يعدّ التشاؤم موضوعًا أزليًا يصعب الخلاص منه، إذ يرتبط بأمور كثيرة كالحيوانات، الأشخاص، الكلمات، وحتى الأرقام والأيام، على مر العصور، أصبح البعض يتشاءم من أمور لا منطقية، ممّا أثّر على حياتهم وتصوراتهم.
من الأمثلة الشهيرة على ذلك طائر البوم، الذي ارتبط بالعديد من الخرافات، فبعض يشبه الشخص المزعج بهذا الطائر، على الرغم من أنّ البوم في الحضارات القديمة، مثل البابلية، كان رمزًا للحكمة، وقد أضافت المجلات العلمية والأدبية صورًا لهذا الطائر وهو يرتدي نظارات، ممّا يدلّل على دوره الإيجابي.
ومع ذلك، انتشرت خرافة التشاؤم من البوم بسبب أحد الملوك الذي ادّعى أنّ رؤيته لها في الصباح تجلب له الشؤم والمصائب.
بجانب البوم، هناك من يتشاءم من القطط السوداء، وذلك لاعتقادهم بأنها تسكنها الأرواح الشريرة، والبعض الآخر يتشاءم من أيام معينة أو أرقام محددة، وقد ارتبطت هذه الأفكار بالخوف والوسواس، إذ يخشى بعض الناس من الحسد إلى درجة تمنعهم من الاستمتاع بالفرح.
أهمية الكلمات وتأثيرها
تلعب الكلمات دورًا كبيرًا في تشكيل نظرتنا إلى الأمور، هناك قصة مشهورة عن ملك رأى في منامه أن أسنانه سقطت كلها عدا سن واحد، وعند تفسير الرؤيا، قال له أحد المفسرين: إنّه سيفقد جميع أحبائه، مما أغضب الملك وأدّى إلى إعدام المفسّر، فيما فسّر مفسّر آخر نفس الرؤيا بأنّه سيعيش طويلاً، ممّا أسعد الملك وكوفئ المفسّر. هذا يوضح كيف يمكن أن يكون لتغيير بسيط في الكلمات تأثير كبير على مشاعر الإنسان.
الإيمان بالله
في مواجهة التشاؤم، يجب أن يكون الإيمان بالله عزّ وجلّ هو الأساس، فالله قسّم الأرزاق وكتب الأقدار، ولا تستطيع الشياطين أو أي قوة أخرى التأثير عليها، قال الله تعالى: "ولقد زينا السماء بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير" (سورة الملك: 5).
فالأرزاق محفوظة عند الله، ويوزّعها في أوقات معينة كالفجر والغروب، مما يجعل من المستحب أن يصلي الإنسان ويدعو في هذه الأوقات.
ظهرت في الآونة الأخيرة علوم كالفلك والطاقة التي تحاول تفسير طباع الإنسان وحظه بناءً على معلومات معينة.
لكن الأمور الغيبية تظل بيد الله وحده، هناك أيضًا من يؤمن بتأثير الأحجار الكريمة، لكن الحقيقة أن هذه الأمور غالبًا ما تكون بلا أساس علمي.
يبقى التشاؤم موضوعاً معقداً ومتداخلاً مع العديد من الثقافات والمعتقدات، وعلى الرغم من تعدد الحلول التي وضعها الناس، يبقى الإيمان بالله هو الحلّ الأكثر صدقًا وصحة، فكل إنسان يواجه تحدياته ومعاركه الخاصة، ولكن الإيمان بأنّ الخير فيما اختاره الله يعطينا القوة لمواجهة تلك التحديات بثقة وتفاؤل.