البحث المتقدم

البحث المتقدم

١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦

الوافي توثق تاريخ العراق وتدحض ادعاءات البعث

 

    في عصر يعجّ فيه التاريخ بالإشاعات والادعاءات الكاذبة، يتّضح الدور الحاسم الذي تلعبه المؤسسات الموثوقة في كشف الحقائق وتوثيق الأحداث بطريقة نزيهة وحيادية.

    فالتاريخ - خاصة في الأوقات الحرجة والمفصلية - غالباً ما يُكتب من وجهة نظر المنتصرين، ويُحرّف لمصالح السلطة، وهنا تبرز الحاجة إلى أقلام ومؤسسات تتصدّى لهذه التحريفات، وتقوم بتدوين الأحداث بأمانة لتبقى شاهدًا على الحقائق.

   مؤسّسة الوافي للتوثيق والدراسات التابعة للعتبة العباسية المقدّسة تُعدّ واحدة من تلك المؤسسات التي أخذت على عاتقها مهمّة توثيق الحقائق وتسجيل الأحداث المفصلية في تاريخ العراق، وخاصة في ظل الفتوى المباركة للدفاع الكفائي التي أصدرتها المرجعية الدينية العليا، عبر جهود جبارة ومكثّفة، إذ استطاعت المؤسسة إنجاز موسوعة تاريخية مميزة، ضمّت ثمانين جزءًا توثيقًا شاملاً لدور الشعب العراقي في الدفاع عن وطنه في مواجهة الإرهاب.

   هذه الموسوعة لم تكتفِ بسرد الأحداث، بل تميزت بالحيادية والموضوعية، مع توثيق دقيق لكلّ تفاصيل الأحداث والمواقف على مختلف الجبهات.

جهود مؤسسة الوافي في مواجهة التزييف والتحريف

   في وقت يعمد فيه بعض المغرضين إلى تحريف الوقائع وتجميل صور الأنظمة القمعية، تُعدّ موسوعة فتوى الدفاع الكفائي التي أنجزتها مؤسسة الوافي بمثابة السلاح لمجابهة هذه الادعاءات، فالمؤسسة التزمت بنقل الحقائق كما هي، من دون مجاملات أو تزويق، ما جعلها أحد أهم المشاريع التوثيقية في تاريخ العراق الحديث، وتُعدّ الموسوعة توثيقاً شاملاً لحقبة فاصلة من تاريخ البلاد، إذ قامت برصد الأحداث بدقة بواسطة مصادر موثوقة وشهادات حيّة من أولئك الذين عاشوا الأحداث وشاركوا فيها.

   إضافةً إلى هذا الإنجاز الكبير، يواصل فريق العمل في مؤسسة الوافي جهوده لتوثيق المزيد من المحطات التاريخية المهمة، ومن أبرز المشاريع الحالية التي تُنفذ بتوجيه من المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدّسة سماحة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه)، هو مشروع موسوعة السجناء السياسيين، هذا المشروع يأتي استكمالاً للجهود الرامية إلى توثيق الحقبة المظلمة التي عاشها العراق في ظل النظام البعثي المقبور.

موسوعة السجناء السياسيين: توثيق الجرائم والانتهاكات

   في تصريح سابق للمهندس أحمد صادق، رئيس قسم مؤسسة الوافي: (إنّ المؤسسة كلفت بالعمل على موسوعة السجناء السياسيين بتوجيه من السيّد أحمد الصافي (دام عزّه) بعد النجاح الكبير الذي حقّقته موسوعة فتوى الدفاع الكفائي).

   وأضاف: (خصصنا فريقًا من الباحثين والمختصين للتقصي عن الأحداث والوقائع المرتبطة بالسجناء السياسيين، وجمعنا معلومات دقيقة أكثر من 114,000 سجين تعرّضوا لانتهاكات فظيعة، منها القتل، التعويق، والنفي).

   وتتمّ هذه الجهود بالتعاون مع مؤسسة السجناء السياسيين العراقية والمحكمة الاتحادية، ووزارة الداخلية العراقية، وعدد من الجهات الحكومية والرسمية الأخرى لضمان دقة وحيادية التوثيق.

   أُعدت استمارات خاصة لجمع المعلومات والشهادات من السجناء السياسيين أو ذويهم، ووزعت من قبل مؤسسة السجناء السياسيين، التي تقوم بدورها بإعادتها إلى مؤسسة الوافي. هذا التعاون المتبادل يعكس أهمية هذه المشاريع التوثيقية، ويؤكّد على ضرورة استمراريتها لضمان حفظ الحقائق للأجيال القادمة.

التوثيق الشفاهي ذاكرة حية وشهادة على الجرائم

   ومن الجوانب المهمة في هذا المشروع هو توثيق الشهادات الشفاهية للسجناء والشخصيات التي لعبت دورًا بارزًا في مقاومة النظام البعثي.

    أوضح الشيخ بدر العلي معاون رئيس مؤسسة الوافي: (إنّ المؤسسة لم تكتفِ بالتوثيق الكتابي فقط، بل عمدت إلى توثيق الشهادات الحية عبر مقابلات مع شخصيات مؤثرة).

هذا النوع من التوثيق يضيف بُعدًا إنسانيًا للموسوعة، إذ تنقل قصص السجناء ومعاناتهم بصدق ووضوح، لتصبح شاهدًا على ما مر به العراق في تلك الحقبة المظلمة.

الردّ على المحاولات لتجميل صورة النظام البعثي

   تتزايد في الآونة الأخيرة محاولات البعض لإعادة تصوير حقبة النظام البعثي على أنها (الزمن الجميل) كما ينقل عند البعض، متجاهلين الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها ذلك النظام.

   تأتي موسوعات مؤسسة الوافي لتفند هذه الادعاءات وتواجه هذه المحاولات بالتوثيق والحقائق.

  الشيخ بدر العلي يؤكد: (إنّ هذه الموسوعة ليست مجرد توثيق للتاريخ، بل هي ردّ مباشر على كل الأصوات التي تحاول تزييف الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ وفقًا لأهواء سياسية أو مصالح شخصية).

توثيق مستمر للمحطات التاريخية في الوافي

   لا تقتصر جهود مؤسسة الوافي على الحاضر فقط، بل تتطلع المؤسسة إلى المستقبل من طريق مشاريع توثيقية أخرى تهدف إلى تسليط الضوء على المزيد من المحطات التاريخية التي عاشها العراق.

   ومن المتوقّع أن تستمر هذه الجهود لسنوات قادمة، إذ تعمل المؤسسة حالياً على إعداد المزيد من الموسوعات التي تستعرض حقباً زمنية متعددة وتوثّق الأحداث السياسية والاجتماعية والدينية التي مرّ بها العراق.

   إنّ جهود مؤسسة الوافي للتوثيق والدراسات تمثل نموذجاً يُحتذى به في مجال التوثيق التاريخي، وهذه الجهود ليست مجرد سرد للأحداث، بل هي شهادة حية على تضحيات الشعب العراقي وصموده في وجه التحديات، عن طريق هذه المشاريع التوثيقية، التي تساهم المؤسسة في حفظ الذاكرة الوطنية، وتقديم حقائق التاريخ للأجيال القادمة بطريقة نزيهة وموضوعية، بعيدًا عن التحريف والتزييف.

مواضيع ذات صلة