يقع تل أبو شيجة في منطقة خصبة من العراق في محافظة ميسان، وهو يُعرف في النصوص القديمة باسم باشيمي، وهو التل من المواقع الأثرية التي حفظت بين طبقاته آثاراً ثمينة من العصر الأكدي، أي ما يقارب أواخر الألف الثالث قبل الميلاد.
خلال هذه الحقبة، أي في عهد الإمبراطورية الأكدية (2334–2154 ق.م تقريباً)، شهدت بلاد الرافدين أول تجربة وحدوية مركزية على يد الملك سرجون الأكدي، الذي نجح في توسيع سلطانه من الخليج العربي حتى سواحل البحر المتوسط. وقد استمرت هذه القوة في عهد خلفائه وأحفاده، ومن بينهم الحاكم شورا بيل، حفيد سرجون، الذي تشير المصادر إلى أنه قدّم هدية دينية وسياسية بالغة الأهمية: تمثال رخامي أبيض للإلهة شودا، أهداه إلى حاكم مدينة باشيمي (تل أبو شيجة).
هذا الفعل لم يكن مجرد مبادرة دينية، بل يحمل أبعاداً سياسية–رمزية؛ فهو يعكس العلاقة بين السلطة المركزية الأكدية وحكام المدن التابعة لها، ويُظهر دور الدين كوسيط في توثيق الولاء والسيطرة.
الحفريات الأثرية في التل كشفت عن لقى فخارية وحجرية مهمة، تُمثل أنماط الحياة اليومية، والطقوس الدينية، وتطور الفن والصناعة في تلك الفترة. هذه المكتشفات تؤكد أن تل أبو شيجة كان مركزاً حضرياً فاعلاً، متأثراً بالثقافة الأكدية التي جمعت بين القوة العسكرية، والابتكار الإداري، والرمزية الدينية.