البحث المتقدم

البحث المتقدم

٢٥ شوال ١٤٤٦

الدور القيادي للمرجعية الدينية العليا في الثورة العراقية الكبرى عام 1920

شكلت ثورة العشرين مرحلة مهمة من تاريخ العراق المعاصر، فكانت امتداداً لحركة المعارضة الشعبية المسلحة التي تزعمها رجال الدين وزعماء العشائر التي تمثلت بإعلان الجهاد منذ بدء دخول القوات البريطانية الغازية الى العراق عام ١٩١٤. لقد برز في هذه الحقبة التاريخية المهمة من تاريخ العراق الميرزا الشيرازي الذي كان له الاثر الواضح في الاحداث التأريخية التي شهدها العراق. فقد كان الزعيم الروحي للثورة العراقية الكبرى عام ١٩٢٠. وعلق أحد الشخصيات السياسية البارزة في العهد الملكي عن الدور الكبير للشيرازي في الثورة بالقول: «لا يمكن أن نسقط من حسابنا موقف رجال الدين، وعلى رأسهم المرجع الأعلى الميرزا محمد تقي الشيرازي في مناهضة الاحتلال البريطاني، وفتواه بوجوب مقاومته ومحاربته، وكان لذلك أبلغ الأثر على قبائل العراق» (۱). بينما يذكر المؤرخ الامريكي ايرلاند عن دور الشيرازي في الثورة بالقول: «يستبان بأن خطط الثورة قد وضعت بصورة أكيدة في كربلاء في منتصف حزيران عندما كانت جماعات من الشيوخ والوجهاء هناك تؤدي الزيارة.

أراد البريطانيون إشغال المواطنين بعدم المقاومة عن طريق تشكيل المجالس البلدية بعدها نوعاً من أنواع الحكم الذاتي والاستقلال السياسي من احتواء مطاليبهم الوطنية، وبعد تشكيل هذه المجالس تبين أن مهامها كانت محصورة في أمور لا قيمة لها أمام موضوع الاحتلال كالزراعة والصحة والخدمات (۳). الامر الذي عجل برجال الدين في كربلاء المقدسة والنجف الاشرف والكاظمية لمعارضة هذه المجالس. فأصدر الشيرازي في مطلع آذار ۱۹۲۰ فتوى أخرى أكد فيها أن الخدمة لحساب الإدارة البريطانية أمر غير مشروع (٤) وعليه قدم أعضاء المجالس البلدية في كربلاء المقدسة والنجف الاشرف استقالتهم.

التي جاء فيها: «بما إن مستقبل بلادنا العراق لم يتقرر بعد كما تذكره الصحف وبما أن مؤتمر الصلح كذلك لم يصدر قراره النهائي حول مستقبل العراق لذا لا يمكننا إبداء أي رأي قبل أن نعرف مستقبل.

كانت أولى الاجتماعات أواسط آذار ۱۹۲۰، إذ عُقد اجتماع سري في مدينة النجف، حضره عدد

كبير من العلماء ورؤساء العشائر، وكان هذا الاجتماع بتوجيه من الشيخ الشيرازي). عمل الشيخ الشيرازي في تلك الاجتماعات، على تحقيق وحدة وطنية متماسكة، وأكد على ضرورة إزالة الخلافات وتحقيق التقارب والوحدة بين الطوائف وخاصة السنة والشيعة (۳)، ولغرض تحقيق هذه الأهداف بادر الشيخ الشيرازي الى توجيه العديد من الرسائل الى الشخصيات الوطنية والعشائرية السنية والشيعية)، ففي ٣ رجب ۱۳۳۸ هـ الموافق ٢٥ آذار ۱۹۲۰م وجه الشيخ الشيرازي رسالة الى الشيخ موحان الخير الله أحد شيوخ عشائر المنتفق جاء فيها إن جميع المسلمين إخوان تجمعهم كلمة الإسلام وراية القرآن الكريم والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه، والواجب علينا جميعاً الاتفاق والاتحاد والتواصل والوداد، وترك الاختلاف، والتعاون على البر والتقوى والتوافق في كل ما يرضي الله تعالى (٤).

وفي اليوم التالي، أي في ٢٦ آذار وجه الشيرازي رسالة الى الشيخ أحمد الداوود وهو أحد علماء الدين السنة في بغداد، ومما يلفت النظر في هذه الرسالة ورود كلمة «الجهاد، بالإضافة الى المدح والثناء على شخصية الشيخ أحمد، واختتمت رسالة الشيخ الشيرازي بالقول: «أرجو إبلاغ جزيل السلام والدعاء والدعوة لأخواننا المؤمنين، ونسأل لهم خير الدارين (٥). ولم يقتصر توجيه الرسائل التي تدعو للوحدة على الشيخ الشيرازي فحسب، وإنما اتبع المقربين له ذات المنهج بالدعوة للوحدة ونبذ الفرقة، وكان من أبرزهم السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني).