كل قمة عربية ينطبق عليها قول الشاعر العربي احمد شوقي اذا نظرت الى الحياة وجدها عرسا اقيم على جوانب مأتم وهي مشبوهة اومشكوك فيها بنسبة 100% واسباب هذه النسبة العالية من وجود الشك والشبهة في حسن نية اهدافها هي ، ان جميع الدول العربية مسيطر على حكوماتها من قبل الدول الاستعمارية الكبرى سيطرة كاملة وتامة فكل قرار في أي بلد عربي سياسي واقتصادي وعسكرية هو تم وضع حجره الاساس خلف الكواليس بين اروقة مؤسسة او دائرة خبراء السلطة الإستعمارية للدول الإستعمارية الكبرى ولا يوجد فيه ما يخدم اية قضية عربية مهما كانت صغيرة ما لم تتم صياغته بالشكل الذي يدعم نفوذ ومصالح امريكا على سبيل الحقيقة المجسدة واقعا والمثال لتمرير سياق الكلام الى المتلقي.
اكاد اجزم بأنني عاصرت جميع مؤتمرات القمة العربية فلم اسمع بإذني ولم ارَ بعيني ان أحد هذه المؤتمرات في بيانه الختامي توصل الى قرار ناجع يصب في مجرى مصلحة العرب وإنما كل ما يأتي به أي مؤتمر عندما يختتم اعماله بيان مقتضب الدلالة في عباراته مبهمة الغرض في متبنياته بعيد كل البعد عن ملامسة ولو ملامسة سطحية لمقتضيات الهدف الذي انعقد من اجله.
ولكن عندما نرجع الى الوراء قليلا للبحث عن خلفية لهذه الإنهزامية المقيتة التي تحكم سلوك كل حاكم عربي من أي صنف من صنوف الحكام والتخلي عن الأخ في ساعة ضيق كما يحصل في غزة اليوم ، تهدد وجوده عبر حرب ابادة شرسة تشنها عليه دولة الإحتلال بلا هوادة رغم صدور قرار من مجلس الأمن يايقاف اطلاق النار.
نجدها حالة التخاذل المرتبطة بصفة التبعية للجهات الإستعمارية الكبرى من اجل الحفاظ على كرسي الحكم ليس غير وفي مقدمتها بالامس (في القرن التاسغ عشر) كانت بريطانيا وفي مقدمتها اليوم امريكا التي يستأسر لها كل حاكم عربي دونما استثناء ولتأشيرتأكيد الإنتماء التبعي للحكم العربي بالمطلق قال احدهم في القرن الماضي عندما امرته حكومة التاج البريطاني ان يبدي رأيه ويوضح موقفه من القرار البريطاني بتخصيص فلسطين وطن قومي لليهود فكتب بخط يده :- انه لا يخرج عن طوع بريطانيا العظمى وانه ليس لديه أي اعتراض على تخصيص ارض فلسطين وطن لليهود المساكين ثم ختم الكتاب بختمه.
وهذا التعهد ينطبق على جميع الحكام العرب يترجم لسان حالهم ترجمة مفتوحة الى امام الحكام الذين عاصروا ذلك الحاكم والذين جاؤا من بعده وفي المقدمة منهم الذين تعاقبوا على حكم البلاد التي كان يحكمها.
ولو عدنا وسلطنا ضوءا خافتا على سلوك جميع الحكام العرب إزاء ما يهمهم بالصميم والذي اصبح حديث الساعة واليوم والإسبوع والشهر والسنة على المستويات الأربعة المستوى الدولي والإقليمي والإسلامي والعربي وهو الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية حماس والفصائل الإسلامية على مستوطنات غلاف غزة في العام الماضي والذي اطلقت عليه المقاومة (طوفان الأقصى) لوجدنا الحكام العرب منحازين بالكامل للكيان المحتل وقدموا له مختلف اشكال الدعم منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى والى اليوم وكانوا يتفننون في طرق ووسائل ايصال دعمهم الى اسرائيل.
اسألكم بالله ماذا يرتجى من خير أو أمل للقضية الفلسطينية او مكسب او منفعة لها من الدولة الذي ينعقد في عاصمتها المؤتمر (المنامة ) وهي البحرين ماذا ستقدم البحرين للقضية الفلسطينية او لحماس تحديدا وهي عضو في تحالف الإزدهار الذي اسسته امريكا وبريطانيا للتصدي للتحدي الحوثي لهم في تهديد السفن الإسرائلية والسفن المتوجه لها وقد ساهمت البحرين مساهمة مؤثرة في هذا الإطار؟؟!
وماذا يتوسم المرء من رجاء يصلح ولو جزءا من حال الفلسطينيين من دول قامت بانشاء طريق بري عبر اراضيها من اجل إيصال البضائع والسلع والأسلحة وآلاف ألاطنان من الأعتدة الى اسرائيل حتى لا يتمكن الحوثيون من اعاقة وصولها الى اسرائيل او تدميرها.
ولقد خصصت احدى هذه الدول المتاخمة للارض المحتلة جسرا بريا وآخر جويا لعبورهذه الأشياء الى اسرائيل ناهيك عن اغراقها للأسواق الإسرائيلية بالخضروات لسد حاجة المستوطن الصهيوني الى هذه المادة الغذائية وهذه الدولة موجودة في المؤتمر ممثلة بالحاكم.
علاوة على وجود دولة في المؤتمر اتهمها الرئيس الامريكي جوبايدن بعظمة لسانه بان رئيسها يعيق تدفق المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة باصرار وعناد رغم المناشدات الإنسانية له من قبل شعبه ومن قبل جهات لديها شعور إنساني.
والطامَّة الكبرى الإنقسام الفلسطينيى بين قيادات الفصائل الفلسطينية البارزة وهي حماس وفتح وصل الى حد ان بعض قيادت فتح اتهموا حماس بانها قامت بعمل متهور الحق اضرارا بالغة ومصائب كارثية باهل غزة بشكل خاص وبالفلسطينيين بشكل عام وبقضيتهم.
وختاما إن اعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين لن تحقق شيئا لغزة بشكل خاص ولن تقدم شيئا ذا اهمية للقضية الفلسطينية بشكل عام وذلك لآن عددا لا يستهان به من الحكام العرب لم يحضر القمة لا بل ان امير قطر تميم بن جمد آل ثاني غادر مباشرة بعد الافتتاحية وهذه ادلة واضحة على ان الحكام العرب من حضر منهم ومن غاب ليس لديهم رغبة او عزم على تقديم شيء لفلسطين لأن ذلك يتعارض مع موقفهم التبعي للاجنبي.
وفي نهاية المطاف اصدرت القمة العربية بيانا ختاميا كما تقول الصحف ووسائل الإعلام الأخرى ليس فيه أي حزم في التصدي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وخالي تماما من العزم على اتخاذ اجراءات من شأنها ان تؤثر على العلاقات مع اسرائيل مثل التهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية معها او إيقاف عجلة التطبيع معها وكذلك تشكل تهديدا للنفوذ الأمريكي في المنطقة مثل ايقاف او قطع امدادت النفط العربي الذي تقوم مشتقاته الوقودية بتشغيل الدبابات والطائرات المقاتله الصهيونية وتدعم الإقتصاد الأمريكي.
وعندما يقرأ المرء البيان الختامي لهذه القمة العربية البائسة يجده نسخة طبق الأصل لبيانات القمم السابقة واقربها قمة السعودية في العام الماضي بالاشتراء مع المؤتمر الأسلامي نفس العبارات (دعت القمة ونددت ورفضت وطالبت واستهجنت واستنكرت ) وهذا ما جاء عنها :- دعت القمة العربية في المنامة، الخميس، إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، ونشر قوات دولية "في الأرض الفلسطينية المحتلة" إلى حين تنفيذ حل الدولتين.
وكل ما في هذه الدعوة سيبقى حبرا على ورق فالقمة دعت الى وقف اطلاق النار في غزة واسرائيل ترفض ذلك باصرار وعناد حدى انها طالبت بحذف هذا المطلب من ورقة المفاوضات بينها وبين حماس لا بل رفضت قرار مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد وهي ترفض بشدة مطلب حل الدولتين لأنه يتعارض تماما مع عقيدة اسرائيل الكبرى التي تمتد رقعتها الجغرافية من الفرات الى النيل واكيد لن تسمح بنشر قوات دولية في الأرض الفلسطينية المحتلة لأن هذا سيفرض على اسرائيل إيقاف الحرب في قطاع غزة وهذا لا تقبل به اسرائيل.
وهذا يعني من بين ما يعنيه ان الحرب الإسرائيلية على غزة ستستمر وانها لن تقف حتى يحقق وزير الأمن القومي الاسرائيلي ايتمار بن غفير اهدافه منها فهو يدعو دائما الى استمرارها للضغط على اهل قطاع غزة من الفلسطينيين من اجل اجبراهم على مغادرتها واسكان المستوطنين مكانهم.
وعليه يبقى موقف الحكام العرب من مأساة غزة وحرب الإبادة الإسرائيلية عليها كعرس لهم يعيشون فيه بفرحة وسعادة غامرة اقيم على ساحة تحيط بأتم الشعب الفلسطيني الذي تقيمه اسرائيل لهم بقصف طائراتها ومدفعيتها ورصاص قواتها الأرضية المحتلة وقد بلغ عدد الضحايا هذه الإعمال الحربية بحسب وزارة الصحة الفلسطينية الى 35170 مابين شهيد ومصاب ناهيك عن المهجرين والمفقودين.