مرجعية النجف العليا تجدد حثها على تقديم الحقوق الآنية للإخوة النازحين
وفي الحال انتصرت مرجعيتنا الدينية لحركة تأميم النفط في إيران، ومهّدت الطريق لاندلاع الانتفاضة الشعبية في العراق؛ إذ أبرق الشيخ محمد جواد الجزائري، أحد علماء المرجعية الأعلام، برقية إلى السيد أبي القاسم الكاشاني، الذي أصبح رئيساً لمجلس النواب في عهد مصدق، يبارك له فيها خطوة إيران الأخيرة، ويشيد بنهضتها الجبارة، ويستنزل لها النصر من البارئ عزوجلّ، ويؤيد جهاد الكاشاني بالذات ونضاله الوطني.
ولم يقتصر جهوده على ذلك فحسب، بل عقد الشيخ الجزائري العزم على أن يلبس الكفن ويمتشق السيف، ليقود إحدى المظاهرات المؤيدة للتأميم في النجف الأشرف، كما فعل أبو القاسم الكاشاني في إيران، إلا أن بعض أتباعه ومقربيه نصحوه بالعدول عن رأيه خشية استغلال ذلك من قبل الحكومة والعناصر المؤيدة لها، التي قد تنال من الشيخ ومن سمعته.
تأزم الوضع السياسي في البلاد بفعل ازدياد البطالة وتفاقم المشاكل الاجتماعية والأوضاع المعيشية الصعبة، مما أدى إلى اندلاع تظاهرات حاشدة واضرابات واسعة النطاق منذ يوم (20 تشرين الثاني 1952)، شملت مناطق مختلفة من العراق، تخللتها صدمات عنيفة وانفلات أمني خطير فيها، عجزت الشرطة المحلية عن السيطرة عليها، فقدمت الحكومة استقالتها في 22 تشرين الثاني، وفي اليوم التالي 23 تشرين الثاني ازدادت المظاهرات وتوسعت، فتم تكليف رئيس أركان الجيش نور الدين محمود بتشكيل الحكومة (استمرت لغاية 23 كانون الأول 1953)، وفوراً أعلنت الاحكام العرفية في البلاد، وعطلت الأحزاب المعارضة، ألقي بقادتها في السجون.
وفي 24 تجددت المظاهرات وأعطت السلطات أوامرها بضرب بيد من حديد، وكادت الصدمات الدامية أن تقع، لولا موقف الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، الذي تلقت مرجعيته طلبات رسمية وعشائرية ومن قادة عسكريين أيضاً، ناشدوه التدخل في الأحداث تلافياً لحدوث "كارثة"، فما كان منه بعد أن درس الموقف إلا أن أصدر فتوى دينية حرم فيها على الأهلي محاربة الجيش "لان الجيش هو الأهالي والأهالي ههم الجيش" حسب تعبيره، ودعاهم الى فتح الأسواق، والمباشرة بأعمالهم بالصورة الاعتيادية مع المطالبة بحقوقهم المشروعة بالطرق السلمية، وأذيعت هذه الفتوى بمكبرات الصوت من على المنابر والمآذن، فهدأ الناس.
يتبع...
المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 191