يا راكبا يسري على جسره// قد غبرت في اوجه الضمر
عرج بسامراء والثم ثرى//ارض الإمام الحسن العسكري
عرج على من جــده صاعد/// ومجده عال على المشتري
على الإمام الطاهر المجتبى// على الكريم الطيب العنصر
علي ولي الله فـــي عصره ////وابن خيار الله في الاعصر
على إمــــــام عدل أحكامه/// يســـلط العرف على المنكر
وقل سلام الله وقف على//// ذاك الجناب الممرع الأخضر
العسكريان هما ما همـــا/////// فطّول التقريض أو قصر
من معشر فاقوا جميع الورى//// جلاله ناهيك من معشر
هم الأولى سنوا لــــــنا منهجا/// بواضح من سعيهم نير
هم الأولى دلوا على مذهب/ مثل الصباح الواضح المسفر
كلنا نعلم ان أهل البيت (ع) لهم منزلة رفيعة في قلوب المؤمنين لما تحلّوا به من درجات العلم والفضل والتقوى والعبادة اضافة النصوص الكثيرة الواردة عن الرسول (ص) في الحث على التمسّك بهم والأخذ عنهم ورد في تفسير البرهان عن الصادق{ع}:قال تعالى:" فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون" قال الكتاب الذكر وأهله آل محمد[ع]. من جانب اخر جعل الله مودّتهم وموالاتهم أجراً للرسول{ص}على رسالته .قال تعالى:(قل لا أسئلكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى) غير ان هذا لم يمنع الحكّام والخلفاء الذين تحكّموا في رقاب الاُمة بالسيف والقهر منذ يوم السقيفة الذين حاولوا طمس معالمهم وإبعادهم عن الاُمة بمختلف الوسائل والطرق ثم توّجوا أعمالهم بقتلهم بالسيف وبدس السمّ .واول قرار لابعاد ال محمد {ص} من المسيرة الاسلامية منع كتابة الحديث.
(تاثير منع كتابة الحديث وظهور تشريع جديد مقابل تشريع النبي محمد)
معروف عند الكل أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، منع تدوين الحديث لأسباب كما يقولون :، أهمها بنظره، انصراف المسلمين عن كتاب الله إلى كتب الحديث كما حدث لأمم قد خلت من قبلهم.{وهذا خلاف ما يدعون ان رسول الله{ص} قال:( اني مخلف فيكم ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي) بينما عمر منع تدوين السنة.. بالنتيجة قد أحدث آثارا سيئة على الفقه والحديث وعلى المسلمين بصورة عامة.!! وقد فتح بابا في وجه ممن دخلوا الإسلام كاليهود والنصارى للكيد للاسلام ودسوا احاديث في تعاليم الاسلام) ،
ثالثا: انتشرت تعاليم جديدة بعيدة عن الاصول النبوية في الأقطار الإسلامية واستحدث رواة ليس له باع في علم الحديث .يحدثون عن الرسول{ص}. يتكلمون في مصالح الأمويين، واختلط بسبب ذلك الصحيح بالفاسد.
رابعا: اثبت هذا الاجراء ان النبي ما قال{ وسنتي} لانهم منعوا تدوين السنة في وقت لا زالوا يقولون به كذبا وعنادا. وهذا انتج خلاف كبير الى يومنا هذا وسبب عدم وثوق المسلمين بعضهم بالبعض بكل ما ينسب للرسول {ص}. وكانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير .. ولو ان ابا بكر وعمر وعثمان نزلوا عند رغبة جمهور الصحابة، الذين أشاروا عليهم بتدوين الحديث وجمعه، كما جمعت آيات الكتاب من الألواح وصدور الحفاظ، لما اتسع المجال لأبي هريرة وأمثاله، ولسمرة بن جندب والكثيرين ممن حذا حذوهما، وغيرهم ممن باع دينه وضميره بدنانير الأمويين وموائدهم السخية بأنواع الطعام الشهي. وبهذا انفتح امام الخلفاء الامويين تعيين من يبيع دينه بالمال الحرام ويكتب احاديث عن النبي تمدح بني امية وتبعد ال محمد {ص} عن المسلمين.
{ وتأسست قاعدة اصولية هي عدم الاخذ مطلقا راي الائمة المعصومين وابعاد اقوالهم واحكامهم عن اسماع الجمهور الاسلامي. في وقت ظهرت اصول جديدة هي السنة العمرية .. في وقت بدأ علي{ع} في تدوين الاحكام الفقهية سواء في حياة الرسول{ص} وبعدها، وكان يتبعه جماعة من المسلمين، يأخذون منه الاحكام يرون جواز التدوين والكتابة،.
في وقت تمسك أكثر المسلمين برأي عمر بن الخطاب واعتبروه سنة، ولا يجوز بعقيدتهم الدينية تجاوزها. وانصرفوا إلى بعض الصحابة الذين جعلوهم عديلا للقران وللنبي محمد{ص} دون اهل البيت{ع} وتحقق ما كان يصبوا اليه الحزب القرشي من ابعاد ال محمد {ص} من الحياة السياسية والدينة. وتحقق في الاسلام سنة عمر مقابل سنة محمد{ص}.
** لماذا لا يأخذ الشيعة من سنة عمر كبقية المسلمين. : للشيعة تحفظات بشان عمر كما ذكرت المصادر التاريخية؛ من اعماله :أنه تخلف عن أوامر النبي {ص}في عدة مواضع ، كالتخلف عن جيش أسامة، ومعارضة الرسول عند وصيته (ص) ما يعرف بـحديث القرطاس وتطاوله على شخص النبي{ص} انه يهجر .!!، بالإضافة إلى تصرفه في السقيفة ،مخالفا رسول الله{ص} في علي {ع} حتى قال عن نفسه { ان بيعة ابي بكر فتنة وقى الله شرها} ودوره المعروف في تعامله مع فاطمة الزهراء (س) وهو من قام بجريمة كسر ضلعها. وهو من شرع آلية جديدة لتوزيع مال المسلمين من بيت المال. وهو من ادخل التكثف في الصلاة .
** التكثف: إنّ وضع إحدى اليدين على الأخرى حال الصلاة سنّة عند أكثر الجمهور إلّا مالك ؛ فقد قال في المغني لابن قدامة / ٥۱٤ : « ظاهر مذهبه الذي عليه أصحابه : إرسال اليدين وروي ذلك عن ابن الزبير والحسن البصري».و قد جاءت روايات أهل البيت{ع}لترد على التكتيف ، وأنّه من فعل المجوس ، في حديث الإمام الباقر{ع}« ولا تكفر فإنّما يفعل ذلك المجوس » ، والتكفير هو التكتيف في الصلاة. [ وسائل الشيعة باب ۱٥ من قواطع الصلاة حديث ۱۲ « ويحكى أنّه لما جيء بأسارى الفرس إلى الخليفة الثاني ، تكتفوا أمامه فسأل عن ذلك ، فأجابوه بأنّا نستعمله خضوعاً وتواضعاً لملوكنا ، فاستحسن فعل ذلك مع الله في الصلاة وعمل التشبيه بالمجوس في الشرع ». [ جواهر الكلام : ۱۱ / ۱۹ ]لو كان التكتّف ثابتاً عن النبي{ص}لشاع واشتهر ؛ اذ الصلاة تؤدّى في كلّ يوم خمس مرّات ومعارضة مالك وأصحابه وأهل البيت عليهم السلام يوجب الإطمئنان ببطلان التكتّف ـ التكفير في الصلاة ـ.
** هذه الحالة في بداية منع الحديث ادت الى قلّة النصوص والأحاديث لذلك اعتمد كثير من فقهاء المذاهب في إثبات الأحكام الشريعة على القياس والاستحسان والرأي والاجتهاد ـ وان كان في مقابل النصّ ـ ، والظاهر انّ أوّل من فتح هذه الباب هو عمر بن الخطاب ، وإليك أمثلة لذلك :
- عمر بن الخطاب على إسقاط « حيّ على خير العمل » من الأذان والإقامة بحجّة انّ المسلمين إذا سمعوا انّ الصلاة خير العمل تركوا الجهاد واشتغلوا بالصلاة وهذا خلاف سنّة رسول الله{ص}الذي كان يقول في الاذان « حيّ على خير العمل » وعمر اسقطها باجتهاده واستحسانه. [ البحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الأمصار / المجلّد : 2 / الصفحة : 192 / الناشر : مؤسسة الرسالة ـ بيروت / الطبعة : 2]وروى في جامع الاصول عن الموطأ ، قال عن مالك ..بلغه ان جاء مؤذن عمر يؤذّن لصلاة الصبح فوجده نائماً ، فقال : الصلاة خير من النوم ،فسمعه عمر وأمره أن يجعلهما في اذان الصبح. [ بحار الأنوار / المجلّد : 31 / الصفحة : 43 / الناشر : دار الرضا ]هكذا زاد عمر بن الخطاب في الأذان فقرة لم
يذكرها النبي{ص}في أذان الفجر وإقامته. واصبحت سنة عمرية مقابل سنة محمد{ص}
((**)) هذه الاجراءات تركت اثرا كبيرا في نفوس الاجيال حتى سقطت السلطة الاموية فما هو موقف الامام جعفر الصادق{ع} من الخلافة العباسية؟ باعتبار انه سقطت دولة بني امية في زمانه وهو سادس أئمة أهل البيت (ع) الواضح الن الامام الصادق{ع} لم يكن مؤيداً ولا موافقاً لهم ،ولم يصدر منه ما يؤيد بني العباس على الإطلاق ، بل كانت مواقفه (ع) معارضة و مخالفة لهم ،لمعرفته بأهداف بني العباس ونواياهم السلطوية المخالفة للدين .بنفس الوقت يكن مُحارباً لهم ـ أي لم يعلن حرباً ضدهم لأنه يرى ان المواجهة العسكرية خطئاً كبيراً وخسارة على المصلحة الإسلامية بصورة عامة ذلك الوقت. على مجمل خط الامامة وعلى المؤمنين بولايتهم بصورة خاصة ، حيث أن الإمام (ع) كان ينظر إلى المستقبل السياسي بوضوح وشفافية ، لذلك رفض التعاون مع أبو سلمة الخلال عندما عرض عليه قيادة المعارضة واستلام السلطة بالكوفة ، لأنه كان يعلم بأن أبو سلمة لم يعرض هذا الأمر عليه إلا لمصلحته وليظهر انه من داعمي ائمة اهل البيت{ع} فيضفي الشرعية على حركته السياسية ليضمن الوصول إلى السلطة تحت اسم الإمام الصادق(ع)حيث أن أبو سلمة لا يريد إقامة دولة إسلامية تُطبِّق حكم الله كما يراه الصادق(ع) وقوله : " "مالي و أبي سلمة وهو شيعة لغيري " !ثم لم يكن ولاء أبي سلمة خالصاً ومطلقاً للإمام{ع}يشهد بذلك ما كتبه إلى كل من الإمام(ع) وعبد الله المحض ، وعمر الأشرف،وكيف اوصى رسوله ان يسلك الكتب بترتيب خاص. وهي وصية في قمة الانتهازية . ان يسلم الامام جعفر الصادق اولا , فاذا رفض يسلم الكتاب الى عبد المحض فاذا رفض الى عمر الاشرف. ولما رفض الامام الصادق (ع) توجه الى دار عبد الله المحض ودفع إليه الكتاب ، فقرأه و قَبِلَهُ وهذا احدث فتنة بين بني هاشم .واظهرت الايام صحة راي الامام الصادق{ع} .رُوِيَ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ أنه قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الصادق{ع} ، فَقُلْتُ لَهُ : وَ اللَّهِ مَا يَسَعُكَ الْقُعُودُ .فَقَالَ : " وَ لِمَ يَا سَدِيرُ " قُلْتُ : لِكَثْرَةِ مَوَالِيكَ وَ شِيعَتِكَ وَ أَنْصَارِكَ ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) مَا لَكَ مِنَ الشِّيعَةِ وَ الْأَنْصَارِ وَ الْمَوَالِي مَا طَمِعَ فِيهِ تَيْمٌ وَلَا عَدِيٌّ .فَقَالَ : " يَا سَدِيرُ ، وَ كَمْ عَسَى أَنْ يَكُونُوا " ؟قُلْتُ : مِائَةَ أَلْفٍ .قَالَ : " مِائَةَ أَلْفٍ " !قُلْتُ : نَعَمْ ، وَ مِائَتَيْ أَلْفٍ .قَالَ : " مِائَتَيْ أَلْفٍ " !قُلْتُ : نَعَمْ ، وَ نِصْفَ الدُّنْيَا .قَالَ : فَسَكَتَ عَنِّي ، ثُمَّ قَالَ : " يمكن لك ان تاتي معي الى يَنْبُعَ " قُلْتُ : نَعَمْ .فَأَمَرَ بِحِمَارٍ وَ بَغْلٍ أَنْ يُسْرَجَا ، فَرَكِبَ الْحِمَارَ ، وَ رَكِبْتُ الْبَغْلَ ، فَمَضَيْنَا فَحَانَتِ الصَّلَاةُ .فَسِرْنَا حَتَّى صِرْنَا إِلَى أَرْضٍ حَمْرَاءَ ، وَ نَظَرَ إِلَى غُلَامٍ يَرْعَى جِدَاءً (لجَدّاء من الإِبل أَو الغنم: ما قُطعت أُذُنُها)فَقَالَ : " وَ اللَّهِ يَا سَدِيرُ لَوْ كَانَ لِي شِيعَةٌ بِعَدَدِ هَذِهِ الْجِدَاءِ مَا وَسِعَنِي الْقُعُودُ " . نَزَلْنَا وَ صَلَّيْنَا ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الصَّلَاةِ عَطَفْتُ عَلَى الْجِدَاءِ فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ "
*** اذن هناك خط سياسي في الوسط الاسلامي المنحرف عن نهج اهل البيت {ع} مارسه جميع الخلفاء من موت النبي {ص} الى فترة حياة الامام الحسن العسكري(ع)..الذي يعتبر الامام المعصوم الحادي عشر من سلالة ال محمد(ص).. الذي ظهرت إمامته في عصر أبيه الهادي(ع) وهو الإمام المفترض الطاعة بعد أبيه{ع}.لما تولى الامامة في ظروف استثنائية بعد أبيه واستمرّت إمامته ست سنوات ، مارس فيها مسؤولياته الكبرى في أحرج الظروف وأصعب الأيّام على أهل بيت الرسالة بعد أن عرف الحكّام العباسيون أن المهدي من أهل بيت رسول الله(ص) ومن ولد علي وفاطمة ..ومن ولد الحسن العسكري(ع) فكانوا يترصّدون أمره وينتظرون أيّامه كغيرهم، ليقضوا على آخر أمل للمستضعفين .وهذه ىالمراقبة والمتابعة ما كانت مختصة بالامام العسكري . بل امتدت المتابعة لجميع شيعة ال البيت{ع} قتلا وسجنا وابعادا وتهديم بيوتهم.
** كانت فترة امامة الحسن العسكري تعتبر عند العباسيين هي الفترة الحاسمة. كونه هو الحادي عشر. فلا بد ان يتم القضاء عليه وانهاء القاعدة الشيعية التي قالها النبي{ص} " يَكونُ مِن بَعدي اثنا عَشَرَ أميرًا، فتَكَلَّمَ فخَفِيَ علَيَّ، فسألتُ الذي يَليني، أو إلى جَنْبي، فقالَ: كُلُّهم مِن قُرَيشٍ. الراوي : جابر بن سمرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | أخرجه البخاري ومسلم باختلاف يسير.. اما الشيعة فيقولون: عن جابر بن سمرة قال «أتيت النبي{ص}فسمعته يقول: إن هذا الامر لن ينقضي حتى يملك اثنا عشر خليفة كلهم، فقال كلمة خفية لم أفهمها فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: قال عليه السلام: كلهم من قريش»( لخصال للصدوق ص 47.).
***الظروف التي مرت على الامام العسكري(ع) في سامراء. من عادة الحكّام العباسيّين عندما يحسّون بالخطر من أيِّ شخص، خاصة إذا كان من ابناء عليٍّ(ع)، ممن يعتقد فريقٌ من الناس بإمامته، فكانوا يضيّقون عليه ويضيّقون على شيعته، لأنّهم يعرفون عمقَ انتماء هذا الفريق من الأمة لأئمتهم(ع)، لذلك كانوا يحاصرون حركتهم ويصادرون حرّيتهم ويوظّفون المخابرات لرصد أعمالهم، وكان بعض الأئمة(ع) يعيشون هذا الواقع، لأنهم يملكون امتداداً روحياً ينفتح على امتدادٍ سياسيّ معرفيّ يحمله الناسُ في نفوسهم لأئمة أهل البيت(ع)، لأنّهم يعتبرونهم في موقع الإمامة، ويرون أنَّ لهم الشرعيّة في موقع السلطة. وتنفيذاً لهذه السياسة، حُوصِر الإمام العسكري(ع) في عهد المتوكّل العباسي واعتقل مرّات عدّة في عهده وعهد من جاء بعده، من المستعين إلى المعتزّ إلى المهتدي إلى المعتمد. وهذا يبين انه كان نزيل السجون كجده موسى بن جعفر{ع} واظهر العباسيّون الحقد على الإمام(ع)، لأنَّهم كانوا يخافون منه على سلطانهم، فهو ابو المهدي المنتظر(عج) وهذا الاسلوب الطائفي عشنا فيه فترة كانت قاسية جدا. هذا ما نجده في كلِّ زمانٍ ومكان، في زمن المعتزّ، أُدخل الإمام العسكريُّ(ع)الى السجن، فـ"دخل العباسيّون شخصين من المنحرفين عن الى السجن وهم عيون لمراقبة الامام العسكري داخل السجن.
ووصلت معلومات الى المعتمد العباسي انه ضيقوا عليه ثم سألوه ما نصنع به وقد وكّلتُ به رجلين شرَّ مَن اهل الشر، ولكنهما صارا الى العبادة والصلاة والصيام فأمر المعتمد بإحضار الموكّلين، فقال لهما: ما الذي بدلكما في هذا الرجل؟ فقالا له: ما تقول في رجلٍ يصوم نهاره ويقوم ليلَه ، لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا، فلما سمع ذلك العبّاسيون انصرفوا خاسئين" .فعلم المعتمد ان الحسن العسكري وهو في سجنه سيأثر على شرطته السرية , وهذا يدلُّ على قوّة التأثير الروحيّ الذي كان الإمام العسكري(ع) يتمتع به من دون أن يتكلّم مع الآخرين، أو أن يدخل معهم في أيِّ حوار، وتلك هي خصوصيّة أهل البيت(ع) الذين يملكون من الملكات القدسيّة التي حباهم الله بها ما يفيضون به على كلِّ النّاس الذين يعيشون معهم بكلِّ المعرفة والروحانية والخُلُق العالي الذي يجتذبون الناس به إلى الخطِّ الأصيل الذي يمثّلونه، وهو خطُّ الإسلام في منهج أهل البيت(ع).ينقل لنا التاريخ كيف كان تأثير الإمام(ع) في السجن، ففي رواية عن عليّ بن محمد بن إسماعيل العلويّ قال: "حُبس أبو محمد العسكري عند عليّ بن أوتامش، وهو اكثر الناس نصبا واشدهم كرها لعلى آل أبي طالب{ع}، وقيل له: افعل به ما تتمكن من الاذى حتى الطعن , ولكن مرت الايام واذا بعلي بن اوتامش يخضع له اشد الخضوع والتذلّل ـ ووصلت به الحال انه لا يرفع بصره إليه إجلالاً وإعظاماً، وتغيرت حاله الى حب ال محمد{ص{ خرج من عنده، وهو أحسن النّاس بصيرةً فيه قولاً" .كان تأثير الإمام العسكري(ع) الروحيّ على هذا الرجل قويّاً وصل إلى درجةٍ استطاع فيها أن يغيّر تفكيره كلَّه ووجدانه ، وإذا به يتحوّل من عدوٍّ لدود إلى صديق حميم.
*** وفاته: تختلف الآراء حول سبب وفاة الحسن العسكري{ع} منهم من يعتقد أنه توفي بسبب المرض. ووفقا للمصادر الشيعية أنه قد تم تسميمه في عمر 28 بتحريض من الخليفة العباسي المعتمد، في 8 ربيع الأول 260 هـ. بينما يعتقد الشيخ الطبرسي استنادًا إلى أحد أحاديث الأئمة بأن جميع الأئمة خرجوا من الدنيا بالشهادة ولذلك أن الحسن العسكري أيضاً مضى مسموما. بينما يشير ابن شهر آشوب في كتابه، بأن العسكري قتل من قبل شخص وادعوا انه مات موتا طبيعيا وكان عمره 28 سنة
. ويقول رسول جعفريان أنه من المرجح أن العسكري قتل ولم يتوفى، لأن حسب الوثائق التاريخية للقرن السادس الهجري إنه اعتقل عدة مرات من قبل الجهاز العباسي لإنه كان معارضاً سياسياً للخليفة، كما إن موته كان في عنفوان شبابه وكل ذلك يمكن أن يؤكد على أنه قد قُتل. ووفقًا لموسوعة الإسلام، هناك موضوع مشترك في جميع المصادر وهو أن المعتمد أراد إقرارًا من قبل الأطباء يظهر للناس أن العسكري مات موتًا طبيعيًا. ودفن الحسن العسكري في البيت الذي دفن فيه أبوه في سامراء. في البداية لأن كانت المنطقة عسكرية، فُتم فتح نافذة من البيت على الشارع كي يزار قبرهما من الشارع ولن يسمحوا لاحد الدخول الى البيت قريبا من القبرة والصلاة فيه يدخل احدا إلى البيت. وقد كانت إدارة البيت بيد الشيعة. وقد تواترت الأحاديث أن الإمام المهدي يوم وفاة أبيه الحسن العسكري (ع) كان عمره خمس سنين ، وصلى على أبيه من بعد أن طرد عمه جعفراً الكذاب عندما هم بالصلاة على أخيه الحسن فجذبه المهدي (ع) من ردائه وقال له : تأخر يا عم فأنا أولى منك بالصلاة على أبي ، فتأخر وقد أربد وجهه ، وتوجه من ساعته الى قصر المعتمد ليخبره عن غلام يشك انه المهدي المنتظر .. رحم الله من نادى: وا إماماه.. وا سيّداه.. وا مظلوماه..
بعد ما ودّع ابنه ابقلب مجروح // تشاهد ويل قلبه وطلعت الروح
ثار صياح أهل بيته وعلا النوح// تنادي مات أويلي عروة الدين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جت الناس تتراكض ابدهشه // لگوا دار العلوم اشلون وحشه
بكوا عالباب لمّن طلع نعشه// تلقوه ابلطم يدمي الخدين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سارت بالنعش تبجي حواليه // لما دفنوه ردوا للـــــعزا اعليه
بس احسين ما واحد وصل ليه //ثلث تيام عاري ابغير تكفين
مَا غَسَّلُوْهُ وَلَا لَفُّوْهُ فِيْ كَفَنٍ // يَوْمَ الطُّفُوْفِ وَلَا مَدُّوْا عَلَيْهِ رِدَا