البحث المتقدم

البحث المتقدم

المديونية وما تشكله من أخطار تهدد حاضر ومستقبل البلاد!!

0 تقييم المقال

على وفق المصطلحات المحاسبية ، فان الحسابات المدينة تشير إلى قيمة ما هو عليك والحسابات الدائنة توضح ما هو إليك ، والقروض والسندات والحوالات و المبالغ غير المسددة تدخل ضمن مفهوم المديونية بذمة المدين  ، واغلب العراقيين حفظوا مصطلحات المديونية منذ عقود ، فكلما جاء الحديث عنها جاء الجواب بالأرقام للدلالة عن حجم المديونية العالية  وما تشكله من أخطار تهدد البلاد  ، و المديونية تفاقمت خلال  السنوات الأخيرة بوجود العجز الفعلي في الموازنات الاتحادية ، ففي بعض السنوات  كانت الموازنات الاتحادية تعد  بعجز وهمي ( تخميني )  ولكنه يتحول إلى فائض عند انتهاء السنة المالية أما لزيادة الإيرادات او لضعف الإنفاق  ، والفائض موجودا  بدليل إن بعض الكتل كانت تطالب  بتوزيع الفائض سنويا على فئات من الشعب حسب الاستحقاق ، واليوم باتت المديونية واقع حال ويمكن التعبير عنها بالأرقام ، بمعنى أن عجز الموازنة  موجود ولكن ليس بالقدر والحجم والخطورة التي يتم تداولها لمختلف الأغراض  ، فالمديونية الحالية ( مقبولة )  بشرط وجود وتطبيق الإجراءات لمعالجتها بشكل فاعل و جدي .
والبنك المركزي العراقي (صاحب الشأن في الموضوع  )  كشق عن حجم المديونية ( لغاية  30 حزيران 2025 ) ، وذكر إن الديون   الداخلية 91.1 تريليون دينار   ، و الخارجية القديمة والحديثة  54.957 مليار دولار ، والديون الداخلية تمثل  القروض والسندات والحوالات وتم اقتراضها من المصارف والصناديق والأمانات  وقد استخدمت  لتلافي  عجز الإيرادات في الموازنات ، ويفترض أن تكون  قابلة للسداد بمجرد توفر الإيرادات ،  وهذه  الديون لا تمثل خطورة سيادية لان ضماناتها داخلية ، والديون الخارجية يمكن تجزئتها لعدة أنواع فإجمالي الديون المتفق على تسويتها 3.842 مليار ،  و إجمالي الديون المعلقة 40.504 مليار وهي ليست ديون مثبتة ولم تتم المطالبة بها ولم تتم تسويتها في نادي باريس ويمكن معالجتها من خلال تنازل الدائنين عنها ،  و إجمالي الديون ( بعد  2003 ) تبلغ 10.611 مليار ويمكن أن تصنف كونها  ديون غير عسيرة إذ  تتم خدمتها ويمكن إطفاء قيمتها بعد انتهاء آجالها ( مدتها ) .
وبلدنا بهذا الوصف والمقدار من الديون لا يعد من الدول عالية المديونية ، فالدول العشرة الأولى عالميا من حيث المديونية ( حسب تسلسلها بتريليون دولار)   هي ( الولايات المتحدة   37.64 ، الصين 18.31 ، اليابان 10.23 ، المملكة المتحدة 3.7 ،  فرنسا 3.6 ، ايطاليا 3.27 ،  ألمانيا 2.92 ،  كندا 2.3 ، الهند 2.19 ، البرازيل 1.71 ) ، وهي دول تتمتع باقتصاديات عالية وتنعم بالرفاهية والاستقرار الاقتصادي رغم حجم المديونية لأنها تضع خططها في موضوع الديون  ، والعراق في تسلسل مريح من حيث  ترتيب الدول العربية من حيث نسبة  الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وترتيبها هو التاسع  ( السودان   221.5  % ، البحرين  142.5 % ، الأردن 89.7 % ، مصر 87  % ، تونس 80.6 % ، اليمن 71.4 % ،  المغرب 67.2 % ، الجزائر 54  %، العراق 53.1 % ، موريتانيا 41.2 %  ) ، ويمكن أخراج   العراق من هذا التسلسل عند التقييم لا  على أساس مجمل الديون وإنما واقعها الذي ذكر أعلاه   ، وعند النظر إلى نسبة الدين إلى الناتج المحلي حسب تسلسل الدول عالميا سنجد أيضا إننا بتسلسل مريح فتسلسل العشرة الأكثر  هو ( اليابان 229% ،  السودان  221 % ،  سنغافورة 175  % ، اليونان  147 % ، البحرين 142 % ، ايطاليا 137 % ،  جزر المالديف   132 % ، الولايات المتحدة 125 % ، فرنسا  115% ، كندا 114 % ) .
وليس الهدف من عرض ما تقدم هو تشجيع أصحاب القرار على زيادة حجم ونسب المديونية في العراق ، ولكن للتذكير إلى حجم المشكلة وما يمكن إيجاده من حلول ، والحلول هي  بتوفير الأموال لتسديد الديون ونخص بالذكر الداخلية لان الخارجية مجدولة ولم تشكل تهديدا من أي نوع ،  والمعالجة الداخلية يمكن أن تركز على تقليص الإنفاق ليكون بمستوى او اقل من الإيرادات للوصول للتعادل وتحقيق الفائض ، ولان موازنتنا تعتمد على إيرادات النفط التي باتت محكومة باتفاقات اوبك + وبأسعار البرميل السائدة عالميا ، فان من الضروري والمهم  تفعيل قطاعات الاقتصاد غير المنتجة لإزالة العلل والأمراض  وتوفير البدائل لإزالة العجز من خلال العمل بعدة حلول ، لعل من ضمنها ( إدخال آليات تشجيعية  لتحصيل الديون والمستحقات من الفوائد والرسوم والضرائب غير المستوفاة ، بيع ما يمكن بيعه من الأراضي والعقارات التي لا تشكل مصدرا للإيرادات ، اتخاذ قرارات جريئة لاسترجاع الأموال المنهوبة  ، تنفيذ إجراءات حازمة بخصوص الشركات الخاسرة ، العمل بأنظمة عادلة في مجال الرواتب والمخصصات والحوافز والإرباح ومعالجة ازدواجية الرواتب والمنافع التي تمنح بدون استحقاق ) ، وهناك العشرات او المئات  من الحلول التي يمكن ولوجها بهذه الخصوص  ، فدولتنا غنية بأهلها ومواردها وأملاكها ومن المفترض أن تحقق عوائد مجزية لتنتج سعادة ورفاه   ، والمديونية مؤشر لإفقارها كدالة او محصلة  للفساد وضعف الإدارة والأداء .

نعم
هل اعجبك المقال