البحث المتقدم

البحث المتقدم

١٢ جمادى الآخرة ١٤٤٧

المرجعية الدينية وبداية المواجهة والصدام ضد التسلط البعثي

 

حاولت السلطات الحكومية استغلال موقع المرجعية الدينية لحل مشاكلها المتفاقمة مع إيران التي شرع حاكمها الشاه محمد رضا البهلوي (1941 – 1979م) كعادته في مضايقة العراق على سيادته التاريخية في شط العرب، وبدأت إيران بممارسة الضغط عليه عن طريق دعمها التسليحي للأكراد وتحريضهم على التمرد.

فطلبت بغداد من المرجعية عن طريق مسؤوليها التوسط لدى شاه إيران لحل الأزمة بين الطرفين، فأعلن السيد الحكيم موافقته على التدخل لكن بشروط محددة وطريقة حاذقة تنم عن حنكته السياسية وتفكيره الراجح الذي يمنع الانتهازيين من استخدام اسم المرجعية لتنفيذ مآربهم الخاصة.

وصل الوفد من بغداد في 6 آذار 1969 برئاسة حردات عبد الغفار التكريتي (وزير الدفاع ونائب رئيس الجمهورية)، ومعه عبد الحسين وداي العطية (وزير الزراعة) وأخيه حسن وشبيب لازم المالكي (متصرف لواء كربلاء). كانت أجواء الاجتماع هادئة وودية، أبدى خلالها التكريتي شيئاً كثيراً من الاحترام والتبجيل للسيد الحكيم، واستعداداً فورياً لتنفيذ طلباته التي عبر عنها بأنها "أوامر" واجبة لتنفيذ. ومن الأمور التي وعد بها "منع أي تسفير لطلاب الحوزات الدينية من غير العراقيين، تسهيل منح الإقامة لمن يريد البقاء للدراسة، ومنع تسفير الأجانب المقيمين في مدن العتبات المقدسة من غير العراقيين"، وأعلنت محطة إذاعية وتلفزيون بغداد تلك القرارات.

ولتسليط الضوء على موقف الحكيم ورده الحصيف أرى نقل النص الحرفي للمقابلة الرسمية معه كما رواها مبعوث الحكومة، يقول: "ذهبنا إلى النجف، وانتظرنا مع كثيرين من جنسيات مختلفة عربية وإيرانية وباكستانية، خليجيين وعراقيين من أنحاء البلاد كلها، وكان السيد كما قيل لنا منشغلاً بكتابة رسالة إلى أحد ممثليه في أفريقيا، د خلنا عليه فقال أخي عبد الحسين: أن الحكومة تنتظر منكم الدعم في مشكلتها مع إيران بخصوص شط العرب، فرد السيد "أنا أمثل المسلمين الشيعة جميعاً ولا أفرق في موقفي بين العراقي والإيراني والهندي والأفريقي، وبالنسبة لي ليس الشيعة فقط بل المسلمون كلهم شي واحد، ولا يجوز أن أميل لطرف دون آخر" رد عبد الحسين: أن الحكومة تقول أن لديها وثائق تاريخية، ومعها حق، فأجاب السيد: "لا تحاولوا زجنا في هذه القضايا السياسية المتغيرة، أنا رجل علم، لا أتدخل إلا في حالة واحدة، عندما أقتنع أن الخلاف يؤدي إلى إراقة دماء المسلمين، وحينها سأسعى إلى حقن الدماء"، وأبلغنا السيد الحكيم بأن علاقته مع إيران ليس على ما يرام، وضرب مثلاً ببرقية كان الشاه قد أر

أرسلها إليه لتعزيته بوفاة أحد العلماء الآيات. وكانت البرقية تحمل توقيع (القصر الشاهنشاهي) فرفض السيد الحكيم الرد عليها قائلاً إننا لا نتكلم مع القصور.

يتبع ..

 

المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 237

مواضيع ذات صلة