تعزيزاً للعلاقات الثقافية والدينية العتبة العباسية مستمرة بأستقبال الزيارات الرسمية
عالم ديني عراقي، من خطباء المنبر الحسيني، تعلم مبادئ القراءة والكتابة بالطرق التقليدية في سن مبكر، وأما خطاباته فقد تلقاها على يد أشهر خطباء كربلاء عن الكتاب، وحفظ القرآن الكريم، حتى أصبح من أبرزهم ومن أساتذة المنبر، ومن أسباب شهرة الخطيب الكعبي هي التميز بقراءة المقتل الحسيني، والمرة الأولى التي قرأ فيها المقتل، كان في يوم العاشر من محرم الحرام.
هو الشيخ عبد الزهراء بن الشيخ فلاح بن الشيخ عباس بن الشيخ وادي آل منصور الكعبي، وهو ينحدر من أسرة تنتسب إلى قبيلة (بني كعب) المنتهية إلى كعب بن لؤي بن وائل.
وولادته
ولد في مدينة المشخاب في النجف الأشرف اليوم الخامس من شهر جمادي الأولى عام (1327ه_1914م) وقيل عام (1337ﻫ1923م) في ذكرى مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فسُمي بـ (عبد الزهراء) تيمناً وبركا باسمها الشريف.
نزحت اسرته الكريمة من المشخاب إلى مدينة كربلاء المقدسة واستوطنت فيها، فنشأ في ربوعها، وتعلم القراءة والكتابة فحفظ القرآن الكريم في سن مبكر على يد المرحوم الشيخ محمد السراج في الصحن الحسيني الشريف، ثم درس عدد من العلوم منها الأحاديث النبوية وخطب نهج البلاغة كدرس مبدأ العلوم على يد الحجة الشيخ علي ابن فليح الرماحي، وعلم العروض على يد الشيخ عبد الحسين الحويزي ثم درس الفقه والاصول على يد العلامة الشيخ محمد داوود الخطيب في مدرسته بمحلة المخيم ودرس المنطق والبلاغة على يد الشيخ جعفر الرشدي من مدرسة الهندية عند باب السلطانية قرب حرم الإمام الحسين (عليه السلام) ليصبح فيها من أساتذة الحوزة العلمية الشريفة.
أهتم الكعبي بالخطابة اهتماما خاصا ودرسها على يد الخطيبين الجليلين الشيخ محمد مهدي المازندراني المعروف بالواعظ وخطيب كربلاء المشهور الشيخ محسن أبو الحرب رحمه الله، فبرأ في الخطاب واشتهر بها وذاع صيته في الآثار مخلصا متفانيا في خدمة الإمام الحسين (عليه السلام)، وكانت تقام له المجالس العامرة بالجماهير من الرجال والنساء والشباب والأطفال في مساجد كربلاء وحسنياتها ودورها، بالإضافة الى مجالسه العديدة في جميع محافظات العراق مثل بغداد والنجف الأشرف والحلة والدجيل والمشخاب والبصرة والديوانية.
وقد امتاز بفترته المنضوية الصعبة والمتمثلة في قوة البيان والشجاعة في عرض الأفكار والآراء المقدسة للدين الإسلامي الحنيف، وفي مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما امتاز بحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وأقوال أهل البيت (عليهم السلام)، فضلاً عن ثقافته الواسعة وحفظه للشعر، حتى أصبح من أبرز الخطباء العراقيين، ومن أساتذة المنبر، وقد تخرج على يده الكثير من خطباء المنبر الحسين، كما ويذكر أن أكثر من 50 تلميذا وخطيبا قد تأثروا بأسلوبه بطريقة الخطاب، وكان يحرص على اعداد جيل من الخطباء، متسلحا بثقافة دينية صحيحة، وكان يشغل وقته في توجيه وتربية الخطباء الناشئين.
جهاده مشرف عرف بإخلاصه وتفانيه في خدمة أهل البيت (عليهم السلام)، وكان زاهدا في الدنيا وحطامها، فلقد كان معروفا بجهاده أينما حل، ومناهضته ضد الباطل. والمعاناة بسببه، حيث المضايقة من قبل الطغاة وأعوانهم لمن سلك هذا السبيل المقدس المناصب للحق على مر العصور، كما وهو معروف، ولقد كان له دور متميز بجهاده في تربية جيل من الشباب بالثقافة الإسلامية والتسلح بالوعي بمخاطر انخراط والظلم ، وذلك من خلال منبره ومشاركته في مشاريع التوعية والتربية أينما حل (رضوان الله عليه) أي أنه كان يتميز من دون باقي أقرانه بالجرأة المشهودة واهتمامه بالشباب، وكان يمانع من أخراج الأطفال من المجالس، قائلاً إن اهتمامنا هو علمي ينبغي أن يصب على هؤلاء، لأنهم الثمرة في المستقبل، وكذلك تميز بالذاكرة وقوة حافظته، حيث المخزون العلمي الذي كان يتبين من خلال مجالسه المؤثرة لمستمعيه، فكان يطرح المعلومات التاريخية والبحوث العقائدية، والتي لا يراجع بها إلى كتاب في موسم التبذير، ثم ساهم مع وجهاء بعض المناطق التي كان يذهب إليها في موسم التدريب في حل كثير من المشاكل الاجتماعية والعائلية، مهتمة بإصلاح ذات البين، كما سعي في تسوية كثير من الشباب الماضي مؤثرا في الأوصاف والمجتمع وعلى العموم فلقد كان عالماً آمنا ومتواضع الأخلاق، لا يشعر جليسه بأي حرج في طرح الأسئلة، معروف من نوادره، وبراقة الحديث والمزاح المتزن، وفي نفس الوقت لم يكن بعيدا عن جرائم البعثيين، وقد تعرض إلى الاعتقال مع الشيخ ضياء الدين الزبيدي سنة 1999 هجرية، وأطلق سراحه بعد أربع أشهر سجن قضاها بعقوبة. ليمت شهيدا فيما بعد.
الشيخ عبد الزهرة الكعبي، ختم حياته بالفوز بوسام الشهادة حيث قتل شهيدا ووقعت الشهادة، وبحسب الرواد والمقربين إنها حصلت. عبر دس السم له في القهوة خلال مجلس للفاتحة، فرجع إلى مجلسه في صحن سيدنا العباس عليه السلام، وأثناء قراءته سقط على أثرها من المنبر، وفي طريقه إلى المستشفى خرجت روحه الطاهرة.
وفي يوم وفاته رحمة الله عليه بتاريخ 13 جمادة الأولى سنة 1396 للهجرة 3 يونيو-1976م، والتي تصادف ليلة شهادة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليه السلام، شارك الآلاف وتشييع جثمانه الطاهر، فكان يوما مشهودا في مدينة كربلاء، بل في العراق، فقد زحفت الجماهير من كل حدب وصوب للاشتراك لتشييع جثمانه المقدس عبر الخط الطويل. من داره إلى مرقده.
.
بعد إتمام الزيارة والصلاة عليه، وكانت مراسيم تشيعه مشابهة تماما لمراسيم تشييع مراجع الدين الكبار، حيث وضع جثمانه في العاري وهو ناش خشبي كبير يوضع فيه التابوت احتراما للمتوفي، ثم أطلقت المسيرات العزائية الحزينة في مقدمة الجنازة، وقد ضجت لوفاته كثير من البلدان. الإسلامية، فكتبت عنه الصحف والمجلات، واقيمت على روحه مجالس الفاتحة في كثير من البلاد داخل العراق وخارجه، هذه كانت مسيرة خادم الإمام الحسين الشيخ عبد الزهرة الكعبي، فقد ولد في يوم ولادة فاطمة الزهراء واستشهد في يوم شهادة الزهراء وكان اسمه عبد الزهراء. هذا يعني أنه كان في عناية ورعاية الزهراء عليه السلام، نسأل الله أن نكون في عناية ورعاية فاطمة الزهراء عليه السلام.