البحث المتقدم

البحث المتقدم

١١ ذو القعدة ١٤٤٦

إنجاز فني بأيدٍ عراقية.. صناعة شبّاك لمزار السيّد القاسم (عليه السلام)

 

شهدت العتبة العباسية المقدسة في عام 2019 إنجازًا فنيًا وحرفيًا متميزًا، تمثل في تصميم وصناعة شبّاك جديد لمزار السيّد القاسم بن الإمام موسى الكاظم (عليهما السلام)، أحد أبرز المزارات المقدسة في العراق، والذي يُعدّ مقصدًا للزائرين من مختلف بقاع العالم. جاء هذا المشروع ليحلّ محلّ الشبّاك القديم الذي مضى عليه أكثر من خمسين عامًا، ضمن سلسلة المشاريع التطويرية التي تتبناها العتبة العباسية المقدسة من أجل إعمار وصيانة المراقد والمزارات الشريفة، وتجديد معالمها بما يليق بمكانتها الروحية والدينية. 

 

 

 جهود العتبة العباسية المقدسة في تنفيذ المشروع 

عهدت العتبة العباسية المقدسة بتنفيذ هذا الشبّاك إلى الكوادر الفنية والهندسية المتخصصة في مصنع السقّاء التابع لها، والذي يُعدّ من المراكز الرائدة في صناعة شبابيك الأضرحة والمزارات الشريفة. وقد اكتسب المصنع خبرة واسعة من خلال تنفيذ مشاريع سابقة، مثل شبّاك ضريح أبي الفضل العباس (عليه السلام)، مما ساهم في تقديم عمل متكامل يجمع بين الدقة الفنية واللمسة الجمالية المستوحاة من التراث الإسلامي. 

تطلب تنفيذ هذا المشروع جهدًا استثنائيًا من قبل الحرفيين والفنيين، حيث استغرق العمل أكثر من 18شهرًا من التخطيط والتنفيذ والتدقيق في أدق التفاصيل لضمان خروج الشبّاك الجديد بأفضل صورة ممكنة، تحاكي الجمال الفني والروحانية التي تميز المراقد المقدسة. 

 

 

 

مراحل التصميم والتنفيذ 

مرّ المشروع بعدة مراحل رئيسية، بدءًا من وضع التصاميم الأولية المستوحاة من الفن الإسلامي، ومرورًا بعمليات التشكيل والسباكة والنقش، وانتهاءً بعمليات الطلاء والتذهيب والتثبيت. وقد تم استخدام أحدث التقنيات إلى جانب الطرق التقليدية للحفاظ على أصالة العمل، مع مراعاة المعايير الهندسية التي تضمن المتانة والجودة العالية. 

 

 

 مراسم التسليم والافتتاح الرسمي 

في أجواء احتفالية بهيجة، شهدت مدينة القاسم حفلًا رسميًا لتسليم الشبّاك الجديد، حضره جمع غفير من الشخصيات الدينية والاجتماعية، إضافة إلى ممثلين عن العتبة العباسية المقدسة. وتم خلال الحفل تسليم مفتاح الشبّاك رسميًا من قبل المتولّي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، إلى الأمين الخاص للمزار، في إشارة رمزية إلى اكتمال المشروع وجاهزيته لاستقبال الزائرين. 

تخلل الحفل إلقاء كلمات رسمية أكدت على أهمية هذا الإنجاز في تعزيز الهوية الدينية والثقافية للمراقد المقدسة، كما تم استعراض المراحل الفنية والهندسية التي مر بها المشروع، والتي أبرزت الجهود الكبيرة التي بذلها الحرفيون العراقيون في إنجازه. 

 

 

 تفاصيل فنية وهندسية للشبّاك الجديد 

يتميز الشبّاك الجديد بمواصفات فنية عالية المستوى، حيث استخدمت فيه مواد ذات جودة عالية لتحقيق التوازن بين المتانة والجمال، وجاءت تفاصيله على النحو التالي: 

522 كغم من الفضة الخالصة، وهي المادة الأساسية التي تشكّل هيكل الشبّاك. 

13 كغم من الذهب الخالص، استخدمت في تذهيب النقوش والزخارف البارزة. 

2000 كغم من النحاس، لإضافة مزيد من الصلابة والتماسك الهيكلي. 

2500 كغم من معدن الستانلس ستيل، لضمان مقاومة التآكل والعوامل البيئية. 

كما تم تزيين الشبّاك بزخارف نباتية وهندسية مستوحاة من الفن الإسلامي، ونُقشت عليه آيات قرآنية بخطوط عربية أصيلة، إضافة إلى أسماء أهل البيت (عليهم السلام) بحروف بارزة تزين الألواح الفضية. ومن الناحية الهيكلية، استُخدم خشب الصاج الفاخر في الأجزاء الداخلية لما يتمتع به من مقاومة عالية للعوامل المناخية والرطوبة. 

 

 

 أهمية المشروع ودوره في حفظ الموروث الإسلامي 

يمثل إنجاز الشبّاك الجديد لمزار السيّد القاسم (عليه السلام) خطوة مهمة في الحفاظ على التراث الإسلامي، حيث يجمع بين الأصالة والتطور بأسلوب يعكس الجمالية الروحية للمزار.

كما أن تصنيع الشبّاك بأيدٍ عراقية يُعدّ تأكيدًا على قدرة الكفاءات المحلية على إنجاز المشاريع الكبرى، مما يقلل الاعتماد على الخبرات الخارجية ويدعم الحرف والصناعات التقليدية الوطنية. 

إضافةً إلى ذلك، يعكس المشروع اهتمام العتبة العباسية المقدسة بالمراقد والمزارات الشريفة، وحرصها على تقديم كل ما من شأنه أن يوفّر للزائرين بيئة إيمانية متكاملة، تعكس قدسية المكان وتاريخه العريق. 

 

 

يُعدّ هذا المشروع شاهدًا على الجهود الكبيرة التي تبذلها العتبة العباسية المقدسة في إعمار المراقد والمزارات، وإبراز معالمها بأجمل صورة تليق بمكانتها الروحية والتاريخية.

كما يعكس روح الإبداع والتميز التي تمتاز بها الكوادر العراقية، التي أثبتت قدرتها على تحقيق إنجازات فنية وهندسية متميزة في خدمة المراقد المقدسة، ليظل هذا العمل خالدًا كأحد الشواهد البارزة على عظمة الفن الإسلامي الأصيل. 

بهذا الإنجاز، يضاف فصلٌ جديد إلى سجل النجاحات التي تحققها العتبة العباسية المقدسة، والتي تسعى من خلال مشاريعها المتنوعة إلى إحياء التراث الإسلامي والحفاظ عليه للأجيال القادمة.

 

مواضيع ذات صلة