منجز الوافي في أسبوع.. مشاريع جديدة ورؤية عصرية للحفاظ على التراث
العدوان الثلاثي على مصر في 31 تشرين الأول 1956، شنّته "إسرائيل"، تلتها بريطانيا وفرنسا، كردّ على قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، الأمر الذي هدد مصالح تلك الدول، وخلق توترات واسعة في العالم العربي، خاصة في العراق.
لم تتوانَ المرجعية الدينية في العراق عن التضامن مع الشعب المصري؛ حيث أرسل عدد من كبار العلماء، من بينهم المرجع السيد محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي والشيخ عبد الكريم الجزائري (رحمهم الله)، برقيات عاجلة إلى الملك فيصل الثاني والحكومة العراقية ، معربين فيها عن غضبهم من العدوان، ورافضين موقف الحكومة العراقية السلبي.
كما طالبوا بإيقاف العدوان، ووجهوا رسائل شديدة اللهجة إلى المسؤولين، يحذرونهم من العواقب الوخيمة للاستمرار في هذا النهج السلبي.
ووجّه العلماء برقيات تضامنية إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر وشيخ الأزهر، معربين عن دعمهم لمصر وداعين الله لنصرتها في هذه المحنة.
في مطلع تشرين الثاني 1956، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في العراق، تأييدًا لمواقف المرجعية ورفضًا للعدوان، مما أدى إلى مواجهات بين الجماهير والقوات الأمنية، خاصة في النجف الأشرف، حيث واجه الأهالي والطلاب القوات الحكومية، وسقط عدد من الضحايا بين شهيد وجريح، وأدى ذلك إلى انتشار الاحتجاجات في مدن مثل الحلة والديوانية والبصرة والموصل ومحافظات اخرى.
أثارت تلك الأحداث استنكار المرجعية؛ فاجتمع العلماء في المرقد العلوي الشريف، بقيادة السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي، حيث قرروا تعليق صلاة الجماعة والدروس الدينية، وأصدروا بيانات تندد بانتهاكات الحكومة، ووجهوا تحذيراتها بأن الأوضاع لن تهدأ إلا بتلبية مطالبهم، منها تعويض ذوي الضحايا، ومحاكمة المعتدين، والإفراج عن المعتقلين.
استجابةً لضغط المرجعية وجموع الشعب، أرسلت الحكومة وفدًا رفيع المستوى إلى النجف للاعتذار. واجه العلماء الوفد بالتأنيب، مطالبين بتنفيذ شروطهم، ومنها إعلان الاعتذار عبر منبر المرقد العلوي، وهو ما تمّ فعلاً، لينتهي الصراع بفضل حكمة المرجعية وحنكتها في حماية مصالح الأمة وحفظ الأمن والاستقرار.