لولا هذه التضحيات، لكان العراق في وضع لا يُحمد عقباه.. قراءة واقعية ومنطقية.
وصرح السيد محمد بحر العلوم أحد معتمدي المرجعية الأعلى معترفاً بالقول: "بأن المرجعية انتصرت على قاسم، ولكن القوميين استفادوا من ذلك، وصعدوا على أكتافنا، ونحن (أي الإسلاميين) لم نلتفت إلى الأمر إلا بعد بضعة أشهر بعد فوات الأوان"، وأثارت هذه الممارسات البشعة حفيظة الإمام الحكيم، فأعلن عن استنكاره الشديد لها وطالب بإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء.
وأبرقت المرجعية الدينية إلى السلطة في بغداد شاجبة ذلك النفاق السياسي، وطلبت من وكلائها في المدن العرقية بتقديم برقيات تحمل عبارات الاستهجان والاستنكار. ويُذكر أن السيد الحكيم مثلما فعل في أيام المد الشيوعي، عاد ليحتج بطرق متعددة على البعثيين عندما استخدموا القسوة مع خصومهم السياسيين، وعاتبهم بشدة على الممارسات الوحشية، وانتزاع الاعترافات بالقوة من المعتقلين (حتى وإن كانوا شيوعيين). وقد تابع كثيرون من علماء الدين وممثلوه في المدن والنواحي خطى المرجعية، واعتصم بعضهم في الجوامع محتجين على الممارسات والمطاردات والتعذيب، ومحذرين الحرس القومي من مغبة الاستمرار في ذلك.
وأوفدت المرجعية عدداً من العلماء يمثلونها لمقابلة رئيس الوزراء احمد حسن البكر (1914 – 1982)، وإبلاغه من خلالهم نصائحها الدينية، وتأكيدها على نبذ الخلافات المذهبية، ورفض الاستفزازات للمرجعية، وانتهى اللقاء بتشكيل لجنة مشتركة من ممثلي المرجعية والحكومة للنظر في تعديل مناهج التعليم وإصلاح إدارة الأوقاف، والسماح بتدريس الفقه الجعفري، وتطبيق العدالة الاجتماعية، ومراعاة الأحكام الإسلامية في إصدار القوانين ومراقبة أجهزة الإعلام الحكومية، ومنع استخدامها كأداة للتفرقة بين المسلمين وغيرهم.
وبعد مدة قصيرة لجأت الحكومة – كدأبها – إلى المماطلة والتسويف، لا سيما أنها لم يكن بوسعها الرفض صراحة تجنباً للصدام، فعمدت إلى كسب الوقت في مواجهتها للمرجعية الدينية، تمهيداً لإقصائها، بل وإلغاء دور الحوزة العلمية من المشهد العراقي، ولم تف بوعودها التي قطعتها للوفد، لا سيما تلك الخاصة بإعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية.
وتكلمت مرجعية السيد الحكيم بلسان المسلمين جميعا في العراق، حينما أعلمت الحكومة بطرق مختلفة ..... يتبع
المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 223