
إنَّ للخلود أسبابًا مختلفة، وأشرفها أنْ يكون في خدمة الأمة وحياتها، وإنقاذها من جهالة، وإخراجها من ظلمات إلى نور، وهذا سبيل العلم والعلماء الذين غَدَا مدادُهم يعدل دماء الشهداء، وتبقى ذكراهم في آثارهم، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام": (وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ).
وشيخنا الطهراني آقا بزرك .. أحد مصاديق هذا الشرف والخلود، الذي بذل عمره من أجله، فسهر الليالي في البحث والتصنيف، وانتقل في البلدان في التقصِّي عن قراطيس الأعلام، ولم يذق طعم الراحة والمنام ليورِّث للأمة كنزًا عظيمًا، وأتعب جوارحه فأحنى ظهره، وغارت عيناه، وضعفت يداه ليوثَّق تاريخ أمة، وهذه صورة شاهدة على واحدة من ساعات جهاده من المهد إلى اللحد؛ ليسدَّ ذريعة كُلِّ متهاونٍ، أو متكاسلِ، أو فارٍّ من الزحف في ساحة جهاد العلم ..
فكان من آثاره سِفره الخالد (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ليكون دالًا عليه، وعنوانًا على خلوده، بل اسمًا له يتردد على ألسن الأعلام، وفي كتابات المحققين، ومدرسة للباحثين عن الخلود في الأمة.
فالذريعة أحد سلسلة مؤلفات الأعلام الأوائل في هذا الباب "رحمهم الله" فهو:
كتاب يعرِّف عظمة صاحبه وجهده وجهاده في سبيل خدمة العلم والعلماء والباحثين ..
وكتاب لا يستغني أي باحث أو محقق عن مراجعته أو الاطلاع عليه ..
وكتاب هو مصدر مهم للتعريف بأعلام الطائفة وعلمائها وجهادها في نشر العلم ..
وكتاب موسوعة معارف في علوم شتى تغني الباحث عن مراجعة مؤسسات ومكتبات ..
وكتاب وثَّق مكتبات عامة في أرجاء البلاد، ومكتبات خاصة ومخطوطات، لأعلام بعضها قد غيَّبتهم عاديات الزمان ..
وكتاب كان وسيبقى شاهدًا خالدًا على هِمَم الرجال الصادقين ما عاهدوا الله عليه ..
وكتاب هو حجة عظمى على المؤسسات والجامعات والمراكز العلمية التي تعمل بمجاميع من الرجال والأموال ..
وكتاب سيحكي للأجيال معنى كلمة العلم، وعظمة كلمة العلم، وإعجاز آثار العلم ..
وكتاب فضح أدعياء العلم القائلين أين علماء الشيعة؟!!
أو هل للشيعة علماء؟!!
أو هل هناك ما يدل على وجودهم؟!!
أو هل هم من المسلمين؟!!
أو .. أو .. فموتوا بغيظكم فهذا الذريعة ..
وكتاب سيفخر به العرب والعجم، ويحكي كلٌّ منهم مفاخره، وعظم رجاله ..
فهذه إشراقة من إشراقات شيخنا الطهراني عنوانها (أمة في قرطاس) فهنيئًا للأمة به .. وهنيئًا للأجيال به .. وهنيئًا للتاريخ به ..
وسلامٌ عليك شيخي وعلى ذريعتِك، التي أشرقت شمسها على أمة قرطاس، ورحمةٌ من الله وبركاتٌ




تقييم المقال


