وقف السيد الحكيم موقفًا معتدلًا ومحايدًا تجاه الحركة الكردية المسلحة في شمال العراق، فقد حاول حل ذلك الخلاف بالتفاهم بعيدًا عن لغة السلاح، وأكد على الحكومة بوجوب احترام الدماء البريئة، وعدم اراقتها أو نهب الأموال وهتك الأعراض أو محاصرة المدن في الشمال، فكان تعاطف المرجعية واضحًا مع الأكراد، وربما ذلك ناتج من الشعور بقسوة السلطة الحاكمة على الأكراد والشيعة، وأن مشكلة الاثنين في العراق وما يتعرض له الطرفان من تمييز، واحد في جميع الظروف.
لكنه في الوقت نفسه نصح الزعيم الكردي الملا مصطفى البرزاني (1904 – 1979) بالنصائح ذاتها، وزاد عليها بأنه يجب أن تكون مطالب الأكراد مشروعة وعقلانية ومعروضة بشكل سلمي، ويمكن للحكومة تنفيذها من أجل المحافظة على شعبه في الشمال، وتمحورت مساعي المرجع الحكيم حول ضرورة الأخذ بالحل السلمي، وكتب مرة أخرى إلى الملا مصطفى البارزاني ما نصه: " طلبنا وزير الزراعة عبد الحسن زلزلة وحضر وزير الداخلية، ونصحنا الحكومة بما من شأنه المحافظة على الدماء البريئة من أن تراق وعلى الأعراض والأموال المحترمة من أن تنتهك أو تنهب وأجابت إلى ذلك كله وتعهدت لنا بالمحافظة على جميع ذلك حسب الأماكن، وأنا الآن أنصح لكم كما نصحت لهم فيجب عليكم المحافظة على هذه الأمور ".
ونصحت المرجعية المسؤولين بإيجاد الحلول السلمية للمشكلة، والتأكيد على ضرورة إلغاء الفوارق بين القوميات والطوائف. واستثمرت المرجعية العلاقات المتينة التي أقامتها مع قادة الحركة الكردية، فعقدت مؤتمرًا عامًا في كربلاء المقدسة حضره جمع من العلماء وطلبة الحوزة العلمية، استنكرت فيه الحرب بين أبناء البلد الواحد والدين الواحد، ودعت إلى تحقيق العدالة والمساواة، وإعادة الحياة الديمقراطية للبلاد، وتحصيل الحقوق بعيدًا عن أجواء الحرب.
وحمل السيد محمد مهدي الشيرازي من كربلاء المقدسة حكومة عبد السلام عارف وسياستها القومية مسؤولية ما أسماه بـ (التمرد الكردي)، وأعلن أمام وفد الحكومة الذي طالبه بإصدار فتوى الحرب على الأكراد قائلًا: "أن الأكراد مسلمون كما أن العرب مسلمون، فإذا أنتم بنيتم حكومتكم على القومية العربية فهم تعلموا منكم، ويريدون أن يبنوا حكومة لأنفسهم على القومية الكردية، وهل باؤكم تجر وباؤهم لا تجر؟، إنكم إذا طبقتم المساواة الإسلامية بين الأكراد والعرب، ففي ذلك اليوم يلقي الكردي سلاحه".
طرح بعض رجال الدين فكرة تغيير النظام السياسي القائم عن طريق عمل عسكري شعبي حاسم تحت رعاية المرجعية، يعيد الحق إلى نصابه، لكن المرجع الأعلى لم يحبذ ذلك، فقد تساءل عن قدرتهم لمواجهة ما سيحدث ومعرفته بكيفية إدارة الدولة بعد إسقاطها، وما سيترتب على ذلك من نتائج، وهل هم مهيأون لمثل هذا العمل، ومن هو الكفؤ الذي يتولى القيادة في حال النجاح. ويجب الاعتراف بعدم وجود تنظيم حزبي رصين داخل الحكومة، ولا حتى تنظيم عسكري يوالي المرجعية، ويعتمد عليه داخل الجيش.
المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 231

 
			  


 
      


