البحث المتقدم

البحث المتقدم

البعد القراني في سيرة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

0 تقييم المقال

يعتقد بعض الناس ، أن مكانة الصديقة الزهراء سلام الله عليها في الإسلام راجعة إلى كونها بضعة النبي صلى الله عليه وآله، وهذه حقيقة جديرة بالبحث والدراسة ، وهي غاية في الأهمية  وينبغي على العلماء بحثها على نطاق واسع . ونحن حين نتجاوزها باعتبارها نظرة قصيرة وقاصرة ،نجد للصديقة الزهراء عليها السلام  مكانة مستقلة في الإسلام خاصة بها ، يظهر ذلك في ولايتها الكبرى، والتي يجب على كل مسلم الإذعـان لهـا والإعتقاد بها تماماً كالعادة بولاية أبيها وأمير المؤمنين والحسنين عليهم الصلاة والسلام . فكما يجب الإعتقاد بولاية هذه الذوات الأربعة القدسية ، فكذلك الحال بولاية الزهراء وهي الذات القدسية الخامسة ، من دون أدنى تفاوت . والجدير بالذكر أن إثبات هذا الموضوع ينبغي أن يقوم على ركنين أساسيين من البحث والتدقيق : الأول : النظر في كتاب الله و بحث ما نزل فيها من الآيات منه. الثاني : النظر في السنة المعصومة وما ورد فيها عن أبيها من الأحاديث الصحيحة مساوياً لفضل النبي والوصي وأولاده المعصومين صلى الله عليهم أجمعين.
فنرى  انها مصداق للكوثر والخير الكثير ، وبشأنها نزلت الآية :(إنا أعطيناك الكوثر) تنوَّعت آراء المفسِّرين حول المقصود من "الكوثر" الوارد في سورة الكوثر: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}. فماذا يعني الكوثر؛ هل هي فاطمة الزَّهراء(عليها السلام )، أم أنّه نهر من أنهر الجنّة كما يرى البعض ؟ أم له معنى آخر؟
الكوثر، من المفردات القرآنية، وهو اسم لإحدى السور القرآنية أيضاً، كما يُعدّ أحد الألقاب المشهورة للسيدة فاطمة الزهراء ومعناه الخير الكثير الذي أُعطي للنبي محمد (ص) وأنّ أبرز هذه المعاني هو (كثرة الذرية)، أي: نسل رسول الله الذي لا يكون ولا ينتشر إلا عن طريق سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء
ولعل هذا الرأي هو الراجح من بين الأقوال – التي ذكرت في التفاسير وأكثرها انسجاما لكثرة الروايات التي تقول: أنّ سبب نزول السورة؛ إنما جاءت رداً على تعيير النبي صلَّى الله عليه و آله بعدم استمرار نسله، فنزلت الآية لكي تبين في الحقيقة، أمرين:
الأول: الظاهر من كلمة ﴿إنّا أعطيناك الكوثر﴾ هو أنّ الله عَزَّ وجَلَّ سَيرزُقُ نبيه من بركة هذه البنت الطاهرة نسلاً في غاية الكثرة، لا ينقطع إلى يوم القيامة، وإن اسمه صلَّى الله عليه وآله سيبقى حياً ومتألقاً على مرِّ العصور.
الثاني: الأعظم من هذا الظاهر، هو إنا أعطيناك نعمة عظمى لا تقدر ولا تقاس بها النعم الأخرى؛ وهي فاطمة الزهراء، حلقة الوصل بين النبوة والإمامة، فهي كوثر في اسمها، وهي كوثر في خلقها وخلقها، وهي كوثر في تضحيتها وفداءها وعطاءها، بل هي كوثر في كل شيء، 
ـ إنها مشمولة بآية التطهير ومن الذين أُبعد الله عنهم الرجس 
انها هي المعينة بالآية (قـل لا أسالكم عليه أجراً الا المودَة في القربى)
وقد تحدث رسول الله ( صلى الله عليه وآله  ) ، ونطق لسان النبوة الصادق بمقام فاطمة وزوجها وابنيها ـ الحسن والحسين ـ وما كان هذا المأثور عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلا ترديدا لصـدى الوحي ، وصياغة لمضمون القرآن ، الذي شهد بالطهارة وسمو المقام ، فقد أنـزل الله سبحانه فيهم آيات بينات ، خصص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) معانيها في هذه الفئة الطاهرة ـ فاطمة وزوجها وابنيها ـ ففيهم نزلت آيات التطهير ، والمباهلة ، والمودة ، وسورة الانسان ، وغيرها كثير من آيات الذكر الحكيم . فقد روى جمع من الرواة أن قوله تعالى : «  { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ( الأحزاب : 33 ) } إنما نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين ، لنذكر هذه الروايات : قالت أم سلمة : « في بيتي نزلت : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً » ، قالت : فأرسل رسول الله ( ص ) إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين ، فقال : ( هؤلاء أهل بيتي ). 
الاية الثالثة:المباهلة
  (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَٰذِبِينَ).
وهذه الآية تشتمل على النبي ومـن بـاهـل بهـم نصارى نجران والصديقة الطاهرة في المقدمة منهم ، وهي الذات المقدسة المحفوفة بين المعصومين الأربعة المذكورين في الآية الكريمة ؛ اثنان منهم الحسـنان « أبنائنا » واثـنـان مـنهم النـبي والإمام « أنفسنا » والمعصوم الخامس الزهـراء عليها السلام « نسائنا » ، وانحـصـر قـول الله تعالى : « نسائنا » بها سلام الله عليها إذ لم يستدع النبي غيرها حين المباهلة . وبما أن المباهلة ليست من الشؤون العادية ، بل هي أمر رباني مهم للغاية فلابد من الاعداد لها بحشد أشخاص  لهم صفة قدسية مميزة عمن عداهم ، وهم موضع عناية الخالق سبحانه فكان وجود الزهراء واحداً من هذه الوجودات المقدسة الواقعة من الله موقع الرضا والمختصة منه تعالى بمزيد الإكبار والتجليل ، والزهراء أحد مصاديق الآيـة ولا نقاش في ذلك من أحد فيما أعلم ، لأن الأمر قطعي وهو من مسلمات الشريعة . 
الآية الرابعة : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم » ( البقرة ٣٧) .ففي تفسير الآية روايات خاصة تعتبر من علوم الغيب الخارجة عن الإدراك البشري ، وبأخذها ومعنى الآية بنظر الإعتبار ندرك إدراكـاً جيداً أن الصديقة الزهراء إحدى العلل الغائية لوجـود العـالم ، فـكـما كـان النـبي والوصي والحسنان عليهم الصلاة والسلام عـلة الإيجـاد لهـذا العـالم ، فـكـذلك الزهراء علة من علل الوجود ، وليس من المعقول أن لا يكون معصوماً من هو علة وجودية للعالم.
فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية.

نعم
هل اعجبك المقال