تسعد المرجعية الدينية بما تحقّقه بناتها الطالبات من التزام عميق بالمبادئ الدينية، الأمر الذي يساهم في بناء مجتمع متماسك وقويّ.
إنّ هذا الالتزام لا يقتصر على الجانب الروحيّ فحسب، بل يمتدّ ليشمل الأخلاق الحميدة، والاحترام المتبادل، والعمل الجماعيّ، ممّا يعزّز من روح التعاون والتفاهم بين الأفراد.
أكّد المتولّي الشرعيّ للعتبة العباسية المقدّسة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه) أنّ المرجعية الدينية العليا تشعر بالسرور لما عليه بناتها الطالبات من التزام ديني وأخلاقي.
جاء ذلك في كلمة لسماحته في الحفل الختامي لتخرج دفعة بنات الكفيل السابعة، الذي تنظمه شعبة مدارس الكفيل الدينية النسويّة في العتبة العباسية المقدّسة.
وقال السيّد الصافي إنّه (من دواعي الفخر أن نستضيف بين مدّة وأخرى طليعة مؤمنة من بناتنا العزيزات يقف من ورائهن الآباء والأمهات الكرام، وبدعم جدير بالاحترام من الأساتذة الكرام في الجامعات العريقة)، مبينًا أنّه (من الليلة الماضية وإلى صبيحة هذا اليوم وإلى هذه اللحظة كانت هناك حالة من السرور البالغ في قلوب هذه الثلّة الطيبة من بناتنا، ونؤكّد أنّ هناك مجموعةً كبيرةً من شرائح المجتمع عندما نظروا إلى هذه الاحتفالية، قد شاركوكم فرحتكم)، مضيفًا (المرجعية الدينية العليا تشعر بسرور بما عليه هذه الصفوة من بناتها، فهذه الثلّة الطيبة من بنات المرجعية، لما عليهن من التزام ديني وأخلاقي، أنها تدعو الله تبارك وتعالى لهن بالموفقية والسداد في حياتهن الأسرية والمهنية، سائلين الله تبارك وتعالى بالمزيد لكم)
وأكّد سماحته أنّ (العراق بلد علم وأخلاق وقيم، وأنتن جزء من حلّ مشاكله، وتحلّ جميع المشاكل بهذه الثلة الطيبة من أبنائنا وبناتنا) وأعرب سماحته عن شكره قائلاً: (أشكر الأسر الكريمة لهذه التربية الطيبة التي أنتجت هذا الإنتاج، وهذا الحرص من الآباء الأعزة ومن الأمهات الفاضلات، على أولادهن وبناتهن سيُعزز بحرص مستمر في إيجاد جميع الأجواء المناسبة لأبنائهم، كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى الجامعات الرصينة والأساتذة الأفاضل الذين ما فتئوا يبذلون الجهد تلو الجهد في سبيل إيصال المعلومة العلمية والسلوكية والأخلاقية إلى أبنائنا وبناتنا).
وأكمل بالقول: (عندما نرى هذه الطريقة في الاحتفال والاستجابة ولا أكشف سرًّا إن قلت: إنّ هناك المئات من الأمهات طلبوا بإلحاح كبير جدًّا، أن تلتحق بناتهن بهذا الاحتفال، وما هذه الحالة إلا للحاجة الحقيقية والفطرة السليمة التي كانت عندهن، فهناك رغبة الشديدة من الآباء والأمهات فضلاً عن الطالبات أن يلتحقن بهذه الاحتفالية، وهنّ لهنّ تمام الحقّ، فإننا نفخر ونعتزّ ونطرح هذا النموذج أمام العالم، فهذه هي الفتاة العراقية التي أنجبتها الأمهات الغاليات العزيزات).
وحذر السيّد الصافي الطالبات قائلاً: (أيتها البنات الطاهرات النجيبات العفيفات حذارِ أن يتصرّف في قلوبكن من يتصرّف خلاف الفطرة السليمة، وهذه الأعمار مهمّة وحسّاسة، فحذارِ أنّ تغيّرن الفطرة السليمة التي جُبلتنّ عليها، وأن يتصرّف في قلوبكنّ وعيونكنّ وأسماعكنّ من لا حريجة له، أنتنّ الآن تحملن شارات عديدة من التقوى والإيمان والقوة والنجابة والحياء وكل هذه هي بالنسبة لنا مشاعر اعتزاز).
وتابع (أنتِ أيتها الطالبة، قوية، ولك القدرة على أن تغيري مجتمعًا بأسره، أنتِ النواة المستقبلية لبناء عمود المجتمع وهو الاسرة، أنتِ أدخلت السرور على أسرتك، أنتِ الآن مشروع أسرة ناجحة وقوية ومتماسكة، واليوم التحدّي لتفتيت القيم وانسلاخ الإنسان من فطرته، وهناك حرب شعواء على انسلاخ المرأة من الحياء، والمرأة هي الحياء، فلا تجعلن من يحاول أن يعزل القيم عنكن، أنتنّ صاحبات القيم والمواقف، أنتنّ الأمل في أن ترتسم دائمًا البسمات على الأسر، ونحن نؤمن أنّ صلاح المجتمع يمرّ من صلاحكن، فلابدّ من أن ترجعوا الجهد الكبير الذي بذل من قبل أسرِكنّ إليهم).
وأوضح سماحته (نسمع ونقرأ حالات من التأسّف لعدم اشتراك بعض الطالبات وبعض قد احتفلنَ للسنوات الماضية بتخرجهنّ وبدأنَ بالتمنّي بصدق أن يشتركن بهذا الاحتفال تمنيًّا حقيقيًا وهذا إن دلّ على شيء إنّما يدلّ على هذه الفطرة الطيبة الطاهرة، ونحن نريد أن نراكم دائمًا في أفضل ما يمكن أن يرى الوالد ابنته، وأفضل ما يمكن أن يرى الأب أولاده، فالوالد يحبّ أن يرى أولاده أفضل منه، والأم تحبّ أن ترى بنتها أفضل منها)
وأكمل (هذه الكف اليوم وقفت أمام ضريح أفضل من جسّد الوفاء والتضحية، بطل من أبطال كربلاء، هذه اليد التي أقسمت قبّلوها وينبغي ألّا تمدّ إلى أي محرم في المستقبل، تذكري هذه اليد عندما أعطت عهدًا، العهد لك، ستمرّ الأيام والسنون وسترينّ الآثار الطيبة لما فعلتنّ، أنتنّ اليوم جسدتنّ شيئًا كبيرًا يدلّ على التمسّك بالهوية والفطرة والحياء والعفّة والنجابة فأنتنّ صنعتنّ شيئًا محل افتخار).
وأوضح سماحة المتولي الشرعيّ أنّ (هناك محطات في حياة كل إنسان، ومحطة التخرج من الذكريات العالقة، التي تبقى في نفس الطالبة، أو الطالب، والناس الآن تريد أن تتعلّم منكنّ فأنتنّ صنعتنّ مدرسة في التخرج والعهد والقسم، وفي كلّ ما يمتّ إلى القيم من مسائل، وأنتنّ القيمة الحقيقية التي نعتزّ بها) وبيَّن (إنّنا نأنس بالاحتفال أكثر منكن، فعندما نرى هذه الطاقات، ونرى بناتنا وهن يشقنَ طريق الحياة بهذا المظهر المهم والروحانيّ وبهذه الهيأة، فأنتنّ صنعتن شيئًا محل افتخار، وهذه محطة نحن نفخر ونعتز بها).
وفي الختام إن هذا الالتزام يُظهر قدرة الطالبات على التفاعل الإيجابي مع التحديات المعاصرة، إذ يستلهمن من تعاليم الدين قيم الصبر والثبات.
إنّ رؤية الطالبات ينمّين مهاراتهنّ مع الحفاظ على هويتهنّ الدينية يبعث على الفخر، ويعكس الدور الحيوي الذي تلعبه المرجعية الدينية في توجيه الأجيال نحو مستقبل مشرق؛ إذ إنّ تعزيز هذه القيم في نفوس الطالبات يُعدّ استثمارًا في بناء مجتمع يسعى لتحقيق العدالة والسلام، ممّا يجعل من المرجعية الدينية عنصرًا أساسيًا في تشكيل مستقبل الأجيال.