حتما ظروف تختلف عن جميع الائمة فهو الرجل الوحيد الذي خرج سالما من معركة كربلاء. حديثنا في هذه الحلقة {عن الظروف التي كان يعيشها مع المجتمع ميت} استسلم للذل تماما لآل مروان وبني امية . تصور لو انك تعيش في مجتمع شعاره الخوف، وينتشر فيه الفساد الاخلاقي، وكل الانحراف عن الدين. يأتي بتخطيط من السلطة، اصبح الايمان بولاية ال محمد {ص} جريمة يُعاقب عليها بالقتل،
هذه الاجواء ملبدة بالغيوم. لا تتورّع السلطة من ارتكاب أي جريمة باي انسان يميل الى ال بيت رسول الله{ص} ويقدمهم على غيرهم يعتبرونه مجرم خارج عن الاسلام ولا بد من تطهير المجتمع من افكاره من ناحية اخرى: الناس في ذلك المجتمع في فقر مدقع، فقد سيطر الامويون على موارد الاقتصاد، فلا يحصلون على لقمة عيش الا بشق الانفس. بهذه الاجواء المذلة .شاهد المجتمع ما فعلت السلطة بالحسين{ع} واهل بيته واصحابه فكيف تصنع بمن هو ادنى منه. *الإمام زين العابدين،{ع} عاش في هذه الاجواء ، المصيبة ان السلطة مسنودة من مجتمع قتل أباه وساقوا بنات رسول الله{ص}أُسارى من بلد الى بلد ،فلا يمكن ان يفكر أي شخص بالثورة ضد بني امية.
**في تلك الاجواء العصيبة عمد الإمام زين العابدين{ع}الى تهيئة الأرضية الايمانية لأسقاط بني أمية، بدون رفع السلاح .وهذا دور كبير وخطير لان حكومة الطغيان الاموي لا تتورع من قتل الامام {ع} كما قتلت اباه. قام الامام بأول خطوة. وهي ان يخلق كوادر مؤمنة في الامة لا تقبل الذل ولا الخنوع للظالم, وهذه تقوم بدور المواجهة الفكرية وتعري مخططات الظالم مهما كانت قوته .. لأنه ما فائدة مجتمع يعتبر نفسه مثقف يصلي ويصوم ويحج ويستمع للادب والشعر ويعتبر ذلك هو الثقافة بنفس الوقت هو خانع جبان لا يحرك ساكنا وهو يرى السلطة تدنس الكعبة بالدماء وتهدمها ، تضرب الكعبة بالمنجنيق كان ليس لها حرمة تبدأ الحرمات تطفوا على سطح التصرفات الاجتماعية.. في الاعلام وتنقل الفضائيات لقاءات مع راقصات . ومذيعين يرقصون ويتكلمون بلهجة ليس فيها حياء . واياك ان ترفع صوتك بالاستنكار لأفعال يزيد والحجاج وامثاله يعتبرون لان هذه رموز ثقافية تقدمية . بل ذلك خروجا عن الاسلام . ولما سكت المجتمع واصبح مخدرا بالخوف والانحراف الفكري. .ثم جاءت حادثة بعد مقتل الحسين{ع} وسكوت المجتمع المسلم قامت السلطة بضرب وحرق وتهديم الكعبة . وفي المدينة المنورة استباحت الجيوش الاموية حرم رسول الله (ص)،من قبل مسلم بن عقبة الذي ارتكب أبشع الجرائم. بعثه يزيد ومعه عشرة آلاف فارس. لقتال اهل المدينة وأعطى كل واحد منهم مائة دينار، واستعرضهم يزيد بن معاوية وهو على فرس له. ثم قال لمسرف بن عقبة: (ادع القوم ثلاثا فإن رجعوا إلى الطاعة فاقبل منهم وكف عنهم، وإلا قاتلهم) وإذا ظهرت عليهم فأبح المدينة ثلاثا يعني افعل ما تريد ان وجيشك بالمسلمات .. وفي هذه المعركة الغير متكافئة فضت عشرة الاف بكر من بنات المسلمين ..
هذا جزء مما عاناه الإمام زين العابدين في تلك الظرف والتحديات والأخلاق الهابطة اضافة الى طغيان السلطة وانتهاكها للحرمات، ثم بدأت مصيبة اخرى هي الشبهات العقدية والاخلاقية انتشرت بين الناس. فواجهها الإمام على الرغم من تعطش السلطة الى دمه، على رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي. الذي حفظ الكيان الأموي فأصبحت له مكانة عندهم، وأوصى عبد الملك بن مروان ابنه الوليد أن يهتم بالحجاج، وسمّى أحد أبنائه باسمه. وقد بالغ في قتل الشيعة فقد قتل على يده أكثر من 120 الف شخص، ثم تجاوز الـ 130 الف0 قتيل ،وأشهر من قتلهم الحجاج التابعي سعيد بن جبير.
*** بعد هذه الجولة نعود الى حياة الإمام زين العابدين{ع} وفترة إمامته تعتبر طويلة، لأنه تولى الإمامة عام 61هجرية، بعد استشهاد أبيه،{ع}، واستشهد عام 95 هجرية، هذه الظروف كانت صعبة وقاسية لان القتل والتبعيد وحرق البيوت واقصاء الشيعة لم ينتهي بعد معركة كربلاء , بل استمر القتل فيهم مع دوام الدولة الاموية.. ثم استانف العباسيون القتل والسجن لهم بشكل اكثر.
** هناك قول للإمام زين العابدين{ع} يصف حالة بني هاشم في ظل الامويين انه "لا يحبنا في المدينة المنورة إلا عشرين شخصا" ،يعني بيتين او ثلاثة.. بكل هذه الظروف العصيبة التي مرت على الإمام وال البيت عامة، إلا أنه (مهد الطريق للمدرسة العلمية الضخمة التي قادها الإمام الباقر)(ع) وكان هو السبب في تغيير أوضاع الشيعة، وحين يجد الشيعة قائدا حركيا وعالما فقيها . فان غيرتهم على مذهبهم ودينهم تغلي في عروقهم من اجل رسالة محمد والقران الكريم. وحين يرزق الله عبدا محبة ال محمد{ص} فانه يسترخص الغالي والنفيس من اجل احياء سنتهم .ولذلك نهضت الثورات المختلفة في البلاد الإسلامية؛ ومن اشهرها.. ثورة التوابين، وثورة المختار، ثم حركة زيد الشهيد وابنائه ،التي استمرت اكثر من 90 عام في افغانستان .
موقف الامامزين العابدين {ع} من ثورة المختار كثر اللقط من بعض الكتاب الذين نالوا من المختار وثورته التي قضى على من اشتركوا في دمه في كربلاء..
الرورواية عن عمر بن علي: إنّ المختار أرسل إلى علي بن الحسين (ع) بعشرين ألف دينار فقبلها، وبنى بها دار عقيل بن أبي طالب ودارهم التي هدمت، ثم بعث بأربعين ألف دينار قبل ان اذكر الروايات المادحة للمختار . واراء المحقق اية الله السيد الخوئي قدس سره .اذكر قول الامام الحسين {ع} يوم العاشر ودعاءه على جيش الشام قال:(اللهمّ احبس عنهم قطر السّماء، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف، وسلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأساً مصبرة، فإنّهم كذبونا وخذلونا، وأنت ربّنا عليك توكّلنا وإليك المصير. "والله لا يدع أحداً منهم إلاّ انتقم لي منه، قتلةً بقتلة وضربةً بضربة، وإنّه لينتصر لي ولأهل بيتي وأشياعي)،المقصود بغلام ثقيف؟ هل هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي سقاهم الذلة والموت: كل قتلة الإمام الحسين{ع} استجاب الله دعاءه على يد المختار ومن منجزات الامام زين العابدين التي اصبحت شعارا لشيعتهم انه هو من اسس السجود على التربة الحسينية: وهية من سيرة النبي. في السجود على الأرض ـ التراب ـ أو ما ينبُت منه كما أن سيرة المسلمين في عهد الرسول كانت السجود على أرض المسجد المفروشة بالحصى . قال رسول الله ( ص) : " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً روى الحاكم النيسابوري ، عن ام سلمة رضي الله عنها أن رسول الله{ص} اضطجع ذات ليلة ثم استيقظ وهو حائر ثم اضطجع فاستيقظ و في يده تربة حمراء يُقَبِّلُها ، فقلت له ما هذه التربة يا رسول الله ؟ قال : " أخبرني جبرئيل (ع) أنّ ولدي الحسين يُقتل بأرض العراق فقلت : أرني تربة الارض التي يقتل بها ، فهذه تربتها .قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين [ البخاري و مسلم ] .وعشرات المصادر من جمهور المسلمين ومصادرهم تؤيد هذه الرواية..
*** أول من سجد على التربة الحسينية هو الإمام زين العابدين {ع} لما رجع من اسر الشام الى كربلاء .. اخذ ترابا من قبر ابيه ووضعه في منديل . وكان في كل فرض صلاة يخرج المنديل الذي فيه التراب يسجد عليه. ولما سأله اصحابه عن التراب قال هذا تراب قبر ابي الحسين. السجود عليه والدعاء يخترق الحجب السبعة . مولا بتربته الشفاء .. وتحت قبته الدعاء من كل داع يسمع.
هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ / وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ /هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ / هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ /هَذا اِبنُ فاطِمَةٍ إِن كُنتَ جاهِلَهُ /بِجَدِّهِ أَنبِياءُ اللَهِ قَد خُتِموا /وَلَيسَ قَولُكَ مَن هَذا بِضائِرِهِ /العُربُ تَعرِفُ مَن أَنكَرتَ وَالعَجَمُ حَمّالُ أَثقالِ أَقوامٍ إِذا اِفتُدِحوا/ حُلوُ الشَمائِلِ تَحلو عِندَهُ نَعَمُ /ما قالَ لا قَطُّ إِلّا في تَشَهُّدِهِ / لَولا التَشَهُّدُ كانَت لاءَهُ نَعَمُ / إِذا رَأَتهُ قُرَيشٌ قالَ قائِلُها /إِلى مَكارِمِ هَذا يَنتَهي الكَرَمُ / اللَهُ شَرَّفَهُ قِدماً وَعَظَّمَهُ //جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ..