موقف المرجعية الدينية العليا من التطورات السياسية في العراق حتى عام 1955 (4)
وفي اليوم نفسه أصدر الشيخ عبد الكريم الجزائريّ فتوى، حيّى فيها الجيش العراقي الباسل ورئيس الوزراء على "النهضة المباركة لحفظ استقلال العراق والبلاد الإسلامية وقطع تصرف الأجانب فيها..." وحث المسلمين لمساندة هذه "النهضة الدفاعية "لأنها نصرة للدين وحماية للمسلمين"، وأصدر علماء الدين ومنهم السيد هبة الدين الشهرستاني، والسيد محمد رضا الصافي فتاوى لنصرة العراق والجهاد بالنفس والمال ضد بريطانيا الغاشمة التي وصفوها بأنها خرقت القوانين الدولية والواجبات الإنسانية.
وانتفض علماء المرجعية في مدينة الكاظمية لمساندة انتفاضة مايس 1941، فأصدروا فتوى موحدة بتاريخ 1 آيار 1942 وأوجبوا فيما مقاتلة القوات البريطانية الغازية، جاء في نصها: "ندعو إخواننا المسلمين للمؤازرة والمساندة لإخوانهم الناهضين لدفع أعداء الدين. فانهضوا لإعلاء شرفكم ومجدكم، والثأر من عدوكم المناوئ لكم والغاصب لحكم، والدفاع عن تراثكم، وسارعوا للذب عن وطنكم المقدس محط أنبياء الله ورسوله ومهبط ملائكة الله ووحيه، والسهر على مصالح المسلمين، كما قال سيد المرسلين وعملاً بما صحّ عنه "من أصبح وأمسى ولم يهتم لأمور المسلمين فليس منهم" فهلموا لمشاطرة إخوانكم المسلمين المجاهدين في سبيل الله...".
بعد ذلك صدرت فتوى أخرى من علماء المرجعية كالشيخ هادي آل كاشف الغطاء بتاريخ 23 آيار 1941، والشيخ محمد جواد الجزائري بتاريخ 28 آيار 1941، شكلت تصعيداً للجهاد وإذكاءً لروح الثورة والمعارضة لدى الشعب العراقي.
وشارك علماء المرجعية في مختلف النشاطات التي أسهمت في دعم الانتفاضة، فقد نظم السيد أبو الحسن الأصفهاني والشيخ عبد الكريم الجزائري وعلماء دين آخرون مع عدة آلاف من طلبة الحوزة العلمية، مسيرة احتجاج ضد عدوان بريطانيا في العراق وشعبه المسلم، انطلقت سيراً على الأقدام من المرقد العلوي المطهر إلى مسجد الكوفة، حيث اعتكفوا هناك ثلاثة أيام، ابتهلوا خلالها إلى الله تعالى نصرة العراق وجيشه.
ووجه الشيخ محمد جواد الجزائري نداءً إلى العالم الإسلامي، أوضح فيه موقف العراق حكومةً وشعباً في دفاعه عن استقلاله وسيادته، وندد بمواقف البريطانيين وعدوانهم المسلح، ودعا العرب والمسلمين إلى الوقف صفاً واحداً لنصرة إخوانهم العراقيين ضد بريطانيا، واغتنام فرصة اللحاق بالعراق والالتحام مع أبنائه، "أبطال العرب وعشاق التضحية".
المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 183