كان والدي الحاج كاظم البغدادي يشتغل في الفاو {مخلص في كمرك الفاو} من الاربعينات لتاريخ وفاته عام 1979. وكان يتقن اللغة الهندية والفارسية وله علاقات واسعة مع تجار الخليج الذين يستوردون التمور من العراق.
غير ان الهنود السيخ كانوا يشكلون النسبة العظمى من تجارة استيراد التمور من العراق حين يصلون الفاو يأتون لبيتنا معهم {المنفيس} يسلمونها لوالدي احيانا في بيتنا ويطلبون مبالغ مالية لشراء مواد غذائية من سوق الفاو. في أحد الايام طرقوا بابنا فقمت بفتح الباب وادخلتهم للاستقبال وكان والدي يصلي وقتها. بعد ان انتهى من الصلاة جاء ربان السفينة ومسك تربة الحسين وسال والدي. ما هذه التربة التي تصلي عليها؟ وكان كلامهم باللغة الهندية وترجم والدي بعد ذلك حوارهم.
اجابه والدي انها من تراب كربلاء فيها قبر ابن رسولنا محمد{ص} وهو سيد شهداء الامة. ثم قال: حين تتوقف المسائل عندنا نسأل الله بالحسين{ع} وترتبه فيها بركات كثيرة.. ضحك الربان وقال {هذا جهاز فيه مزايا متعددة} فطلبها ووضعها في جيبه.
في السنة التالية جاء الى العراق {الفاو} وكانت فترة شهر محرم. ودخل قبل صلاة المغرب بساعة الى الحسينية.. كان عندنا الخطيب الشيخ حميد المهاجر وتحديدا عام 1971م. طلب من والدي جميع الترب المخصصة للصلاة. فعلا اعطوه عددا كثيرا منها. وكان المصلون ينظرون الى السيخ بتعجب. والمهاجر كان يتصور انهم تشيعوا.. فسالهم والدي عن سبب حملهم ترب الحسين{ع} فقال الربان: تتذكر التربة التي أخذتها من بيتك قبل سنة.؟ قال والدي نعم. قال: اثناء رجوعنا الى الهند تعرضنا لعاصفة قوية جديدة حتى أنى اعطيت اوامر ان يختار البحارة برميلا او خشبه كبيرة لان السفينة ستغرق.
وكانت تتقلب بين الأمواج، كنت قد وضعت التربة الحسينية على {الدشبول} فرايتها تزحف الى جهة اليمين واليسار مع تقلب السفينة. فتذكرت كلامك انه لو ضاقت بنا السبل ندعو الله بالحسين {ع} وتربته. وقلت انا اعرف الحاج كاظم أكثر من ثلاثين سنة لم يكذب علينا كذبة واحدة. فأخذتها وخرجت من قمارة القيادة وتوجهت نحو العراق وناديت: يا حسين ان كان جدك فعلا رسول الله. وانت فعلا سيد الشهداء في الاسلام. وتربتك هذه لها كرامة. أنقذنا يا حسين. وصرخت بأعلى صوتي ورميتها في البحر. قال اقسم بمقدساتي كانت الامواج كالجبال. ولكن ذهلنا جميعا حين اصبحت بجانب السفينة مساحة 50 م من كل جانب لا يتحرك الماء ولا موج يصلنا. وهدأت السفينة.
بقينا بين الامواج دون ضرر علينا. الى ان كشف نور الشمس. وجدنا سفينتنا تبعد كيلو متر واحد عن باكستان. ثم استأنفنا سيرنا الى الهند. وتحدثنا بهذه الكرامة وأخبرونا الهنود الشيعة انهم يستخدمونها عند عسر ولادة النساء. وقد ذكر الشيخ حميد المهاجر هذه القضية مرتين لأنه سمع الحوار منهم. الاولى في مجلس في البحرين في زمن الطاغية بالتسعينات. وذكرها مرة اخرى في الصحن الحسيني بعد سقوط النظام.