البحث المتقدم

البحث المتقدم

٠١ رجب ١٤٤٧

المرجعية الدينية وبداية المواجهة والصدام ضد التسلط البعثي (4)

 

 

وحدثت في البداية مظاهرات سلمية مؤيدة للسيّد الحكيم أمام داره المؤقت في الكاظمية، وكانت وفود عشائر الجنوب تردد الأهازيج (الهوسات) المنددة بالنظام الحاكم عند مرورها على مقر رئيس الجمهورية البكر بالقول:

بس السيد يامر بيك            إنشلعك والله إنشلعك

حصل البعثيون عن طريق عناصرهم الاستخبارية على معلومات عن نوايا العلماء، فتحركوا بالضد من مشروعهم، فقاموا بإجراء محاكمة صورية لبعض الشخصيات الإسلامية وإدانتها بتهمة التجسس، منهم مسؤول المؤسسات الحسينية والمواكب في البصرة، ووجهوا ضربة استباقية إلى المرجعية الدينية، وذلك بأن لفقوا اتهامًا باطلًا إلى الابن الأكبر للمرجع الديني الأعلى وذراعه اليمنى (السيد مهدي محسن الحكيم) في 7 حزيران 1969م بدعوى التجسس والعمالة لحساب إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وأمروا باعتقاله وحجز أمواله وممتلكاته ومداهمة منزله ومنزل والده المرجع، بهدف الإساءة إلى مقام المرجعية العليا وتشويه صورتها أمام الشعب وإبعادها عنه.

ويبدو أن تزايد قوة المرجعية الدينية بما تمتلكه من سطلة ورحية كبيرة على الشعب، واتساع نطاق عمليها على الساحة العراقية قد أغضب الحزب الحاكم، ومن ورائه قوى الاستكبار العالمية، وكان من الضروري تضييق الخناق عليها وضربها والتخلص منها في النهاية، فاتخذت قيادة حزب البعث (القطرية والقومية) قرارًا نص على: "ضرورة القضاء على الرجعية الدينية باعتبارها العقبة الكبرى في طريق الحزب"، ومن الواضح أن المقصود من (الرجعية) هي الحوزة العلمية متمثلة بمرجعيتها وأساتذتها وطلابها والمناصرين لها، وإزاحة هؤلاء عمليًا من دائرة التأثير في العراق، وأشاعت سلطة البعث جوًا من الرعب في مدن الجنوب، مما جعل الرأي العام يصاب بالصدمة والشلل، وكان أمام المرجعية خياران هما: إما مجابة السلطة بالعنف، أو مقاومة السلطة سلميًا وعزلها عن الرأي العام وبناء حاجز  نفسي أمام الحزب الحاكم. وقد اختار الإمام الحكيم الخيار الثاني؛ لعلمه بأن قوى الاستكبار الدولية ستف داعمة لأي خيار عنف يستخدمه النظام الذي هو مستعد لارتكاب المجازر إذا ما تحرك الجنوب دعمًا للمرجعية. وقرر الحكيم العودة إلى النجف الاشرف التي لها التأثير الواضح والفعال لدى الشعوب الإسلامية، فخرجت في المدن الباكستانية تظاهرات كبرى ضد النظام العراقي، وأُحرقت أعلام العراق في جامعات كراجي وطهران وجاكارتا ونيودلهي، وخرجت مظاهرات شعبية في بعض المدن العراقية.

ردت الحكومة باعتقال علماء الدين الذين تجرأوا على إبداء اعتراضهم على الحكم، وبإعدام عالم دين من أهل السُنة في بغداد، هو الشهيد السعيد الشيخ عبد العزيز البدري السامرائي (1929 – 1969م) الذي عبر عن تأييده للحكيم في أحد جوامع بغداد الرئيسة.

لذلك بدأ فصل المواجهة بإصدار عدد من القوانين والإجراءات المجحفة، هدفت من وراءها الضغط على المرجعية وتضييق الخناق .... يتبع

 

المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 243

مواضيع ذات صلة