البحث المتقدم

البحث المتقدم

١٠ ربيع الأول ١٤٤٧

قُبل بكلية القانون فتخرج شهيداً

لا أعلم؛ هل أنها دموع الفرح؟ أم دموع الحزن، التي تنساب مني، كلما تناولت درساً من دروس الدفاع المقدس، ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾، وأيُّ هدى هذا الذي يمضي اليه المتطوعين؛ لتلبية نداء السماء، والوقوف بوجه أعتى اشرار الأرض في التاريخ المعاصر، فكانت لنا وقفة لاستذكار شهيد من شهداء العقيدة والوطن.

عامر باشي الجبوري، مواليد محافظة الديوانية قضاء الحمزة الشرقي، عام 1987م ذو سبعة عشرين ربيعاً، ترك عائلة من النساء والأطفال، نحو ملتقى الإمام الحسين (عليه السلام)، وهنا تكمن أسباب البكاء تارة للفرح، حيث نال وسام شهادة، وأخرى لتركه نسوة عميت عيونهن عليه من البكاء.

عرف الشهيد عامر منذ نعومة اظفاره، بولائه لأهل البيت (عليهم السلام) وارتباطه العقائدي بالمرجعية الدينية، لا سيما المرجع الأعلى الإمام السيستاني، فكانت يتمتع بعشق كبير، ومتابعة جيدة منذ نشأته للقضية المهدية، وكونه اباً لولدين، وأربع بنات، وليس لديه عمل ثابت، كان يعمل إعمال حرة، في مجال صيانة مشاريع الكهرباء، تخرج من الدراسة الإعدادية المسائية، وقُبل في كلية القانون عام 2014م.

كان محبوباً لدى أصدقائه بمنطقته، يتفقدهم ويسأل عنهم، ويتواصل حتى مع من يقاطعه، أو يبتعد عنه، ترك بفراقه فراغاً لدى محبيه، فإنه ذو فطرة سليمة، يمتلك صفات حميدة، وأخلاقاً فاضلة.

وعندما أطلق المرجع الأعلى فتواه بالدفاع المقدس، لصد تمدد داعش في حزيران عام 2014م، كان الشهيد عامر متحمساً جداً للمشاركة، وكثيراً ما يردد (هذه فرصتنا وقد لا نحصل عليها لاحقاً).

شارك في قاطع عمليات تكريت، منطقة البو عجيل، كانت المنطقة مكتظة بالبساتين، مما تشكل صعوبة في المواجهة مع الأعداء، ومعرفة تواجدهم مع قلة الإمكانيات التقنية، في بداية انطلاق الفتوى، كان شهيدنا عامر يتفقد نقاط المرابطة في أحد البساتين، بالمقابل كانت هناك مجموعة من البيوتات تسيطر عليها العناصر الإرهابية، وفي الاثناء تعرضت إحدى تلك النقاط لهجوم مباغت، اضطر بعض المتواجدين فيها لتركها.

بقي الشهيد عامر، واثنان من زملائه في مواجهة الإرهابيين، يقاتلونهم قتالاً شرساً، بالسلاح الــ (pkc) المتوفر، حتى انتهت ذخيرتهم، فتوجه الشهيد لسلاح "الدوشكا" بالأثناء، كان العدو يتربص به، وحاول أكثر من مرة إصابته، فلم يمتكن منه، نظراً لشجاعته وبسالته، الا أن حصلت ثغرة في ساتر الصد، مما مكن الإرهابيين من إصابته من خلال ذلك، لينتقل الى الرفيق الأعلى مضرجاً بدمائه الطاهرة.

يروى أن آخر كلمات كانت ينادي بها الشهيد هي: (لبيك يا حسين)، فوجدت جثته بعد خمس ساعات من استشهاده، وهو رافع أصبعيه بـــــ (علامة النصر)، فهكذا هم الرجال، الذي لا بد أن يسطر التاريخ بطولاتهم، ويخلدهم مفاخر للأجيل القادمة، فشهادة الشهيد عامر، تمثل درساً عميق المعاني بالتضحية والفداء من أجل العقيدة.

 

بقلم: عمار العامري

 

مواضيع ذات صلة