أحيوا أمرنا
روي عن الإمام علي الرضا "عليه السلام": ((صِلْ رَحِمَكَ وَلَوْ بشربةٍ من ماءٍ، وأفضَلُ ما تُوصَلُ بهِ الرَّحِمُ كَفُّ الأذَى عنها، وقال في كتابِ اللهِ: "وَلَا تُبْطِلُوْا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى"))
المصدر: تحف العقول ص٣٢٧
إنَّ تربية الإنسان وبناء شخصيته من أهم مناهج مدرسة الثقلين في سيرتهم
المباركة، وهذا ما نراه جليًّا في أقوالهم وأفعالهم ووصاياهم لتلاميذهم وشيعتهم، وقد وثَّقت المؤلفات ذلك في صفحاتها المباركة.
-١-
إنَّ صلة الرحم من الأمور المهمة التي أكدت عليها الشريعة المقدسة، حيث الروايات المتعددة التي تؤكد على أهمية صلة الرحم وأنها من موارد رحمة الله تعالى، والتحذير من قطيعة الرحم وأنها من الكبائر، والمؤمن عليه أنْ يكون ملتزمًا بتعاليم الشريعة التي ينتمي إليها؛ لينطبق عليه عنوان (الإيمان)، وفي ذلك بناء للشخصية الإسلامية على تعاليم ما تنتمي إليه، وتفخر به بين الآخرين، وهذا الانتماء يجب أنْ لا يكون مجرد أقوال بل أفعال نرى آثارها في الواقع.
-٢-
إنَّ الإمام أبا الحسن الرضا (عليه السلام) في هذا الحديث المبارك إنما يؤكد على أمور ثلاثة ينبغي معرفتها أولًا، والعمل بها ثانيًا، والتعريف بها ثالثًا؛ لنكون من الدعاة إليهم في إحياء أمرهم "صلوات الله عليهم"، وهذه الأمور:
١- بيان ضرورة التواصل بين الأرحام دائمًا، وإنْ كان يتضمَّن هذا التواصل عطاءً بسيطًا جدًّا مثل (شربة الماء) الذي فيه إشارة إلى العطاء عامة، الدال على المحبة والإيثار والبذل وعدم جفاء الرحم، وفيه تمام التأكيد على عظمة صلة الرحم ومقامها عند الإمام "عليه السلام".
٢- بيان صورة مهمة أخرى من صور الصلة للرحم وهي قائمة على اجتناب إيذاء الرحم خاصة لسوء هذه الصفة في بناء الشخصية، والدعوة إلى التفكير كثيرًا في عدم الاعتداء على الأرحام ولو بكلمة تؤدي إلى الإساءة إليهم، فضلًأ عن عمل لا سمح الله.
٣- التذكير بكتاب الله تعالى وما تضمَّنته الآيات المباركة من تعاليم تربوية رائعة في الحفاظ على العلاقات الإنسانية، بل الإشارة إلى اجتناب أدنى الأذى في ذلك في الحفاظ على المشاعر، وضرورة الرجوع إلى تعاليم الله والابتعاد عن وساوس شياطين الإنس والجن، وخصوصًا "شياطين الإنس" في هذا المورد.
-٣-
أخيرًا..
وفي الدعوة الرضوية لإحياء أمرهم علينا:
١- إعادة مراجعة النفس فيما يتعلق بصلة الأرحام، وخصوصًا الأقربون منهم، وبناء علاقة إلهية جديدة معهم إذا كانت على غير ذلك سابقًا.
٢- المحافظة على العلاقات الطيبة مع الأرحام، ومحاولة إدامتها وتقويتها والتشجيع عليها في الجيل الثاني من الأقارب عند الأبناء.
٣- تعريف المجتمع الإسلامية بأهمية التمسك بهذه التعاليم المباركة الداعية إلى بناء الفرد والمجتمع بشخصية إسلامية واقعية.
٤- تعريف الناس عامة وغير المسلمين بتعاليم النظام الإسلامي القائمة على كرامة الإنسان وحفظها من كُلِّ ما يسيء إليها.
٥- التفكير دائمًا بأدنى الأذى الذي قد يصدر من بعضنا والذي يؤدي إلى خدش المشاعر، فضلًا عن غير ذلك، فالمشاعر الإنسانية لها مقام عند الله تعالى.
جعلنا الله وإياكم ممن يحيي أمرهم ليتعرف الناس على محاسن كلامهم فيتَّبعونهم .. والسلام