البحث المتقدم

البحث المتقدم

١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦

مشروع مركز الاتصالات والمراقبة في العتبة العباسية: خطوة عملاقة نحو تعزيز أمن وسلامة الزائرين

 

 

 

     تُعدّ العتبة العباسية المقدّسة التي تحمل في طياتها إرثًا تاريخيًّا ودينيًّا عظيمًا، وإحدى أهم المعالم الدينية في العالم الإسلاميّ، وفي ظل توافد الملايين من الزائرين سنويًّا لزيارة مرقد الإمام العباس (عليه السلام)، أصبح من الضروري وضع خطط استراتيجية تضمن الأمن والسلامة لكلّ زائر، وانطلاقًا من هذا المبدأ كان لزامًا على العتبة العباسية المقدّسة أن تعتمد على أحدث الوسائل التكنولوجية لضمان تحقيق هذا الهدف النبيل، وهكذا وُلد مشروع مركز الاتصالات والمراقبة والسيطرة الأمنية، الذي يُعدّ أحد أهم وأكبر المشاريع التي تم تنفيذها في العتبة المقدسة.

 

الهدف من المشروع

منذ بداية التخطيط للمشروع، كان الهدف الأساسي هو توفير نظام أمني متكامل يعتمد على أحدث التقنيات العالمية في مجال الاتصالات والمراقبة.

لم يكن الهدف رصد المخاطر الأمنية فقط، بل كان يشمل أيضًا تطوير قاعدة بيانات قوية ومستدامة يمكنها دعم العمليات الأمنية على مدار الساعة.

 

مكونات المشروع

تمّ تنفيذ المشروع على مراحل متعددة، وكل مرحلة شملت عدّة منظومات تقنية متقدمة:

1. مركز البيانات (Data Center): يُعدّ مركز البيانات القلب النابض للمشروع، إذ تمّ تصميمه وبناءه وفقًا لأعلى المعايير الدولية، وشمل تصميم المركز إنشاء الأرضية الكاذبة التي تُعدّ الأساس للبنية التحتية للكابلات، وتضمنت منظومة تبريد متطوّرة لتقليل حرارة الأجهزة وضمان استمرارية عملها بكفاءة، كما تمّ تجهيز المركز بمنظومة دعم للطاقة تضمن استمرار العمل حتى في حالات انقطاع التيار الكهربائي، إضافة إلى منظومة لعزل الصوت لتقليل الضوضاء الناتجة عن عمل الأجهزة ومنظومة إطفاء الحريق الأوتوماتيكية.

 

2. منظومة الشاشة العملاقة (Large Display System): تُمكن هذه المنظومة من مراقبة كافة الكاميرات المثبتة في أرجاء العتبة المقدّسة، وتتمتع الشاشة العملاقة بدقة عالية، وتتيح للمشغلين عرض وتحليل الصور والفيديوهات المباشرة من جميع أنحاء الموقع، تبلغ مساحة الشاشة 24 مترًا مربعًا، وتتيح تغطية شاملة لكل زاوية من العتبة.

3. منظومة إدارة الكاميرات (Video Management System): تتميز هذه المنظومة بالقدرة على إدارة وتشغيل عدد كبير من الكاميرات الرقمية الحديثة (IP Cameras)، التي توفر صورًا عالية الدقة، وهي مقاومة للظروف الجوية الصعبة وتدعم خاصية المراقبة عن بُعد، وهذه الكاميرات تُعدّ جزءًا لا يتجزّأ من النظام الأمني للعتبة المقدّسة، إذ تعمل على مدار الساعة لمراقبة ورصد أي أنشطة مشبوهة.

 

 

 

4. منظومة التحليل الفيديوي الفني والتحذير الأمني (Video Analysis System): هذه المنظومة، التي تعدّ واحدة من أحدث التقنيات المستخدمة عالميًا، تقوم بتحليل الفيديوهات بشكل فني دقيق، مما يساعد في كشف أي محاولات اختراق أمني بسرعة وكفاءة، وهي تشتمل على خاصية التحذير الفوري في حالة رصد أي نشاط مشبوه.

5. منظومة الخزن والأرشفة والاسترجاع (Video Storage System): لضمان حفظ كافة البيانات المسجلة من الكاميرات، تمّ إنشاء منظومة خزن متطورة بسعة كبيرة جدًا، وهي تتيح أرشفة واسترجاع البيانات بشكل فوري وسلس، وهذه المنظومة مرتبطة بمنظومة طوارئ (Disaster Recovery System) تعمل على حفظ نسخة احتياطية من البيانات لضمان عدم فقدانها في حالات الطوارئ.

6. منظومة خزن الطوارئ والكوارث (Disaster Recovery System): هذه المنظومة تمثل العمود الفقري للأمن الإلكترونيّ في المشروع، إذ تضمن عدم فقدان البيانات في حالة وقوع أي خلل أو حادث أمني، وهي تُعدّ جزءًا أساسيًا من منظومة الأمان العام، إذ تخزن النسخ الاحتياطية من البيانات وتضمن استعادتها فوريًا عند الحاجة.

 

التحديات التقنية والحلول المبتكرة

أوضح المهندس ضياء مجيد الصائغ، رئيس قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدّسة، في تصريح لشبكة الكفيل العالمية أنّ تنفيذ هذا المشروع كان يمثل تحديًا كبيرًا نظرًا للتطورات التكنولوجية السريعة والمتطلبات العالية لضمان الجودة والأداء، وقد أضاف: (إنّ المشروع كان يُعدّ من أحدث المشاريع التقنية المستخدمة عالميًا ومحليًا، حيث قمنا بالتعاقد مع شركات عالمية ذات سمعة عالية في مجال تخصصها، مثل (IBM, Dell, Cisco) لضمان جودة الأداء وتحديث الأنظمة بما يتناسب مع التقدم التكنولوجي السريع في العالم).

وأضاف الصائغ: (إنّ تنفيذ المشروع تطلّب توفير بنية تحتية قوية لدعم الكاميرات الرقمية الحديثة التي تحتاج إلى سعة اتصال عالية تصل إلى 10 جيجابايت في الثانية، إضافة إلى ذلك تمّ استخدام تقنيات تبريد متطوّرة لتحمل الحرارة العالية التي تنتجها الأجهزة في مركز البيانات، إذ تصل حرارة الهواء الساخن المتولدة إلى 20 طنًا في مساحة صغيرة، لقد واجهنا تحديات تقنية عديدة ولكن بفضل جهود فريق العمل والتعاون مع الشركات المتخصصة تمكنا من تجاوز هذه العقبات بنجاح).

التعاون مع الشركات العالمية

تمّ التعاقد مع عدد من الشركات العالمية الرائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات لضمان تحقيق أعلى مستويات الأداء والجودة في المشروع. وقد شملت هذه الشركات (IBM, Dell, Cisco, Millstone, Microsoft, Bluecoat, Eyevis, APC, IOmniscient) وغيرها، وكان الهدف من هذا التعاون هو الاستفادة من أحدث التقنيات المتاحة عالميًا لضمان أن يكون المشروع في طليعة المشاريع التقنية على مستوى العالم.

 

أهم ما صرح به سماحة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه) حول أهمية المشروع

صرّح السيّد أحمد الصافي المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدّسة قائلًا: (إنّ مشروع مركز الاتصالات والمراقبة والسيطرة الأمنية ليس مجرد مشروع تكنولوجي، بل هو تجسيد لالتزامنا العميق تجاه حماية الزائرين وضمان سلامتهم في كل الأوقات، من خلال هذا المشروع، نهدف إلى توفير بيئة آمنة ومطمئنة للزوار الذين يأتون من مختلف أنحاء العالم للزيارة والتبرك بهذا المكان المقدّس).

وأضاف الصافي: (الأمن هو حجر الزاوية في أي مجتمع، وفي ظل التهديدات الأمنية المتزايدة التي يواجهها العالم، يصبح من الضروري أن نكون دائمًا على أهبة الاستعداد، لذا فإن هذا المشروع يهدف إلى دمج أحدث التقنيات في مجال الاتصالات والمراقبة لتوفير نظام أمني متكامل وقوي، نحن ندرك تمامًا أنّ التكنولوجيا الحديثة ليست مجرد أدوات، بل هي عوامل حيوية تساهم في الحفاظ على السلامة العامة).

وأوضح الصافي أيضًا: (إنّ توفير الأمن ليس مسؤولية الدولة فقط، بل هو واجب جماعي يشمل كل المؤسسات والهيئات، ونحن في العتبة العباسية المقدّسة، نعتبر أنّ تعزيز أمن الزائرين هو جزء من مسؤوليتنا الدينية والاجتماعية، ومن خلال تنفيذ هذا المشروع، نؤكد التزامنا بأعلى معايير الأمن والسلامة، مما يعكس احترامنا العميق للزوار وحرصنا على توفير أفضل الظروف لهم).

    وتحدث سماحة السيّد الصافي عن الأثر الإيجابي للمشروع قائلًا: (هذا المشروع سيعزّز من ثقة الزوار في الأمان الذي توفّره العتبة المقدّسة، ويساهم في خلق بيئة أكثر استقرارًا وأمانًا. نحن نعيش في عالم متغير، والتقنيات الحديثة تمنحنا القدرة على الاستجابة بسرعة وفعالية للتحديات الأمنية، وبتنفيذ هذا المشروع، نكون قد أخذنا خطوة كبيرة نحو تحقيق هذا الهدف، وضمان سلامة وأمن كل من يزور العتبة العباسية المقدّسة).

وأكّد السيّد الصافي: (نحن نثمّن عاليًا الجهود المبذولة من قبل جميع القائمين على هذا المشروع، من الشركات المتخصّصة إلى فرق العمل في العتبة المقدّسة. التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية كان لهما دور كبير في نجاح هذا المشروع.

 إننا نتطلع إلى استمرار استخدام هذه التقنيات الحديثة بما يخدم مصالح الزوار ويعزز من شعورهم بالأمان).

لقد أضاف مشروع مركز الاتصالات والمراقبة والسيطرة الأمنية بُعداً جديداً إلى التوسعة الأفقية للعتبة المقدّسة، فلم يقتصر الأمر على التوسّع العمرانيّ بل شمل تطوير منظومات تقنية متقدّمة تضمن الأمن والسلامة.

 هذا المشروع يُعد إنجازاً كبيراً يُضاف إلى سلسلة الإنجازات التي حققتها العتبة العباسية المقدّسة، وهو يعكس التزامها الدائم بتحقيق أعلى مستويات الخدمة والأمان لزائريها.

مواضيع ذات صلة