البحث المتقدم

البحث المتقدم

زواج الشباب بين تحدي الظروف والمحاكمة النسائية

0 تقييم المقال

      ينظرَ إلى الزواجِ في مجتمعاتنا العربيةِ تقليديا على أنهُ محطةُ استقرارٍ ونضج، لكنهُ بالنسبةِ لكثيرٍ منْ الشبابِ يتحولُ إلى اختبارٍ يوميٍ وضغطٍ نفسيٍ واجتماعي، بلْ وأحيانا إلى محاكمةٍ مستمرة- خصوصا- عندما تصبحُ العلاقةُ الزوجيةُ محكومةً بمعاييرَ مثالية، وضغوط نسائيةً واجتماعية، تفوقَ القدرةُ على الاحتمالِ لذلك؛ يترددُ الكثيرُ منْ الشبابِ في الإقدامِ على الزواجِ لأسبابٍ متنوعة، فإلى جانبِ التكاليفِ الماديةِ ومتطلباتُ الزواجِ المختلفة، يظهرَ لديهمْ هاجسا آخر يتمثلُ في كيفيةِ " الدفاعِ عنْ النفسِ " خلالَ ما يشبهُ الامتحاناتِ اليوميةَ و " المحاكماتِ الأسبوعيةِ " التي قدْ يتعرضونَ لها منْ قبلُ الزوجة.

تعرف هذهِ الظاهرةِ لدى البعضِ ب " الامتحانِ اليوميِ "، حيثُ يجدُ بعضُ الأزواجِ أنفسهمْ عندَ عودتهمْ إلى المنزل، أمامَ سلسلةٍ منْ الأسئلةِ الدقيقةِ والمحرجة، دونُ وجودُ خيارِ لتجاهلها أوْ الامتناعِ عنْ الإجابة، وكأنهمْ أمامَ اختبار، يجبَ اجتيازهُ أوْ تأجيلِ بعضِ " الموادِ " إلى وقتٍ لاحق، إنَ سمحَ الزوجُ بذلكَ أما " المحكمةِ الأسبوعيةِ "، فهيَ تلكَ المواقفِ التي يحاسبُ فيها الزوجُ على أخطاءٍ بسيطةٍ – سواءٌ كانتْ مقصودةً أمْ غيرَ مقصودةٍ – وفقَ منظورِ الطرفِ الآخر، ليعامل وكأنهُ ارتكبَ جرما يستوجبُ التحقيقُ وإصدارُ حكم، وقدْ تصلُ النتائجُ إلى الغضبِ المؤقتِ أوْ العودةِ إلى بيتِ الأهل، وربما طلبَ التفريق، وهوَ القرارُ الأصعب.

       إنّ التروي والصبر من قبل كلا الزوجين، والتعامل الحكيم مع الأخطاء، والتفاهم في إيجاد الحلول لها  كفيلان بتجاوز هذه الإشكالات وتجنب تضخيمها. فكم من أزواج من الأجيال السابقة، استمر زواجهم حتى نهاية العمر دون الحاجة إلى محاكم بيتية أو اتهامات تؤدي إلى الإساءة لأحد الطرفين، فقط لأنهم تحلّوا بالحكمة .

      في ظل تزايد وعي المرأة بحقوقها وارتفاع سقف توقعاتها، ومع التطور التكنولوجي وانتشار نماذج الحياة المثالية عبر وسائل التواصل، لم يعد الزواج يقوم فقط على الصبر والتعايش، بل أصبح يعتمد على التقييم المستمر ومراجعة أداء الزوج وتصرفاته. فقد يجد الرجل نفسه في موقع المتهم أمام محكمة زوجية دائمة، تُوجه إليه الاتهامات بالتقصير المالي، أو ضعف التعبير العاطفي، أو إهمال المنزل والأبناء، مع مقارنة مستمرة بغيره من الأزواج أو الشخصيات المؤثرة في العالم الرقمي. وهكذا يتحول الزواج من علاقة شراكة وتعاون إلى مساحة ضغط وتدقيق دائم. لذلك يصبح التحلي بالحكمة، والوعي، واتخاذ القرارات السليمة أساسًا في معالجة هذه التحديات والوصول إلى حلول متوازنة.

نعم
هل اعجبك المقال