البحث المتقدم

البحث المتقدم

مجالس الحسين عليه السلام في سجون الطاغية (2)

3 تقييم المقال

وهذا المكان ما هو إلا استكمال لما عرضناه في المقال الأول بشأن إقامة مجالس العزاء الحسيني في سجون الطاغية

يقول السيد باسم الحيدري:

 (السلام عليكم رحمة الله وبركاته، مما أذكره في مسألة إقامة المجالس الحسينية في السجن، فقد بدأت معي من أيام اعتقالي في نظارة الأمن في محافظة البصرة، فعلى الرغم من الضرب والتعذيب والدماء والأذى إلا أننا كنا في داخل السجن ونجلس في آخر الغرفة ونردد فيما بيننا كل الأناشيد والقصائد والردات التي كنا نحفظها لا سيما قصيدة (احنا غير حسين ما عدنة وسيلة) وكثير من الردات الشعبية، فضلا عن قراءة بعض الأشعار التي وردت في المقتل، وأغلب ما كنا نردده وقد أودى بمجموعة منا إلى الإعدام ترديد مقطع من قصيدة (يا حسين بضمايرنا)، وفي زنزانات أبو غريب (القافات) كنا نقيم المجالس الحسينية وقراءة المقتل كما ذكر الإخوة.

مما أذكره أن أصحاب السجن كانوا يأخذون مجموعة من السجناء إلى المحكمة، فكنا نردد هذه القصيدة لكل شخص يريد الذهاب إلى المحكمة وهي قصيدة (احنا غير حسين ما عدنا وسيلة) كنوع من السلوى للسجين ليتذكر الإمام الحسين عليه السلام وكدافع من العزم وبث الثقة في نفسه.

القصائد واللطميات وحتى آيات القرآن التي كنا نكتبها وبعض الأدعية أيضًا، في بعض الأحيان نخفيها في ملابسنا أو أماكن أخرى إذا ما حدث تفتيش للزنزانات في بعض الأحيان.

واظبنا مدة من الزمن على صلوات الجماعة وقراءة الأدعية والزيارات من لدن من كان يحفظ الأدعية من الإخوة.

من الإخوة في السجن شخص يدعى (أبو محمد) رحمه الله كان حافظا للمقتل بشكل كامل، فكان بين مدة وأخرى يكتب لي مقطعا منه أو يحفظني إياه، فإنا كنت محاضرا ولدي معلومات كثيرة بخصوص الوعظ والإرشاد، أما بعض الأشعار والنعي فكنت بحاجة إلى الحفظ، لذا انبرى (أبو محمد) رحمه الله وأخذ يحفظني المقاطع التي يحفظها لكي أرددها في مجالسي.

والسيد (هادي الشوكي) كان من قياديي حزب الدعوة في تلك الحقبة، سجن معنا، وأقام معنا بعض المجالس الحسينية إذ كان خطيبا بارعا في هذا المجال.

في مدة ما من الزمن أعطيت بعض الحرية للسجناء فيما بينهم فكنا نحن كخطباء منابر ننتقل من غرفة إلى أخرى بالتناوب لإلقاء المحاضرات الدينية والحسينية في داخل القاف الواحد، وهذه المجالس كان تعطينا نوعا من الصبر على البلاء، فما نزل بنا كنا نحسبه هينا بما نزل بالإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.

مما أذكره أن شخصا يدعى (الشهيد مهدي عبد جاسم) جاء إلى إحدى غرف الأمن العامة، بعد التحقيق معه بتهمة تهريب السلاح، ففي إحدى المرات جاء ضابط التحقيق لكي يعذب من في الغرفة فقام له الشهيد مهدي، وقال له: اضربني بدلا منهم فإن كانت نيتك أن تضرب كل واحد مهم (25) مرة وعدد الموجودين (4) فاضربني (100) مرة بدلا عنهم، فعلا تم ذلك وضربوه ضربا مبرحا، ثم سأل الضابط الشهيد عن هذا الفعل، فرد عليه الشهيد: انا اتحمل الضرب بدلا عنهم، لأنك لا تعرف من تضرب، إنهم جيش الحسين، إنهم أنصار الحسين، ففيهم الشيبة كحبيب بن مظاهر، وفيه الشاب كعلي الأكبر والقاسم، فكيف أجعلك تمد يدك لتضربهم.

فكانت قضية الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل البيت من القضايا التي تعطينا العزم والثقة والصبر في تلك الحقبة المظلمة من عمرنا في داخل السجن).

 

 

نعم
هل اعجبك المقال