البحث المتقدم

البحث المتقدم

الفتنة في سبات لعنَ اللهُ منْ يوقضها.. العراق فوق الجميع

0 تقييم المقال

   تعدّ موضوع " الفتنةِ " واحدةً منْ أكثرِ الكلمات حضورا في الوعيِ العربيِ والإسلامي، لما تحملهُ منْ حكمةٍ عميقةٍ وتحذيرٍ صريحٍ منْ عواقبِ العبثِ باستقرارِ المجتمعاتِ فالفتنة، بكلِ أشكالها السياسيةِ والاجتماعيةِ والطائفية، ليستْ مجردَ حدثٍ عابر، بلْ شرٌ إذا اشتعلَ التهمتْ نيرانهُ الأخضرَ واليابس، ودفعتْ بالأوطانِ إلى دواماتٍ لا تنتهي منْ الصراعِ والانقسام. وفي زمنٍ تتسارعُ فيهِ الأزماتُ وتتشابكُ المصالح، يصبح استحضارُ هذا التحذيرِ ضرورةً سياسيةً وأخلاقية، لتأكيدِ أهميةِ الحفاظِ على السلمِ الأهلي، وإدراكَ خطورةِ الخطاباتِ المحرضة، والممارساتُ التي تزرعُ الشكَ والعداءَ بينَ أبناءِ الوطنِ الواحد. ومنْ هذا المنطلق، تأتي الحاجةُ إلى قراءةٍ واعيةٍ لمسارِ الأحداث، وتقييم دقيقٍ للسياساتِ التي قدْ توقظُ فتنةً خامدةً تهددُ استقرارَ الأمةِ ومستقبلها. 
    تعدّ العمليةُ السياسيةُ في العراقِ واحدةً منْ أكثرِ الملفاتِ تعقيدا في العصرِ الحديث، لا سيما بعدَ الانتقالِ منْ نظامٍ دكتاتوريٍ إلى نظامٍ ديمقراطيٍ ناشئ، يواجهَ كما كبيرا منْ العقباتِ والمطباتِ التي تبدو في كثيرٍ منْ الأحيان، وكأنها وضعتْ عمدا لتعطيلِ المسارِ السياسيِ وإعادتهِ إلى الوراء. وكأنَ هناكَ توافقا غيرَ معلنٍ على إبقاءِ الوضعِ السياسيِ مرتبكٍ وغيرِ مستقر، بما يحولُ دونَ تقدمُ العراقِ، رغمَ ما يمتلكهُ منْ ثرواتٍ  وموارد مائيةٍ وزراعيةٍ ومعدنية، فضلَ عنْ تنوعهِ البشريِ والثقافيِ، الذي يفترضُ أنْ يشكلَ مصدرُ قوةِ ، لوْ أحسنَ استثمارهُ منْ قبلِ المختصينَ وأصحابِ القرارِ في السلطةِ التنفيذية.
     شهدتْ الأيامُ الأخيرةُ جدلاً واسعا بعدَ إدراجِ بعضِ التشكيلاتِ العسكريةِ المناهضةِ للكيانِ الصهيونيِ ضمنَ قوائمَ " الإرهابِ " وفقَ التصنيفِ الصهيونيِ وداعميهِ منْ القوى المعادية، وقدْ نشرِ هذا الإدراجِ في الجريدةِ الرسميةِ العراقيةِ (الوقائعُ ) ، قبلُ أنْ يتمَ التراجعُ عنهُ لاحقا حكوميا، بحجةَ حدوثِ خطأِ مطبعيٍ أوْ لأسبابٍ أخرى، ومهما كانتْ المبررات، فإنَ تجنبَ الفتنةِ والتمسكِ بالوحدةِ أمر بالغٍ الأهمية، إذْ إنَ الشعبَ بحاجةِ إلى الاستقرارِ والطمأنينة، وتأمينَ لقمةِ العيش، وحلَ الأزماتِ القائمة؛ مثلٍ تأخرِ رواتبِ الموظفينَ والمتقاعدين، البطالة، نقصُ الخدمات، وأزمةُ السكن. لا يجبُ أنْ تلهينا النزاعاتُ الدوليةُ عنْ الاهتمامِ بمستقبلنا المحلي. فقدٌ وقعَ ما وقع، سواءً كانَ خطأَ أمْ لا، وعلينا تجاوزهُ والتركيزُ على المستقبلِ المجهول،- خصوصا- في ظلِ انخفاضِ أسعارِ النفطِ الذي نعتمدُ عليه، بما يضمنُ استقرارنا واستدامةُ حياتنا الاقتصادية.
   أدتْ هذهِ الخطوةِ إلى إثارةِ موجةٍ كبيرةٍ منْ ردودِ الفعلِ الداخلية، وصلتْ في بعضِ الأحيانِ إلى حدِ التهديد،- خصوصا- منْ قبلِ أولئكَ الذينَ يستغلونَ مثلٌ هذهِ المواقفِ لاقتناصِ الفرص، وإبعادَ خصومهم، أوْ التشهيرِ بمنْ يختلفونَ معهمْ في الرأي.
   إنَ مصلحةَ الوطن؛ هيَ البوصلةُ التي يجبُ أنْ نتجهَ نحوها مهما اختلفنا في بعضِ القيمِ والمبادئ. فالحلولُ الوسطيةُ هيَ الأنسب، فالعراقُ لا يحتملُ المزيدُ منْ الانقساماتِ بعدما عاناهُ منْ التجزئةِ القوميةِ والطائفية، التي ما زالتْ مترسخةً في عقولِ البعضِ ممنْ يغذونها، رغمَ الجهودِ الكبيرةِ التي يبذلها الجميعُ لتجاوزها إدراكا لنتائجها السلبيةِ على البلدِ وشعبه.

نعم
هل اعجبك المقال