البحث المتقدم

البحث المتقدم

١٩ محرم ١٤٤٧

قسم الصناعات في العتبة العباسية.. نموذج رائد في تحقيق الاكتفاء الذاتي ودعم الصناعة الوطنية

 

يمثل قسم الصناعات والحرف الفنية في العتبة العباسية المقدسة قصة نجاح ملهمة في مجال الصناعة المحلية، حيث يجسد مزيجًا فريدًا من الأصالة الحرفية والتطور التكنولوجي. لم يقتصر دور هذا القسم الحيوي على تلبية الاحتياجات الداخلية للعتبة العباسية المقدسة فحسب، بل تجاوز ذلك ليصبح مساهمًا فاعلًا في رفد السوق المحلية بمنتجات عالية الجودة، مصنوعة بأيدٍ عراقية ماهرة، ويقدم بذلك نموذجًا حيًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي ودعم الاقتصاد الوطني، ومزاحة المنتج الأجنبي والتفوق عليه.

الإبداع الحرفي والخبرات العراقية

تأسس قسم الصناعات والحرف الفنية على أساس رؤية طموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في تصنيع مختلف المستلزمات، معتمدًا بشكل كامل على الكفاءات العراقية، ويضم القسم فرق عمل متخصصة تتمتع بخبرات متراكمة في مجالات النجارة، الحديد، الألمنيوم، والـ PVC. هذه الخبرات المتنوعة، بالإضافة إلى الالتزام بأعلى معايير الجودة، مكنت القسم من إنتاج مجموعة واسعة من المنتجات التي لا تضاهي فقط نظيراتها المستوردة، بل غالبًا ما تتفوق عليها في المتانة والجودة وحتى السعر.

 

هيكلية تنظيمية تضمن الكفاءة

لضمان سير العمل بكفاءة وفعالية، يتكون قسم الصناعات من عدة شعب متخصصة، لكل منها مهامها ومرتكزاتها:

شعبة المعادن: تتولى هذه الشعبة مسؤولية تصنيع وتركيب جميع الأعمال المتعلقة بالحديد، الألمنيوم، والـ PVC. يشمل ذلك صناعة الشبابيك، الأبواب، والهياكل المعدنية، بالإضافة إلى تنفيذ التصاميم المخصصة التي تلبي الاحتياجات المتنوعة.

شعبة الحرف الفنية: تُعنى هذه الشعبة بجميع أعمال النجارة والتنجيد والأثاث، سواء كان مكتبيًا أو منزليًا. كما أنها مسؤولة عن صيانة وإعادة تأهيل القطع التالفة، مما يساهم في إطالة العمر الافتراضي للأثاث والمعدات.

شعبة الصيانة: تضطلع هذه الشعبة بمهمة إدامة وصيانة الأثاث والمعدات بشكل دوري ومنتظم، لضمان استمرارية استخدامها بأفضل حالة ممكنة وتقليل الأعطال.

الشُعب الإدارية والمالية: تشرف هذه الشعب على العمليات التنظيمية والإدارية والمالية، مما يضمن التنسيق الفعال بين جميع الشعب وسير العمل بسلاسة وفقًا للخطط المحددة.

جودة الإنتاج ومعايير عالمية

يتميز قسم الصناعات والحرف الفنية بالتزامه الصارم بمعايير الجودة العالمية، وذلك من خلال اعتماد منهجين أساسيين:

استخدام مواد خام عالية الجودة: يحرص القسم على استخدام مواد خام ذات مناشئ عالمية رصينة وموثوقة، مما يضمن متانة المنتجات وطول عمرها الافتراضي.

تطبيق أحدث التقنيات الصناعية: يعتمد القسم على مكائن حديثة ومتطورة في عمليات التصنيع، مما يضمن دقة الإنتاج وجودته العالية، ويسمح بإنتاج كميات كبيرة بكفاءة.

 

تشمل المنتجات المصنعة في القسم مجموعة واسعة من الأثاث والمعدات، مثل الأرائك، الطاولات، الدواوين، الدواليب، غرف النوم، والمطابخ. إضافة إلى ذلك، يقوم القسم بتجهيز قاعات المؤتمرات والمختبرات الجامعية بالأثاث والمنصات اللازمة، وكل هذه المنتجات تخضع لرقابة جودة صارمة لضمان مطابقتها للمواصفات العالمية.

 

تحقيق الاكتفاء الذاتي والتوسع نحو السوق المحلية

يُعد الإنجاز الأبرز لقسم الصناعات هو تحقيق نسبة اكتفاء ذاتي بلغت 95%، مما يعني أن القسم بات قادرًا على تلبية جميع احتياجات الأقسام والمواقع التابعة للعتبة العباسية المقدسة داخليًا، دون الحاجة إلى الاستيراد. هذا الإنجاز الكبير يعكس مدى الكفاءة والقدرة الإنتاجية للقسم.

 

بعد تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، بدأ القسم يتجه نحو الأسواق المحلية، مقدمًا منتجات ذات جودة عالية تنافس المنتجات المستوردة. يسعى القسم إلى تعزيز حضوره في السوق من خلال إقامة معرض خاص لعرض منتجاته المتنوعة أمام الزبائن والمؤسسات الراغبة في اقتنائها، مما يفتح آفاقًا جديدة للتسويق ويزيد من مساهمته في دعم الاقتصاد الوطني.

خطط مستقبلية طموحة

تتبنى إدارة قسم الصناعات خططًا مستقبلية طموحة تهدف إلى تعزيز قدراتها الإنتاجية وتوسيع نطاق أعمالها. تشمل هذه الخطط:

التطوير المستمر للمعدات: تحديث مستمر للمعدات وإدخال تقنيات تصنيع جديدة لزيادة الكفاءة والجودة.

توسيع خطوط الإنتاج: فتح خطوط إنتاج إضافية لتوسيع نطاق المنتجات وتلبية احتياجات أكبر من السوق.

إصدار مجلة تسويقية: إصدار مجلة خاصة تتيح للزبائن الاطلاع على المنتجات، المواصفات، والأسعار، مما يسهم في تسويق المنتجات بشكل أفضل وتعزيز حضورها في السوق المحلي.

باختصار، يقف قسم الصناعات والحرف الفنية في العتبة العباسية المقدسة شاهدًا على القدرات الكبيرة للصناعة العراقية. فمن خلال الجمع بين الحرفية الأصيلة والتكنولوجيا الحديثة، والمزود بملاكات فنية متخصصة وتجهيزات متطورة، يسير القسم بخطى ثابتة نحو تعزيز الإنتاج المحلي، ودعم الاقتصاد الوطني، وترسيخ مكانته كمركز صناعي متكامل داخل العتبة المقدسة وخارجها، ويشكل بذلك نموذجًا يحتذى به في التنمية المستدامة.

مواضيع ذات صلة