إن المشهد الأمني الذي يمر به البلد والتحديات الكبيرة والجهد الذي بذلته القوات الأمنية والمتطوعين والعشائر الغيورة، يستدعي من الإخوة الساسة أن يستفيدوا من ذلك من أجل تجاوز الأزمة، فإن الدماء عندما تمتزج من أجل غاية نبيلة ووطنية وأخلاقية ودينية ويشترك فيها جميع المكونات بل وتتهدد جميع المكونات فهذه الدماء لها حقٌّ على كل متصد لخدمة هذا البلد، إذ لا يوجد أثمن ما يقدم له من الدم، لذا على الإخوة الساسة أن يوحدوا الخطاب والرؤية ويتراصوا في خندق واحد ويتجاوزوا الخلافات البسيطة، ويحاولوا أن ينفتحوا فيها بينهم ويتكاشفوا ويتحاوروا معززين ذلك بالثقة المتبادلة بعيدًا عن سوء الظن والتشكيك بكل شيء، فليس من المعقول أن يبقى البلد هكذا بين صراعات سياسية ومشاكل اقتصادية وتنموية وتأخر في أغلب العمليات الإصلاحية، وبقاء التهديدات الأمنية على أبوابنا بل في داخل مدننا ونزوح عشرات الآلاف من العوائل في أكثر من مدينة، ولعل أي مراقب لأحداث العراق سيُحمل المسؤولين السياسيين جميعًا ما يحدث فيه، فرغم كل التأثيرات الخارجية القريبة أو البعيدة أو الداخلية تبقى المسؤولية على عاتق الساسة العراقيين، فهم الذين يمكن أن يشخصوا ما ينفع البلد وما يضره، إننا نرى ضرورة أن يبدأ الإخوة في إيجاد حلول جذرية ونهائية لأغلب المشاكل التي من شأنها أن تعقد المشهد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي لو بقيت معلقة، مع أننا في نفس الوقت ندعو الجميع إلى التخلي عن روح الخصومة والعداء والاستفزاز فيما بينهم، والتحلي بروح التسامح والمحبة واللين والمرونة، إن مراجعة دقيقة لجميع المواق التي مرت بنا وتحليلها ومن أي جهة كانت، أمرٌ لابد منه لتمييز الصحيح عن السقيم، بل مراجعة المواقف الخارجية، وهل كانت تدخلات مضرة بالبلد أو أنها نصائح نافعة أو لا؟ وما الذي جناه البلد جراء ذلك؟ إن السياسي الناجح هو الذي يجمع أبناء شعبه على محبة بلدهم والدفاع عنه، إن السياسي الناجح هو الذي يبذل كل طاقاته من أجل إسعاد شعبه وتحسين المستوى المعيشي لهم، إن السياسي الناجح هو الذي يحافظ على هوية بلده ولا يميز بين أبنائه ويتعامل مع المشاكل بروح المسؤولية والأبوة.
هذا ما جاء في خطبة الجمعة التي القاها السيد احمد الصافي (دام عزه) في الصحن الحسيني الشريف في يوم 5 رجب 1436 هــــ الموافق 24 / 4 / 2015م








