تنقسم التعليقات في عالم (فيسبوك) الى قسمين لا ثالث لهما، فالقسم الأول: ما كان تفاعلا مع حالة صديق معين، كالتهنئة، أو التعزية، أو التشجيع والغبطة، وغيرها مما يدفعك الى التفاعل..
أما القسم الثاني: فهو التعليق على منشور يتطرق الى حدث معين، فيبدي المتابعون آرائهم ويعطون انطباعاتهم وقراءتهم وتصوراتهم..
ويستقبلون على أثرها -في أحيان كثيرة- الردود تلو الردود، مما يجعل تعليقاتهم هذه بمثابة منشور جديد بداخل المنشور الأصلي..
لدي هنا عدة ملاحظات حول طبيعة هذه التعليقات التي تندرج ضمن (القسم الثاني):
١- تكرار الكثير منها - وإن اختلفت صيغتها- لأن من قام بالتعليق لم يطلع على تعليقات الآخرين ولو كان قد اطلع عليها لوجد أنه لن يضيف شيئا بل سيكتب شيئا مستهلكا.
٢- امتلاء الكثير من التعليقات بعبارات بذيئة وكلمات نابية دون مراعاة للذوق العام، وامتلاء الكثير منها بالحكمة والموضوعية والصواب مع مراعاة كبيرة للذوق العام وتلك دلالة على أن الاناء ينضح بما فيه..
٣- لطالما شهد هذا الصنف من التعليقات عمليات نسخ ولصق و سرقة عبارات من أشخاص آخرين لم تذكر اسماؤهم بل حتى دون ذكر أن العبارة منقولة.. و هي ظاهرة تستدعي أن ينظر فيها خصوصا لمن يراعي في تعاملاته قضية الحلال والحرام، فجهد الآخر أمانة ينبغي عدم التجاوز عليها.
٤- التعليق لمجرد التعليق و قد يعد هذا ضربا من فنون التطفل والكلام بما لا يعني صاحبه.
٥- الكتابة بلهجة عامية بنية الفصحى وهذا شائع جدا وقد وصل الأمر ببعضهم الى كتابة آيات قرآنية وأحاديث شريفة بهذه الطريقة، ولو تم تجاوزها بتحديد بوصلة الكتابة واختيار احدى الطريقتين لكان أفضل من هذا الخلط غير المنطقي.
٦- ربما توجد الكثير من الملاحظات الاخرى حول التعليقات في هذا العالم الافتراضي وحول طبيعتها لم تسعفنا الذاكرة في سبيل طرحها كموضوع تام الجوانب، ولكن نرجو أن تتحقق الموضوعية في النشر وفي التعليقات بنحو ينأى بمجتمعنا عن الفوضوية واللا وعي.. وعن التعايش مع قضايا لا تمت لواقعنا بصلة..
نأمل أن ننظر فيما ننشر وكيف نرد وبأية طريقة.. فكم هو جميل ورائع أن ترى شابا أو شابة يتصدون لقضايا هامة كالحفاظ على الهوية الثقافية والدفاع عنها وفضح مؤامرات الاعداء وكشف الاعيبهم بطريقة حضارية تشكل محتوى هادفا وبطريقة يكون فيها مضمونه متكاملا، والتعليقات على منشورات الآخر متزنة ورصينة بشكلها العام ليعرف العالم أن مجتمعنا الحسيني بعيد جدا عن التفاهة و رموزها، وبعيد جدا عما هو مستهلك ومكرر ورتيب و مما درج العالم -الغارق في فوضى العولمة- على استخدامه من محتويات أقل ما يقال عنها أنها هابطة.