البحث المتقدم

البحث المتقدم

٠٦ جمادى الأولى ١٤٤٦

تحت مظلة فتوى الدفاع الكفائي.. العراقيون يستذكرون تحرير الموصل والتضحيات الكبيرة

يستذكر العراقيون مشاهداتهم وبهجتهم بتحرير مدينة الموصل بتاريخ 10 تموز 2017، من عصابات داعش الارهابية واعلان النصر المؤزر الذي صنعته دماء العراقيين من كل المحافظات.

وفي استذكار تلك الحرب الشرسة ونصرها الكبير، لابد من التذكير بكون الموصل تمتاز بالأهمية الجغرافية والإستراتيجية والاقتصادية والديمغرافية حيث تقع في شمال العراق، وهي أكبر المدن العراقية بعد بغداد، كما تبعد نحو 100 كلم عن الحدود التركية، ومثلها تقريبا عن الحدود السورية، وعشرات الكيلومترات عن أربيل.

ويخترق الموصل نهر دجلة الآتي من الشمال، وتسمية الجانبين الأيمن والأيسر تأتي بالنظر إلى تدفق النهر من الحدود التركية.

سقطت الموصل بيد داعش عام 2014 دون جهد أو قتال يذكر، وغنم الارهابيون أسلحة متطورة تقدر بمليارات الدولارات من قوات الجيش ومختلف الصنوف العسكرية حينها.

انطلقت عمليات تحرير المدينة تحت عنوان "قادمون يا نينوى" بتاريخ تشرين الأول من عام 2016 وجرى تحديد ثلاثة أشهر على الأكثر لانتهاء عملية التحرير.

 بدأت عملية إحكام الحصار لاحقا على المدينة بعد أكثر من شهر من التقدم العسكري في المحافظة من جهات عدة، حيث كانت قوات البيشمركة من الشرق، وقوات الحشد الشعبي من الغرب، والقوات العراقية المتبقية من الجيش والشرطة الاتحادية من الجنوب والشمال، ليكون الحديث عبر المكبرات واضحا بأنه ليس على الارهابيين سوى الاستسلام أو الموت.

بعد ذلك بلغت معركة الموصل ذروتها، وانتقلت إلى المرحلة الأصعب، ويرى الخبراء والمراقبون أن إعادة النظر بالتكتيك المتبع لم تعد خيارا بل ضرورة وواجبا، لأن قتال الشوارع والمدن هو فصل خاص في كتاب الحرب، وهو اختصاص تقوم به وحدات خاصة ومدربة وبأسلحة خفيفة كانت جاهزة لها قطعات جهاز مكافحة الارهاب ورجاله الاشاوس.

كانت التوقعات حينها تشير وبجدية الى أن خسائر حرب تحرير الموصل ستكون باهظة بالبشر والحجر، فالمدينة يقطنها نحو مليون إنسان في شقيها الايمن والايسر، الا أن داعش وشرذمته وبعد محاصرة المدينة بدأوا بالانسحاب تدريجيا لكتابة هزيمتهم مع بعض القتال التأخيري والاشتباكات، بالاضافة لقيامهم بزرع المفخخات والالغام التي كانوا يحاولون ارباك القوات العراقية بها لكن دون جدوى فالتقدم مستمر.

تكللت الجهود وبتضحيات ليست بالقليلة من الارواح من ابطال القوات الامنية جميعا، وبنفس الوقت هي اقل مما كان متوقعا لها، بتحرير الجانب الأيسر وهو الجزء الشرقي من مدينة الموصل بسرعة.

ويقول المختصون في الشأن الامني، إن ذلك تحقق لسببين أساسيين، أولهما جغرافي، حيث المباني متباعدة إلى حد ما، وثانيهما أن الأبواب كانت مفتوحة أمام وحدات داعش للانسحاب إلى القسم الغربي عبر أربعة جسور رئيسية قام بنسفها بعد عبوره.

وبالنتيجة، تمكنت القوات العراقية من مواصلة التقدم لتستعيد كامل مطار الموصل والدخول إلى أول أحياء الجانب الغربي من المدينة، ثم سيطرتن على موقع الجسر الرابع في القسم الجنوبي ليوازي ذلك وصول القطعات الاخرى مبنى محافظة نينوى والمتحف وتحريرهما بتاريخ 7 اذار 2017.

حاول الارهابيون حينها اطلاق عمليات مضادة تجاه القوات العراقية في حيي التنك واليرموك "المحررين" في غرب الموصل، لكن لم تأتي بجديد سوى تكبد داعش لمزيد من الخسائر الفادحة ومواصلة القطعات تقدمها واستعادة الجامع النوري لتكتب حينها اخر صفحات النصر الكبير بالاعلان عن تحرير كامل المدينة من براثن الارهاب بتاريخ 4 تموز 2017، ثم اعلان النصر بشكل رسمي في العاشر من الشهر نفسه.

وقدرت الحكومة العراقية حينها، خسائر المدينة بـما قيمته اكثر من 100 مليار دولار في مختلف القطاعات، حيث يشير خبراء الاقتصاد الى أن الحرب تسببت بتدمير ما يقرب من 250 ألف منزل، الى جانب خسائر قطاع الكهرباء التي اشارت اليها الوزارة ببلوغها 12 مليار دولار تشمل محطات الإنتاج وشبكات النقل والتوزيع.

اما وزارة التخطيط فقد ذكرت في تقريرها المفصل عام 2018، ان عدد الوحدات الاقتصادية الحكومية المتضررة من الحرب تقدر بـ 8457 وحدة، لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية الحكومية في قطاعات النفط والكهرباء والتعليم والصحة والنقل والمستشفيات وغيرها.

وبما يخص قطاع التعليم، فقد أكد رئيس جامعة الموصل حينها، أن 80% من الجامعة دمرت بالكامل بواقع 144 بناية، بالإضافة إلى تدمير المكتبة المركزية وغيرها، وفقدان أكثر من مليون كتاب علمي في مختلف التخصصات، فضلا عن تدمير جميع المختبرات العلمية ونهب محتوياتها مع جميع الآليات والورش الصناعية، التي تم اعمارها لاحقا وعادت لمظهرها بشكل افضل.

وكل الارقام المذكورة سلفا كانت في حينها تمثل احصائيات غير نهائية، لم يتبعها تقارير توضح نسبة التراجع او الزيادة، لكن المؤكد هو بقاء الحاجة لعمل كبير من اجل اعادة المدينة لطبيعتها العمرانية بعد تطهيرها من الارهاب.

لكن محافظة نينوى، وعاصمتها الموصل الحدباء، قد عادت للحياة وأشرت فيها شمسا جديدة بعد اعلان يوم النصر الكبير، وبدأت تستعيد جمالها بالاعمار والامن والاستقرار، فضلا عن عودة الكثير من العوائل النازحة، بالاضافة لعودة المشاريع والمدارس والجامعات لممارسة اهدافها نحو غد افضل واجمل بفضل الدماء الزكية التي بذلها شهداء الحشد الشعبي والجيش والقوات الاتحادية ومكافحة الارهاب والشرطة المحلية وكل الصنوف العسكرية الاخرى تحت مظلة فتوى الدفاع الكفائي المقدس التي اعلنها المرجع الديني الاعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) عام 2014 من أجل حفظ العراق من شر الارهاب والخطر الاكبر، وهو ما تحقق بشهادة العالم أجمع.

 

ليسلم عراقنا من كل شهر، ولتعش نينوى بكل خير وسلام، فهناك رجالا اوفياء للوطن، يلبون نداء الشهادة حيثما سمعوا مظلوما قد استغاث.

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة