البحث المتقدم

البحث المتقدم

٢٥ ربيع الآخر ١٤٤٧

سلاح الشيعة بين التحييد والتجريد -قراءة تاريخية موجزة (2)

 

إنَّ القوى الصهيو@نية العالمية بذلت قصارى جهودها من أجل إيجاد كيان لإسرائيل في فلسطين منذ عقود من الزمن، وقد قامت بذلك في الاتفاقية المشؤومة المعروفة (سايكس-بيكو)، على إثر أحداث كبيرة في المنطقة، ولأجل أنْ يكون هذا الكيان في أمان مادي ومعنوي في استيطانه واحتلاله الجديد؛ ليأمن صعاليكه وأجناده؛ ويشجع أشياعه بالهجرة إليه من العالم، كان لا بد له من جعل حدوده آمنة من كل تهديد محتمل أو واقعي، آنيٍّ أو مستقبليٍّ، من جميع جهاته البرية والبحرية والجوية، فقام باحتلال أراضٍ متعددة من الدول العربية المجاورة لحدوده المزعومة كما في مصر والأردن وسوريا ولبنان. 
             
  ولمَّا كان الجنوب اللبناني الذي يحدُّ الكيان هم من الشيعة والمعروفون (شيعة جنوب لبنان)، فكان يخطط بكل صوره الإجرامية في الاعتداء عليهم؛ لعلمه بعقيدتهم الراسخة بوجوب تحرير المقدسات في فلسطين من كيانهم، وعدم الانصياع لهم أبدًأ مهما كان الثمن، وليس حالهم مثل غيرهم من المسلمين، وهذه المعرفة للكيان مصدرها معرفتهم التامة بعقيدة الشيعة تجاههم من جهة، وتجارب الاستعمار مع الشيعة من جهة أخرى، فما كان من الكيان إلا أنْ يحاول قهر الشيعة واحتلال مدنَهُم وقُرَاهم الحدودية، وما كان من شيعة لبنان إلا أنْ يكون لهم سلاح يواجهون به الكيان؛ للدفاع عن أنفسهم ووطنهم، وقد استطاعوا أنْ يحصلوا على ذلك، وخصوصًا بعد انتصار الجمهورية الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩م، وتطويرها بما يمكن مواجهة ذلك الكيااان.
            
وقام الكيااان بسلسلة من الاعتداءات الوجشية الكبيرة  والتهديدات للوجود الشيعي في الجنوب؛ لأجل تحقيق (القبَّة الجغرافية) لوجوده، وقد سطَّر حز& الله في لبنان الملاحم البطولية التاريخية في التصدي لهذا الكيااان في منازلات متعددة، أثبتت له عقيدة الشيعة في الدفاع عن المقدسات، وبطولات أبنائه المضحِّين من أجل ذلك، وسلاحه الذي يعدُّ قوة كبيرة، وتهديدًا لمخططات المحتلين، بل له القدرة على ضرب قلب الكيااان ومنشآته الاستيطانية العسكرية والاستخبارية والمؤسسات الأخرى، وهذا الأمر مما لا يمكن للكيان وسيده في أمريكا، وأعوانه في الغرب، وأذياله في المنطقة أنْ يقبلوا به.
              
وإضافة لبروز هذه القوة الكبيرة للمقاومة الشيعية للكيااان الصهيو@ني ومواجهته ومقاتلته، فقد برزت إلى الساحة الإقليمية بوجودها السياسي حيث التمثيل في القرار السياسي اللبناني بنوَّابها ووزرائها، والوجود الاجتماعي الكبير في لبنان والبلدان العربية، وخصوصًا بعد وقوفها مع منظمة حماس في طوفان الأقصى بغزة ضد الكيان في ٧ أوكتوبر ٢٠٢٣م، والقوى المقاومة الأخرى لأمر$يكا في المنطقة، فقد عمل العدو على خطته الكبيرة الرئيسة من التخلص في خطوة أولى من قادة المقاومة الشيعية في لبنان، فكان ضحية ذلك سيد المقاومة وأسدها الشهيد حس#ن ن@صر الله وغيره من الخط الأول، واليوم العمل قائم على قدمٍ وساقٍ وبكل شراسة سياسية وعيكرية من تلك الدوائر الاستعمارية لنزع سلاح الحزب وتهديده.

 أخيرًا.. 
 إنَّ محاولتهم تجريد الشيعة في الجنوب اللبناني من السلاح، وتهديدهم بالقضاء على المقاومة وقادتها، إنما لإيجاد الأمان لكيانهم المزعوم، وإتمام خضوع الشيعة لهم، كما تم خضوع غيرهم وخنوعهم، ولكن هيهات يكون لهم ذلك، ما دام هناك صوت يدوِّي في الأجيال منذ قرون .. هيهات منَّا الذلة.

محاولات الاعداء تجاه إيران 

إنَّ القوى العالمية بذلت جهودًا كبيرة بعد مرحلة الاستعمار في القرنين التاسع عشر والعشرين على إيجاد حكَّام للبدان التي استعمروها متعاونين معهم، أو موالين لسياساتهم، أو عملاء مطلقين، يمكن من خلالهم إعادة السيطرة على البلد مرة أخرى بطريقة جديدة، وهذا ما هو عليه أكثر البلدان، وكانت حكومة إيران قبل قيام الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩م كغيرها من الحكومات الموالية لأمريكا وسياستها الإمبريالية في حفظ مصالح الكيااان الصهيو@ني في إسرائيل خاصة، ومصالح أمريكا عامة، وكانت العلاقة قائمة على المودة وخدمة الاستعمار في أعلى المستويات، وتحقيق رغبات الصهيو@نية العالمية، وحصول شاه إيران على الدعم الكبير؛ ليكون المتسلِّط السياسي في المنطقة تشجيعًا له على طاعته لأمريكا.
                
  وبعد نجاح الثورة الإسلامية بزعامة السيد الخميني "قدس سره" وقطع أيادي الأمريكان والصهيونية عن إيران، بدأ العداء الأكبر للجمهورية الإسلامية الإيرانية (الشيعية) الوحيدة في العالم من خلال مؤامرات متعددة؛ لأجل أنْ لا يكون لها قوة سياسية وعسكرية يمكنها تهديد مصالح الصهيو@نية في الكيان المحتل لفلسطين، حيث عقيدة الشيعة بضرورة تحريرها من هذا الكيان الغاصب، ودعم قوى المقاومة الإسلامية والوطنية لتحرير فلسطين، فقد عملت أمريكا والغرب على تحييد هذه القوة (الشيعية) الجديدة في إيران؛ محاولة للقضاء عليها، أو إضعافها، أو تحييدها على الأقل في مساحتها الجغرافية فقط، وقد عملت لتحقيق ذلك في محاور ظاهرية متعددة، فضلًا عن الاستخباراتية الخفية.
            
فكانت أولى خطواتها الكبيرة الخارجية في المنطقة تهيئة عميلها صدام الصهيو@ني لخوض حرب مع إيران لمدة ثمانية أعوام (١٩٨٠-١٩٨٨م) استنزافية للطاقة البشرية والعسكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها، فضلًا عن الدعم الإعلامي الصهيو@ني العالمي في تخويف دول الخليج المجاورة خاصة، والدول العربية عامة من عقيدة الشيعة، وأنَّ إيران تهدد عقيدة السنَّة في هذه الدول وشعار (تصدير الثورة)، ولا بد من الوقوف ضدها بأي طريقة؛ عملًا على محاصرة الدولة (الشيعية) الفتية، وعدم فسح المجال لها بتكوين قوة عسكرية فاعلة، أو بتطوير قوتها فيكون التهديد أكبر للكيااان الصهيو@ني، وقد نجحت أمريكا بذلك حيث جعلت العراق يقاتل إيران، وجعلت الدول الخليجية تدعم العراق ماديًّا ومعنويًّا بلا أدنى فتور في سنوات حربه، فضلًا عن الدول العربية الأخرى، والغربية العالمية، فكانت تلك الويلات التي لم ينتفع منها إلا الكيااان الصهيو@ني وأسياده.
       
وبعد فشل أمريكا في تحقيق جميع أهدافها، وعدم استطاعتها القضاء على هذه الدولة (الشيعية) الفتية، أو تذليلها وجعلها مطاوعة لها في اتِّباعها، أو تذليل القائمين على الحكم فيها، برغم الحرب العسكرية والسياسية والإعلامية والحصار الاقتصادي الكبير، فقد برزت الجمهورية الإسلامية قوة لها وجود فاعل في المنطقة عسكريًّا أفضل بكثير من غيرها، وقوة سياسية استطاعت احتضان القوى الإسلامية المقاومة للكيااان المحتل مثل فلسطين ولبنان، ودعمها ماديًّا ومعنويًّا، ومحاولة إعادة العلاقات مع دول الخليج ولو بنسبة ضعيفة بعد تلك القطيعة والعداء المفتعل، وخصوصًا بعد غزو صدام للكويت عام ١٩٩١م، فكان لا بد لأمريكا والغرب أنْ يعيد الحسابات بطريقة أخرى في كيفية تحييد الدولة (الشيعية) وسلاحها وقوَّتها.

 أخيرًا.. 
 إنَّ محاولات الصهيو@نية العالمية المتكررة البائسة في تجريد سلاح الشيعة أو تحييده على مدى التاريخ، وفي بلدان الشيعة لم يتم لهم ذلك بسهولة إلا بمواجهات مختلفة، برغم أنَّ الشيعة فيها يمثلون مجموعات مجتمعية بنسبة متفاوتة في بلدانهم التي يحكمها الحاكم السنِّي، فكيف سيكون الحال الجديد واليوم الشيعة يمثلون الأغلب الأعم في إيران!! والحاكم فيها من الشيعة المؤمنين بمبادئ الثورة الإسلامية!! فعلى الصهيو@نية التفكير العميق، والعمل الكبير الدقيق لتحقيق أهدافها ..

ما بعد الحرب الإيرانية العراقية 

إنَّ القوى العالمية وعلى وفق معرفتها كما تقدم سابقًا  بالآيدلوجية الإيرانية كعقيدة ونظامٍ سياسيٍّ أنها ليست كدول المنطقة الأخرى التي يمكن كسرها أو احتواؤها بسهولة، فضلًا عن إخضاعها لهم، وأنها مناوئة للكيااان الصهيو@ني وتعلن ذلك صراحة، وتعمل في تعبئة الأمة الإسلامية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية في فلسطين خاصة وغيرها عامة، وضرورة توحيد القوى الشعبية والرسمية الإسلامية تجاه ذلك من جهة، في جبهة قائمة على تهيئة الشارع الإسلامي بمؤتمرات وتجمعات علمية وسياسية ونخبوية، ودعم القوى المجاهدة ماديًّا ومعنويًّا من جهة أخرى، هذا كله كان محفِّزًا كبيرًا للوقوف تجاه الجمهورية الإسلامية ومحاولة الردع، أو التحييد على الأقل لهذه القوى الإقليمية الجديدة المواجهة للكيااان وأسياده في أمر@يكا والغرب.

          
 وكذلك كانت الصهيو@نية العالمية تراقب الدولة الشيعية عن كثب في علاقاتها العالمية الدبلوماسية، والتفكير الجاد للجمهورية ببناء قدراتها السياسية والعسكرية وتطويرها في جميع المجالات؛ لذلك وضمن هذه التحديات الشيعية الكبيرة المتعددة لأمر@يكا كان عليهم القيام بخطوات عدائية واستفزازية وتحريضية في جبهات مختلفة؛ محاولة لتحييد الدولة الشيعية وإضعاف وجودها وتأثيرها، فكان منها بناء القواعد العسكرية الأمريكية بالقرب من إيران ومواجهتها، بل محاصرتها من جهات متعددة، وإقناع دول الخليج خاصة والعرب عامة بالتهديد الشيعي لهم وتحذيرهم، وبيع السلاح لهم بأموال طائلة استعدادًا للمواجهة، والقيام بالحصار الاقتصادي الغربي الجديد بذريعة سعي إيران في صناعة السلاح النووي وتهديدها للسلم في المنطقة، والصحيح هو تهديدها لإسرا#ئيل التي لا يمكن لأحد أنْ يمسَّها بسوء مع وجود أمر@يكا، فبدأت دوامة الصراع الخفي الجديد بعنوان تفتيش المصانع والمنشآت الإيرانية من قبل منظمة الطاقة الدولية، وهذه المنظمات التي تعمل جاهدة خفية في تحقيق مصالح الصهيو@نية العالمية.

              
وبدأ هذا الصراع الجديد إلى الصراعات الأخرى لأجل تحييد سلاح الشيعة، ومنعهم من تطوير ذاتهم لذلك، أو الاعتماد على كفاءات عالمية خارجة عن دائرة الولاء والطاعة لأمر@يكا نسبيًّا، ولكن هذا لم يوقف التحدِّي الإيراني والوقوف بوجه أعتى دولة في العالم، حيث كانت الثورة الإيرانية الحديثة في تطوير السلاح الإيراني، الذي أذهل المؤسسات الاستخبارية الصهيو@نية التي تراقب ذلك عن كثب ودقة، بل غدت هذه الدولة تعلن ذلك صراحة نسبيًّا في الإعلام تارة، وتهدد الكيااان ثانية، وتدعم قوى المقاومة الإسلامية في المنطقة ثالثة، فأفشلت المخططات الغربية في القضاء على القدرات التكنلوجية الإيرانية في تطوير سلاحها، الذي تحافظ على وجودها ضد أولئك المستكبرين، وحاول الغرب مدعومًا من الصهيو@نية العالمية لمرات متعددة المواجهة الجديدة بعنوان عدم التزام الجمهورية بنظام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تخصيب اليورانيوم، أو زيادة النسبة، أو استخدامه لأغراض عسكرية وغير ذلك من ذرائع.

           
وبعد محاولات الفشل الأمريكية المتعددة، ومنها المواجهة السياسية غير المباشرة مع إيران في العراق بعد احتلاله عام ٢٠٠٣م والتداعيات الكبيرة على الساحة السياسية العراقية، وظهور حزب الله في لبنان قوة إقليمية كبيرة مواجهة لإسرائيل، وزيادة دعم قوى المقاومة في فلسطين وغيرها، وكان آخرها ما حصل في طوفان الأقصى وشعور أمريكا والكيان بالخطر الشيعي الكبير تجاههم، فقد كان الكيااان الصهيو@ني حريصًا جدًّا للمواجهة العسكرية مع إيران، وبذله الوسع لتحريض أمر@يكا تجاه ذلك، بل قيامها بأعمال عسكرية مباشرة ضد إيران، ومحاولة الجمهورية سد الذرائع للمواجهة العسكرية المباشرة، 
في تحقيق جميع أهدافها، ولكن كل ذلك لم يجهض المخطط الصهيو@ني في تحييد سلاح الشيعة، أو القضاء عليه حيث أشعل الكيااان الصهيو@ني حربه تجاه الجمهورية الإسلامية في حرب الاثني عشر يومًا التاريخية (١٣-٢٤ / ٦ /٢٠٢٥م)، والتي كانت حربًا بائسة على رغم الخسارات المعنوية الكبيرة للجمهورية الإسلامية، ولكنها نالت عقابها بالسلاح الشيعي الذي دمَّر كيانها، وأعاد للأمة روح النصر، وثقتها بالوعد الإلهي لنصرة عباده، وحانت الفرصة التاريخية لأمر@يكا بالانتقام من إيران وسلاحها بضرب 
ثلاث منشآت نووية إيرانية في حادثة معلومة يوم (٢٢ / ٦/ ٢٠٢٥م)؛ انتقامًا من هذا السلاح والنظام الشيعي الذي لم يستطيعوا إذلاله.

 أخيرًا.. 
 إنَّ هذه المحاولات الصهيو@نية العالمية في تجريد سلاح الشيعة أو تحييده في الجمهورية الإسلامية بذرائع مختلفة، إنما هو يقع ضمن المخطط العالمي لحماية إسرا&ئيل من كل قوة تهددها واقعًا أو احتمالًا، الآن أو مستقبلًا، وخصوصًا القوى الشيعية؛ لذلك سوف تبقى جهودهم العدائية ثابتة بمحاولات متكررة لتجريد الشيعة من سلاحهم أو تحييده .

موقف الشيعة الثابت 

 لقد علم ساسة الصهيو@نية العالمية ومفكروها وعملائهم وأتباعم، بل والمسلمون الآخرون من مذاهب العامة من العرب وغيرهم أنَّ عقيدة الشيعة تجاه الصهيو@نية واضحة وصريحة وقائمة على عدم الرضوخ مهما كان الثمن، وقد أثبتوا ذلك على مدى التاريخ الحديث والمعاصر؛ لأنهم ينتمون إلى مدرسة كربلاء وشعارها العظيم (هيهات منَّا الذلة)، وذئاب الغرب تريد تحقيق غايتها العظمى في إذلال المسلمين؛ ليكون سبيل السيطرة عليهم سهلًا أو يمكن ذلك بسهولة، فكان أنواع المكر والخديعة العالمية منهجهم في ذلك، حتى غَدت بلدان الحدود مع الكيان تشكو ذل الفقر والهوان وتعيش على المساعدات الصهيو@نية العالمية لإطعام شعوبها، والبلدان الأخرى تعيش همومًا أخرى غير ذلك، والخليج يعيش عالمه الخاص في الولاء المطلق لل..، وغيرهم من البلدان البعيدة لا تريد لأنفسها نار الصهيو@نية فهي بعيدة جغرافيًّا عن (قدس) المسلمين المحتل بفلسطين، أو بعيدة عقديًّا حقيقيًّا كذلك عنها!!

              
 ولمَّا كان هذا حال المسلمين في عقيدتهم، والمستسلمين في واقعهم للغرب، وفي المقابل هناك طائفة كبيرة من المسلمين عقيدتها قائمة على زوال الكيااان، والعمل على ذلك، والدفاع عن القضية الفلسطينية وتحرير القدس منذ تأسيس الكيااان الغاصب، حيث الفتاوى والبيانات والمؤتمرات والمواقف والأموال والسلاح في دعم المجاهدين، وشعارهم مع هيهاتهم المعهودة (القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة)، فهذه المصطلحات (الكرامة والشهادة) ترددها قلوبهم وألسنتهم، وتعمل عليها أفكارهم وعقولهم، وبرغم كل المحاولات لمحو هذه العقيدة من دون أي جدوى، فقد عمل صدام العراق ما عمل!! وفعل شاه إيران ما فعل!! وأدى الكيان في لبنان ما أدى!!

                 
وبدأ الآن الصراع والتفكير الجديد تجاه الشيعة التي كانت السبب الأساس في تأخير المخطط الصهيو@ني العالمي بالتمدد من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى خارجها، وتحقيق دولتهم الكبرى المزعومة من (النيل إلى الفرات)، حيث كانت محاور المقاومة التي تتجدد بوجه الكيااان في جبهات كثيرة، وخصوصًا بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، ووعي الأمة تجاه القضية المصيرية في المنطقة، والتي تجعل القوى الكبرى متواجدة فيها وطامعة، بل تؤسس لقواعد عسكرية لحفظ كيانهم اللقيط من أي اعتداء، وقد أدت القوى الشيعية، أو الدعم الشيعي الكبير لقوى المجاهدين الآخرين إلى إشغال الكيااان عن التفكير بالاستيطان الأكبر إلى الحفاظ على ما تم احتلاله، وكسر إرادتهم نوعًا ما، وتقهقرهم في حدود متعددة مثل سوريا ولبنان على مدى عقود كما يرى المتتبع للأحداث، على رغم تمدد الكيان جغرافيًّا في أماكن معينة بسبب القوة المادية والمعنوية العالمية الداعمة له، والقوى الإقليمية الخاضعة أو الخائفة من اسمه!!

              
لأجل كل ذلك وغيره من التحضيرات والاستعدادات المادية والمعنوية للشيعة ومرجعياتهم، كان لا بد من معاقبتهم، أو الانتقام منهم أشد الانتقام، وأولها عسكريًّا بضرب هذه الدول الشيعية ضربة قاسية تؤدي إلى القضاء عليهم أو ضعفهم وقد تم ذلك .. وثانيها بضربها سياسيًّا من خلال مخططات عالمية لمحاولة عزلهم عن القرار العالمي لصالحهم أو تحقيق أهدافهم وقد تم ذلك .. وثالثها بضربها اقتصاديا بحصار أو ديون أو تجميد أموالهم ومحاربة تجَّارهم وقد تم ذلك .. ورابعها بضربها اجتماعيًّا من خلال بث سمومهم وأفكارهم في المجتمع وخصوصًا عند شبابهم وقد تم ذلك .. وخامسها بضربها إعلاميًّا ومحاصرة الإعلام الشيعي عالميًّا بقنواتهم وصفحاتهم ومؤسساتهم وقد تم ذلك .. وسادسها بضربها فكريًّا وعقديًّا من خلال جهات تم دعمها لمواجهتهم والتشكيك بعقائدهم وقد تم ذلك .. وسابعها بضربها قوميًّا من خلال بث سموم التشكيك في انتماء الشيعة إلى الحضن العربي الحنون الدافئ وقد تم ذلك .. وثامنها ووو .. ولكن لم يتم القضاء عليهم لأنهم ينتمون إلى مدرسة كربلاء الإباء!!

 أخيرًا.. 
 إنَّ هذه المحاولات الصهيو@نية العالمية في تجريد سلاح الشيعة أو تحييده من أجل أنْ يحقق الكيان أحلامه في التمدد لدولتهم المزعومة قد ظهرت آثاره علانية، بعدما تمرُّ به المنطقة الإسلامية اليوم من تغييرات كبيرة، وخصوصًا انهيار سوريا وسقوط نظامها وجعلها ممرًّا خصبًا للكيان بالنظام الجديد لها، فقد آن الأوان الصهيو@ني العالمي بتجريد الشيعة من سلاحهم؛ لتحقيق أهدافهم التي تأخرت بسببهم مهما كان ثمن ذلك، ولا بد للشيعة من الاستعداد له .

 

إنَّ من أهم ما يجب الإيمان به أنَّ حقيقة المواجهة مع الصهيو@نية العالمية التي تريد فرض هيمنتها على الشيعة خاصة هي الآيدلوجية التي تؤمن بها، وتعمل على تحقيقها ضمن مخططها العالمي في الدولة الصهيو@نية للكيااان الغاصب، وتحقيق وجوده الآمن في احتلال كامل فلسطين ابتداء، ضمن نظريتهم المزعومة عن أرض الميعاد المقدسة، وما كان من الشيعة بمراجعهم وعلمائهم ومفكريهم ومجتمعاتهم من التصدي لذلك الكيااان الغاصب على مدى التاريخ هذا من جهة، ومن جهة أخرى محاولتهم كسر كل إرادة للشيعة عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها مما يحقق لها قوة مواجهة المشروع الصهيوني الذي للأسف الشديد استسلم وخضع له كثير من الحكام العرب، واستسلمت الشعوب إثر ذلك، ولم يبق للقضية الإسلامية الفلسطينية سوى الشعارات والأناشيد والمؤتمرات الإعلانية.
          
 ولمَّا كانت عقيدة الشيعة هو التمهيد للدولة الكريمة للإمام المهدي المنتظر "عليه السلام"، الذي سيخلِّص البشرية من هذا الظلم والطغيان والاستكبار والاستبداد، وهي عقيدة إسلامية ثابتة بنصوص الشريعة المقدسة، وأنَّ الشيعة تعمل جاهدة من أجل التمهيد لذلك الظهور المبارك الذي من أهدافه زوال ذلك الكيااان، وتبديد أحلامه وآماله ووجوده، والذين يعملون على تقويته وتثبيت أركانه ضمن المشروع الإصلاحي العالمي، كما في الوعد القرآني (ليظهره على الدين كله)، كان لا بد من أمرين مهمين متقابلين، الأول يتعلق بالشيعة عقيدةً وأتباعًا ودولةً العمل على تهيئة مقوِّمات ذلك ومقدماته. والآخر يتعلق بقوى الاستكبار العالمي في مواجهة الشيعة وقطع كل ما يتعلق بقوتهم، ومنها السلاح الذي يهددون به وجودهم ومصالحهم.
               
فالشيعة اليوم في قمَّة هذه المواجهة، حيث بعض الأعداء لعقيدتهم من جهلة المسلمين الذي يغرِّر بهم أئمتهم، أو يحرضهم الإعلام الصهيو@ني على مواجهة الشيعة كما تقدم في حلقة سابقة، ومواجهة الكيااان الصهيو@ني وأمريكا التي تحتضن مشروعه وتعمل جاهدة على تحقيق الرؤية الصهيو@نية العالمية، ومواجهة الغرب المساند للكيااان وأمريكا في رؤاهم الاستعمارية الاستبدادية في قيادة العالم غرورًا وعدوانًأ.
ومع كل هذه المواجهات الواضحة للجميع، وغيرها التي تعمل سرًّا وتستمد دعمها من أعداء الإسلام، والعمل على التمهيد المقدس يتطلَّب ذلك من الشيعة ومرجعيتها الدينية والفكرية والسياسية أنْ تضع رؤيتها الواضحة الدؤوبة تجاه كل هذه المواجهات، وعدم الاغترار بأي وعود من العدو بذريعة حفظ السلم الأهلي، أو حقوق الإنسان للأقليات، أو تهديد الدولة بالسلاح الخارج عن سلطتها، أو توحيد القوى العسكرية تحت جهة واحدة فقط، أو .. أو .. مما هو معروف وتعلنه تلك القوى، من غير أنْ تذكر حقيقة الأمر وغايته في تجريد الشيعة من القوة عامة، والسلاح خاصة.
                 
إنَّ هذه المعطيات الحقيقية المتقدمة، والتي نعيش واقعها منذ عقود، وخصوصًا هذه السنوات الأخيرة حيث تكالب الصهيو@نية العالمية ضد الشيعة، فضلًا عن عقيدة التمهيد التي توجب على الشيعة عامة بجميع طبقاتهم كأمة مؤمنة بعقيدتها المقدسة في دفاعها عن معالم الدين أنْ تضع نصب عينيها الدعوة القرآنية العظيمة لهذه المواجهة الحتمية ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ))، فيجب العمل على الآتي بإيجاز إجمالًا:
١- الإعداد النظري الواقعي الكامل لمنهج مواجهة أعداء الله تعالى الذين يعملون بكل ما أوتوا من قوة في القضاء على الدين، من خلال المفكرين الواعين لحقيقة هذه المواجهة.
٢- العمل على بناء القاعدة المتقدمة للعمل على تطبيق ذلك المنهج، وتدريب وتثقيف الآخرين من الأمة عليه، وخصوصًا الشباب الذين هم عماد المشروع وحصنه.
٣- التأسيس لأنواع القوة  والإعداد لها، والتي منها القوة العقائدية التي تتحصَّن بها الأمة، والقوة الإعلامية التي تنشر بها عقيدتها الأمة، والقوة السياسية التي تواجه بها شعوب العالم وقادته، والقوة العسكرية التي تحفظ لها وجودها، فضلًا عن القوة الفكرية الأساسية في كل ذلك.
٤- التدريب التام على القوى المتقدمة في إيجاد الشخصيات التي تقود الأمة في ذلك من الخط الأول والخطوط الأخرى؛ ليكون المشروع قائمًا برجاله لا برجله الواحد.
٥- العمل الدقيقة على المنهج المعد لتلك المواجهة، ومحاولة توحيد القوى أو التنسيق بينها، والإيمان بالهدف الأسمى وعدم التنازل عنه ما استطعنا على وفق المسامحة القرآنية في الأمر.
٦- عدم الغفلة عن العدو المستتر الذي لا يعلن مواجهته، أو يعلن تأييده للمشروع الإسلامي في مواجهة الكيااان إعلانيًّا، وليس عقائديًّا في التضحية لأجلها، على وفق الرؤية القرآنية في تصنيف الأعداء ((وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ))، وهذا يحتاج إلى عمل كبير.

 أخيرًا.. 
 إنَّ هذه المحاولات في التخطيط والإعداد والعمل هو جزء من عقيدة الشيعة في التمهيد لدولة الإمام المهدي المنتظر التي يعمل العدو على مواجهة كل عمل يهيء لها، وخصوصًا العمل الذي يعمل في اتجاهين بآنٍ واحد، وهو السلاح الذي يقوِّي الشيعة في بلد معيَّن، أو يقوِّي الشيعة كدولة قائمة بذاتها لها القدرة على مواجهة التحديات، بل تهديد القوى الصهيو@نية وضربها، والعمل في الاتجاه الآخر للظهور؛ لذلك يجب الإعداد التام للقوة على وفق الرؤية القرآنية، وجزء كبير من هذا الإعداد هو حفظ السلاح، والتدريب عليه، بل وتطويره على وفق المرحلة اليوم في سباق التسلح العسكري العالمي تارة، والتسلح التكنلوجي تارة أخرى .. والسلام  

مواضيع ذات صلة