البحث المتقدم

البحث المتقدم

السيدة الزهراء عليها السلام سيدة الميادين

0 تقييم المقال

كانت ولا زالت المباحثة ومناقشة الدرس هي احدى محطاتنا في الدراسة الحوزوية، وهي تنفعنا كثيرا في فهم المطالب والافكار التي يطرحها الاستاذ، و لكن كثيرا ما كان يحصل امر غريب يثير فينا الحيرة والدهشة!
فالمباحثة عبارة عن مراجعة لمادة الدرس وشروحات الاستاذ وفي الاثنان قد  تُثار بعض الأسئلة من باب لماذا ؟وكيف؟ والتي قد نعجز في احيان كثيرة عن اجابتها، ولكن المدهش في الأمر هو ان  احدى الأخوات كانت  تقترح جوابا معينا وعندما نرجع به الى الاستاذ يتبين لنا صوابية الجواب!
تكرر الامر وازدادت الحيرة، فتلك الزميلة العزيزة لم يسبق لها طرق أبواب الحوزات الدينية ولا حظ لها في العلوم الأكاديمية التخصصية.
و عندما كنا نسألها عن مصدر الجواب تقول ببراءة شديدة ' انا لا اعلم ولكني افكر في المطلب وفجأة يقع الجواب في نفسي وكان شخصا ما يهمس به في اذني !' 
شغلني الأمر لكني رجحت انها قد تكون سمعت الإجابة في مكان ما واختزنته في ذاكرتها،وهو ما يعرف بفعالية اجترار المعلومة؛ قضية علمية متعارف عليها.
هذا هو التفسير المنطقي الوحيد الذي خطر في ذهني، ولكن الشيخ حبيب الكاظمي كان له رأي آخر!
في ذلك اليوم وانا أستمع لمحاضرته القيمة من على شاشة التلفاز ،  كان كأنه  يجيب على سؤالي وذلك حين ذكر رواية عن الإمام الصادق عليه السلام اذ يقول ( ليس العلم بكثرة التعلم بل العلم نور يقذفه الله في قلب من يريد الله ان يهديه)، ثم عقَّب قائلا :" إن الانسان كلما ازداد ارتباطه بالله سبحانه عبر إخلاص النية في العمل والزهد في متاع الدنيا الفانية، كلما تفتحت أمامه أبواب العلم والمعرفة فيكون فهمه حاضرا وجواب مسائله متوفرة، تماما كالشخص الذي يكون متصل بشبكة انترنت جيدة، فإن محرك بحثه يكون اسرع واقوى). 
عندما ننظر الى القضايا العلمية او حتى الاجتماعية  من الجانب الاشراقي المُمعِن في تهذيب النفس وتزكيتها، فإننا نختصر مسافات شاسعة من البحث والدراسة، لان مادة الفهم هو علم الله المطلق.
نفعني ذلك الفهم في ان ادرك، ولو نسبيا،  سبب ذلك  الحراك الموجي والتأريخي الواسع للسيدة الزهراء عليها السلام،  والسبب الداعي لنيل مقام سيدة النساء! فايمانها معرفة و عقيدتها عمل وذكر الله حاضر في كل آن، ورضاه هو المنى، فكيف لا تفتح لها ابواب علم رسول الله بمضامينها العالية وآفاقها اللامتناهية !  فحازت كمالات العلم والمعرفة حتى باتت متفوقة في كافة ميادين الحياة الاجتماعية والأسرية والعلمية والعبادية  وحتى الجهادية.
هي سيدة النساء لانها سيدة الميادين بلا منازع! 
فأولئك النسوة المباركات المذكورات في القرآن الكريم ، قد تناولت كل واحدة منهن غصنا من شجرة المعرفة لتذود به عن دينها وعقيدتها، فالسيدة آسية جاهدت السلطان الجائر فرعون، والسيدة مريم قد احصنت فرجها وصبرت على بهتان قومها، وام موسى صدقت ايمانها حين العنف لامر ربها، وزوجة أيوب الصابرة كانت نعم العون لزوجها في ايام المحنة والبلاء؛  ففتح الله  عليهنَّ ابواب  الوحي ليلهمهنَّ فعل الصواب.
لكن مولاتنا الزهراء  هي تلك الشجرة المباركة، بكل اغصانها واوراقها وثمارها التي كانت تلقي بأفياها الحانية على ميادين الحياة المختلفة. 
وقد اورثتنا مفتاح كنز من كنوز تميزها، وعلمتنا كيف نتسيد الميدان، وذلك حين قالت: (من أصعد إلى الله خالص عبادته أهبط الله عز وجل إليه أفضل مصلحته)* 
ان تكون طاعة الله ورضاه من وراء القصد، كفيل بأن يجعل الانسان اهلا لتلقي الطاف الله سبحانه ونعمه السابغة. 
فالسلام على السيدة البتول السلام على فاطمة وابيها وبعلها وبينها ورحمة الله وبركاته.

نعم
هل اعجبك المقال