يبقى القران الكريم منهل كل الدراسات ولمختلف الاديان وحتى الايديولوجيات المستحدثة وباتجاهيه المعكوسين من حيث التاييد والتفنيد، وكل ما يتشبث بها اصحاب الدراسات المعاصرة ممن يدعي تجديد الدين الاسلامي ان القران جاء في زمان ولا يصلح لهذا الزمان .
ويحاول البعض خلق ثغرة بين القران والسنة الشريفة والمؤسسات الدينية المختصة بها من خلال التشكيك بعلوم هذه المؤسسات ، وحتى لا يتشتت النقاش بداية اؤكد على وصية الامام علي(عليه السلام) لعبد الله بن عباس لما بعثه للاحتجاج الى الخوارج، إذ قال: (لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمّال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنّة فإنهم لن يجدوا عنها محيصا) ، ولهذه الوصية اثباتات بدات تظهر في عصرنا هذا .
الاسئلة الافتراضية عندما لا تكون علمية فهي فوضوية ، وساعد على الفوضى هي الفلسفة ، ولان اللغة العربية لغة عميقة وفيها روح ومعنى وتتفاعل مع مشاعر الانسان اصبحت قابلة للتاويل ، واصلا التاويل هي المعاني المتعددة لكلمة واحدة تستخدمها عدة قبائل من العرب ، بل اليوم في اللهجات العامية هنالك كلمات لها معنى في مدينة معينة تختلف عن معناها في مدينة اخرى .
اليوم وانا استمع لاحدى الحوارات من خلال القنوات المستحدثة على اليوتيوب ، يسال المذيع اعتقد باسم الجمل عن اسم الاشارة في الاية الكريمة ذلك الكتاب لا ريب فيه ، تدل على الاشارة الى كتاب معين هل هو نفس القران ؟ ومن هنا بدا النقاش يتشتت وتاويلات بعيدة عن المطلوب.
واخر يسال لماذا لم ينزل القران دفعة واحدة لماذا نزل على دفعات ؟ وحقيقة هكذا سؤال لا يمكن للعاقل ان يساله ، لماذا ؟ لان في القران اجابات وحوارات عن احداث حصلت عبر ثلاثة وعشرين سنة فلو نزل دفعة واحدة يكون قد ثبت تلك الاحداث وهذا يعني ان حدوثها يكون الانسان مسير وهكذا لا يحق لله عز وجل محاسبة العبد طالما الزمه بالقيام بهذا العمل او ذاك .
القران نزل تدريجيا حسب الظروف التي كان يعيشها النبي محمد (ص) مع قومه ، ومسالة البحث انه نزل في السماء كذا وما الى ذلك من دراسات انا لا افضل الخوض فيها ، فالمعروف نزل على شكل دفعات حسب الاحداث والمتطلبات ، فهل يصح ان تنزل اية سال سائل ، والحدث لم يحدث ؟
ان يكون للقران تاريخ كما هي الدراسات المستحدثة عنه فهذا لا اعتقد يضيف معلومة الى حقيقة القران ، نعم القران نزل شفهيا وبدا التدوين وتطورت الكتابة واما اللهجات او كما يقال القراءات فانها نابعة من ثقافة القوم ولا اصل لها في تاريخ القران او علوم القران ، اما مسالة الترتيب حسب النزول فهذا امر ثابت وهذا في نفس الوقت لا يؤثر اطلاقا على ترتيب القران الذي بين يدينا من حيث النص اما الاختلاف بالتفسير فهذا وارد .
يشكلون على القران بانه عاجز عن ان يكون مصدر رئيسي للتشريع او الوحيد والافضل بلا منازع ، لكن عندما تناقش من يذهب الى عجز القران حسب مزاعمه نقول له اليست كل دساتير العالم تغيرت وقابلة للتغيير ؟ الجواب نعم بلا اشكال ، والتغيير يعني لوجود خلل ومساوئ ، بينما القران لم ولن يتغير اطلاقا لخلوه من المساوئ اطلاقا .
الدستور غايته تنظيم العلاقة بين افراد المجتمع حسب التفكير المادي ،وعليه فانهم يرون ان القران عاجز عن احتواء ما يتجدد من مفاهيم وعلوم اليوم . هذا الكلام يقال اعتباطا ومن غير دليل ولو سالت من يدعي ذلك ما هو دليلك على هذا ؟ فهناك من يتشبث بحقوق المراة واخر يتحدث عن العلاقة مع الكافر وثالث عن العقوبات الاسلامية ، وهؤلاء اصلا لم يتعمقوا بالمفاهيم القرانية وفق اللغة والتاريخ الاسلامي .
اتذكر ايام دراستي سال طالب بخصوص المسائل الفقهية الخاصة بحفر بئر وما يترتب عليه من اشكالات مثلا بعد البئر عن مكان الكنيف ، او اذا سقط به حيوان نجس وغيرها ما الجدوى منها ونحن اليوم تصلنا المياه عبر الاسالة ؟ وشاءت الصدفة ان تشتعل حرب الامريكان على العراق وانقطاع الماء كليا ولجات العوائل الى حفر الابار وقد اعترضتها هذه الاشكالات ، فالغاية من ذلك ان القانون يضع فقراته حتى للحالات التي مستبعدة بالعقل لكن بالمنطق يمكن ان تحدث .
المتخصص بالقران هو من يعلم محكمه ومتشابهه وهذا التخصص حصرا برسول الله وعترته عليهم افضل الصلوات والسلام ، واما علماء الامة اليوم فانهم يجتهدون مع حسن النية والدراسة للوصول الى المعنى وهذا لا يعني انهم لا يحق لهم بحجة انه تخصص الامام عليه السلام .
ايات قرانية نقراها فنفهما بلحاظ معناها الظاهر مثلا (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ) ، استنبط الامام الكاظم عليه السلام من هذه الاية مفهوم القديم كم من الزمن يمر على الشيء فيصبح قديم ، هذا المفهوم لم يكن معروف خلال (180) سنة ، وكذلك ما استجد من مفاهيم من قبل الامام الهادي عليه السلام ، وهذا الاستحداث من النص القراني باق الى يوم الدين .




تقييم المقال

