{ص} ورهطه.

 

السَّلامُ عَلى اَئِمَّةِ الْهُدى وَمَصابِيحِ الدُّجى وَاَعْلامِ التُّقى وَذَوِي النُّهى.ائمة الهدى الذي يقتدى به انتم الهداية، كأنّ الهداية تتبعهم،(وَمَصابِيحِ الدُّجى)أي: الظلمة ؛ فإنّتم الهادون للخلق من ظلمة الشرك والكفر والضلالة إلى نور الإيمان والطاعة.ومعنى اَعْلامِ التُّقى): الأعلام جمع العلم: أنتم العلامة، والمنار هم أولو العقول الكاملة. ومعنى أولِي الْحِجى: الحجة أصحاب العقل، والفطنة. وَكَهْفِ الْوَرى) شبههم بالملجأ ملجأ الخلائق في الدنيا والآخرة. (وَوَرَثَةِ الْأَنْبِياءِ) فإنّهم ورثوا كلّ علم وكتاب وفضيلة وكمال كان فيهم حتّى عصا موسى وعمامة هارون والتابوت والسَكينة وخاتم سليمان، كما روي في الأخبار المتواترة وروي «أنّه آتاهم الله ما لم يؤت أحداً من العالمين» وَحُجَجِ اللهِ عَلى اَهْلِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ) احتجّ الله بكم وأتمّ حجّته على أهل الدنيا بأن جعل لهم المعجزات الباهرة، والعلوم من لدنه، والأخلاق الإلهيّة والعقول الربّانية، فهدى الله بهم امة محمد{ص} وبهم يحتجّ بعد الموت وفي القيامة. هذا القول منسوب للأئمة (ع) وبكثرة في كتب الشيعة، مثل. فعقيدتنا أهل البيت هم المظاهر الإلهية التي يُعرف بها الله ويُتوجّه إليه من خلالها، فهم وجه الله الذي نرى به الدين، ونور الله الذي نُهتدى بهم، وحجة الله على الخلق، وباب الله الذي يُقصد منه الوصول رضاه، وهم يمثلون الدين الحق الدال لمراد الله، والإقرار بولايتهم أساس معرفة الله وقبول الأعمال تتحقق بهم جاء في بعض الروايات "لولانا ما عُرف الله". الحمد لله الذي هدانا لولايتهم ونساله الثبات على محبتهم.

 

 

نعم
هل اعجبك المقال