البحث المتقدم

البحث المتقدم

٢٥ شوال ١٤٤٦

توجيهات المرجعية حول عواقب التجاوز على حقوق الآخرين

تبين لنا المرجعية الكريمة أسباب الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين هي نتيجة الطمع والجشع والرغبة في النفوذ والتوسعة وإبراز  القوة والسلطة، فلابد إن نتحاشى الظالم، والظلم هي صفة رذيلة وذميمة، ويدرك العقل إن الظلم لا يمكن إن يتقبله احد ، فالظلم سلب حقوق الآخرين، والظالم هو من يقوم بذلك، فللإنسان حقوق كثيرة منها حق الاعتقاد وحق العمل وحق التملك للسكن وغيرها من الحقوق ،وجاء في كلمة المرجعية العليا المباركة حيث وصفت ذلك بانها ابشع الحالات التي يرتكبها الأنسان هي التجاوز على الآخرين بقولها: ((من ابشع حالات التجاوز على الآخرين هي حالة الظلم، فيبقى المظلوم يعيش حالة من الكبت والألم؛ لان حقه قد سُلِب، ولا يستطيع ان يرجعه، ومن أهم أسباب الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين هو حب الدنيا والطمع والجشع والتوسع في الملكية والنفوذ والسلطة، فعند وجود أناس مسخرين لديه يظن أن لا أحد يستطيع ردعه عن ظلمه، فيقوم بظلم الآخرين لا سيما الضعاف  إن الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية وكذلك الأرضية تشير الى الظلم بعبارات سيئة، لتبين مدى قبح هذه الحالة))[1] ،وبصدد هذا الموضوع أجاب سماحة سيد السيستاني حول عدة مواضيع بالتقيد بالأحكام والقوانين نذكر أهمها :

  1. التدخين في الأماكن العامة: -

وجاء في سؤال إلى سماحة السيد السيستاني دام ظله، إذ توجد عبارات في بعض وسائط النقل تنصّ على عدم جواز التدخين، فهل تجوز مخالفتها؟ فأجاب سماحته حول ذلك: "إذا كان ذلك بمثابة شرط ضمنيّ على من يريد الركوب فيها أو كان قانوناً حكوميّاً وقد التزم لهم برعاية القوانين الحكوميّة لزمه العمل وفق شرطه والتزامه"

  1. العمل الحر: -

  بعض الناس يفترشون الشوارع والأرصفة العامّة ليبيعوا بضائعهم ممّا يؤدّي إلى عرقلة سير المارّة والسيارات حرص السيد السيستاني دام ظله في مراعاة القوانين العامة حيث قال: " لا يجوز مزاحمة المستطرقين والمركبات"

  1. السياقة: -

ولا يخلو ديننا الإسلامي الحنيف في تنظيم الحياة العامة للناس، ومن الأمور الشائعة في حياتنا المعاصرة هي زيادة السرعة عن السرعة القانونية ، إذ قال سماحة السيد (دام ظلّه) " لا يجيز مخالفة هذه القوانين إلّا بالمقدار الذي تتسامح فيه الحكومة" و بيان الحكم الشرعي في مخالفة القوانين الوضعيّة للمرور من قيادة السيارة بغير ترخيص من غير إجازة أو ضرب الإشارة الضوئيّة أو عدم الالتزام بإشارات رجل المرور والسير بطريق مخالف للطريق المألوف أي: عكس اتّجاه الطريق الصحيح، فالحكم الشرعي عن هذه المخالفات المروريّة فقال :" يلزم التقيّد بأنظمة المرور إذا كان عدم مراعاتها يؤدّي ــ عادةً ــ إلى تضرّر من يحرم الإضرار به من محترمي النفس والمال بل مطلقاً على الأحوط، وينبغي التعاون مع القائمين بهذا الشأن وخصوصاً في المرحلة الراهنة لتجاوز حالة الفوضى والتسيب والمحاذير الأمنيّة"

  1. التحايل على القانون: -

حيث يقوم البعض باستغلال الوضع المتردّي الذي مر به البلد بالتحايل على القانون والحصول على أكثر من درجة وظيفيّة وفي أكثر من دائرة، فهل يجوز لهم ذلك؟ وما حكم الراتب الثاني الذي يتقاضونه؟ وما حكم الرواتب التي استلموها سابقاً؟

فكان جواب المرجعية العليا " لا يجوز ذلك بتاتاً بل يكون آثماً، والراتب الآخر الذي يستلمه سحتٌ وما استلمه من قبل إن لم يمكن إرجاعه إلى خزينة الدولة بنحوٍ يقيه من الاختلاس وجب التصدّق به على الفقراء "ومن جانب أخر تحدث أحيانا ازمه في الوقود فيستغل بعضهم، وبعض الناس يقومون ببيع الوقود على الأرصفة بالسوق السوداء بسعر يصل إلى أضعاف السعر الذي تحدّده الدولة ، فكان جواب المرجعية العليا "لا يجوز التخلّف عن القوانين المرعيّة في هذا المجال"

 

  1. القوانين في بلد اخر :-

هل يجب على المكلّف الحاصل على فيزا الالتزام بقوانين البلد غير الإسلامي بما في ذلك التقيّد بامتثال إشارات المرور وقوانين العمل وأمثالها؟، فان المرجعية العليا لها موقف من القوانين هو الاحترام وكان جوابها" إذا تعهّد لهم ــ ولو ضمناً ــ برعاية قوانين بلدهم لزمه الوفاء بعهده فيما لا يكون منافياً للشريعة المقدسة ومثل إشارات المرور يلزم التقيّد بها مطلقاً إذا كان عدم مراعاتها يؤدّي ــ عادةً ــ إلى تضرّر مَن يحرم الإضرار به من محترمي النفس والمال"

وشمل الآثار والتراث العراقي القديم من اهتمام المرجعية العليا الكريمة  من خلال فتح مؤسسات الداعمة للمخطوطات والآثار والتراث الإسلامي والعراقي، إذ افتتح متاحف ومخطوطات في العتبات المقدسة  وسبب أهمية الآثار هي المحافظة على هوية البلد وتاريخه وتعتبر (من الممتلكات العامة للشعب )فالجميع شريك في المحافظة عليها ،لقد تعرضت المناطق ذات القيمة التراثية في كثير من البلدان العربية ومنها العراق ،لتغيرات حضرية واجتماعية أسهمت في تدهور نسيجها الحضري، سواء في أعمال التخريب والتهريب أو عوامل طبيعية  ،وسوء الاستخدام وانهيار الخدمات مع زيادة عدد السكان ، هـذا إلى جانب فقدان الوعي الحضاري بأهمية تلك المناطق والتي تعتبر من الثروات الحضرية الوطنية بالإضافة إلى كونها عنصر جذب سياحي وموارد اقتصادية ، ومع زيادة الوعي الحضاري من خلال توجيهات المرجعية  ظهرت أهمية تلك الموروثات العمرانية وأصبحت محط اهتمام لدى المرجعية العليا والعتبات المقدسة، وأصبح الحيز العمراني التراثـي مـن الإشكاليات المطروحة بشدة على الساحة المعاصرة من حيث إمكانيات التعامل وأهـداف التنمية والحفاظ على تلك الموروثات ،ومن هنا اتجهـت المرجعية العليا  إلى الاهتمام والحفاظ على المباني والمناطق التاريخية من خلال مشروعات مختلفة ومن منطلقات وأهـداف متعددة منها بسبب الإهمال والسرقة حثت للحفاظ على المخزون التراثي واظهاره بصورة لائقة إلى إعادة توظيف المباني التراثية،، صيانة المباني حتى لا تتعرض للتدهور والإهمال وعدم تهريبها ، وهكذا تطور مفهوم الحفاظ على الموروث الحضاري والارتقاء بـه مـن خـلال مشروعات عمرانية متميزة وواجب  الجهات المعنية بذلك  كالقطـاع الخاص، مؤسسات السياحة، وهيئات الآثار والثقافة، أجهـزة التخطيط العمراني، الأجهزة المحلية ممثلة في البلديات، مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالتراث إلى جانب الخبراء والمتخصصين في الجامعات ومراكز البحوث، وابرز تلك المؤسسات الداعمة من المرجعية العليا وهي (متحف الكفيل ،متحف العتبة الحسينية ،متحف العتبة العلوية ومركز إحياء التراث الإسلامي  )

 

 

 


[1] خطبة الجمعة: 15 جمادي الأول 1439 هـ الموافق 02/02/2018 م: بإمامة سماحة سيد احمد الصافي دام عزه

مواضيع ذات صلة