البحث المتقدم

البحث المتقدم

هل أنت النبي؟ لست أنا

0 تقييم المقال

ثلاث أناجيل تخبرنا بأن شخصا أو نبيا سوف يأتي بعد يوحنا لا يوجد نبي مستحق أن يكون عنده خادما حتى بحلّ سيور حذائه. وتؤكد هذه النصوص بأن هذا الآتي أقوى منهم. وأنه يأتي بعده. هذا ما كان يُرددهُ الأب طومار منسي رأس من رؤوس الكنيسة القبطية. في كل زيارة يقوم بها إلى الجاليات في أوربا والغرب كان يؤكد بأن هذه هي نبوءة يوحنا المعمدان التي أخبرنا بفضل وعظمة يسوع المسيح. وأن جميع الأنبياء لا يستحقون أن يحلّوا رباط حذاء يسوع. 
كنت أتحين الفرص للقاء هذا المتبجح، وفي يوم اصطدتهُ في قاعة الملكوت وهو يُلقي موعظة لهُ مع شهود يهود وكان يُردد نفس هذه الأقوال لثلاث أناجيل. فيقول للمستمعين :
يقول مرقس : (يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلا أن أنحني وأحل سيور حذائه).(1)
وفي لوقا : (أجاب يوحنا الجميع قائلا: أنا أعمدكم بماء، ولكن يأتي من هو أقوى مني، الذي لست أهلا أن أحل سيور حذائه. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار).(2)
وفي يوحنا: (هو الذي يأتي بعدي، الذي صار قدامي، الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه).(3)
وكان شهود يهود يعزفون معهُ على نفس الطنبور، لأن عقائدهم تلتقي مع هذه الكنيسة.
رفعت يدي ، فقال : تفضلي.
فقلت له : ولكن يوحنا لم يكن يدري من هو القادم بعده بعد أن سمع بأن نبيا اسمه يسوع بدأ بالتبليغ ولذلك ارسل اثنين من تلاميذه للاستفسار من يسوع كما نقرأ في إنجيل متى (لما سمع يوحنا في السجن بأعمال المسيح، أرسل اثنين من تلاميذه، وقال له: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟).(4)
فماذا كان جواب يسوع المسيح ؟
يقول متى في إنجيله : (فأجاب يسوع وقال لهما: اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا..هذا هو إيليا المزمع أن يأتي. من له أذنان للسمع فليسمع).(4)
يا جناب الأب يسوع نفسه أخبر يوحنا بأنه ليس الآتي بل أن الآتي شخص اسمهُ (إيليا). فكيف تقوم بتطبيق النصوص الثلاث المتقدمة على شخص يسوع المسيح ؟
فقال الأب طومار : يا بنيتي أن إيليا المذكور هو نفسه يسوع المسيح.
فقلت له : عجيب أمرك ، كيف يكون إيليا هو نفس يسوع ، ويسوع على الصليب كان يصرخ طالبا النجدة من إيليا. ألم تقرأ صراخ يسوع في ثلاث أناجيل وهو يقول : (صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: إيليا، إيليا، لماذا تركتني؟ فقوم من الواقفين لما سمعوا قالوا: إنه ينادي إيليا، لنرى هل يأتي إيليا ويُخلصهُ).(5) فكيف يكون إيليا وهو يستنجد به؟
العناد آفة. وهذا ما أصر عليه الأب طومار حيث قال : أن يسوع المسيح فيهم كلهم وكلهم فيه. ما أدري شنو هاي الفلسفة الغريبة من جناب الأب.
فقلت له ولكن يوحنا نفسه ينفي أن يكون هو إيليا ، ويسوع المسيح ايضا ينفي ذلك. ثم يذكر يسوع بأن هناك نبي آخر سوف يأتي غيره وغير يوحنا، ولم يحن زمنه بعد. كما نقرأ في نص يوحنا ( هذه هي شهادة يوحنا، حين أرسل اليهود كهنة ليسألوه: من أنت؟ فاعترف ولم ينكر، وأقر: إني لست أنا المسيح. فسألوه: إذا ماذا؟ إيليا أنت؟ فقال: لست أنا. ألنبي أنت؟ فأجاب: لا).(6) فهنا يوحنا ويسوع يُنكران أن يكونا إيليا. ولكن اليهود قالوا شيئا غريبا حقا وهو قولهم ليوحنا ويسوع : (ألنبي انت؟) فإيليا أو النبي الذي لا يقوون أو لا يستحقون حل رباط سيور حذائه هو نبي آخر قال عنهُ يوحنا : (سيأتي بعدي). ويسوع كان معاصرا ليوحنا وأنكر أن يكون هو. يضاف إلى ذلك أن يسوع المسيح لم يستمر تبليغه سوى ثلاث سنوات لم يؤمن به أحد حتى تلاميذه تركوه وهربوا كلٌ يطلب النجاة لنفسه ألم تقرأ ما يقوله الإنجيل عن خذلان التلاميذ ليسوع : (قال يسوع للجموع كأنهُ على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني. حينئذ تركهُ التلاميذ كلهم وهربوا).(7) بل أن أحد تلاميذه عندما امسكوه ترك ثيابه وهرب عريانا. والإنجيل يؤكد في أكثر من موضع بعدم إيمان أي أحد به على رغم معجزاته الباهرات التي عملها أمامهم مثل احياء الموتى، وفتح عيون العمي وابراء الأبرص وغيره فيقول الإنجيل (ومع أنه كان قد صنع أمامهم آيات هذا عددها، لم يؤمنوا به).(8) حتى أقرب الناس إليه اخوته من أبيه يوسف النجار لم يؤمنوا به كما نقرأ (أن إخوته أيضا لم يكونوا يؤمنون به).(9) فمن كان هذا حاله كيف يكون هو النبي المنتظر.
فإذا كان الحال كذلك فمن هو هذا النبي الذي لا يستحق الأنبياء حل سيور حذائه يا جناب الأب.
فقال لي متحذلقا، إذا انكرتي كل هذه النصوص فما هو الصحيح عندك؟
فقلت له : أن هذه النصوص الثلاث تختلف فيما بينها فكل نص يطرح الكلام بشكل مختلف وهذا يدل على ان هناك شيء محذوف. ولكني سأقرأ عليك نصا آخر من كتاب مقدس آخر يقول فيه يسوع بأنه ليس النبي القادم ثم يذكر اسم هذا النبي.
فاهتزت القاعة لهذه المفاجأة . فقرأت بصوت عالٍ : (أجاب يسوع: أني أتكلم بما يريد الله ، ولست أحسب نفسي نظير الذي تقولون عنه ، لأني لست أهلا أن أحل رباطات جرموق أو سيور حذاء رسول الله).(7)
حصل لغط كبير بين صفوف شهود يهوه وبدأ بعضهم يسأل عن برنابا من هو، وبان الاحراج على وجه الأب طومار واحمّر خجلا او غضبا لا أدري ، ثم بدأ يقرأ بصوت مرتفع كأنه صراخ مصدوم : (يا رب، حتى الشياطين تخضع لنا باسمك). وعلى الفور قلت له بصوت مرتفع: ولماذا بترت هذا النص ولم تُكمله؟ فالتفت الجميع وكأن المشهد كله حلبة ملاكمة، فقلت له تكملة النص تقول : (لأنكم أغضبتم صانعكم إذ استمعتم للشياطين لا لله).
خرجت وتركتها خلفي هوسه ، بعد أن وضعت حدا لتخرصاته وقيل لي بعد مدة بأن الأب طومار لم يزر كندا وجاء مكانه شخص كثير السؤال عن أسماء الحاضرين قبل البدء بالموعظة. وأما شهود يهود كلما رأوني في الشارع او في الأسواق يبتسمون كأنهم عقارب صفراء. فهؤلاء أعرفهم جيدا يطلقون عليهم (جنود اللحظة الأخيرة).(8)هم أداة معصرة خمر الرب التي سيسحق بها الشعوب على أيديهم ، وإذا قُتل أحدٌ منهم سوف يُحييه.

المصادر:

1- إنجيل مرقس 1: 7.

2- إنجيل لوقا 3 : 16.

3- إنجيل يوحنا 1 : 27.

4- إنجيل متى 11 : 2 ــ 5.

5- إنجيل متى 27 :47.

6- إنجيل يوحنا 1 : 19.

7- الفصل الحادي والأربعون ، إنجيل برنابا الطبعة الثانية تقديم وشرح وترجمة الأب خليل بو سعادة.

8- جنود اللحظة الأخيرة في اشارة إلى معركة هرمجدون معصرة خمر الرب لسحق البشرية على يد الصفوة من خلقه الذين سيرفعهم الرب إلى السماء بعد اداء المهمة. انظر كيف يخدعوهم ليخلقوا منهم اداة قتل وتدمير وابادة. لزيادة المعرفة اقرأ ما في هذا الرابط.

https://www.kitabat.info/subject.php?id=31858

 

 

نعم
هل اعجبك المقال