الانتصارات المتتالية تثبت قدرة القوات العراقية بكل صنوفها على طرد الإرهاب
وبعد نجاح الثورة، حاولت المرجعية الدينية الشريفة اتخاذ موقفٍ واضح تجاه النظام السياسي الجديد استم بالإيجابية، وإظهار الاستبشار بتغيير الأوضاع بالشكل الذي لا يتنافى مع الإطار الشرعي المفترض منها، والطلب من السلطة بإنهاء معاناة العراقيين، وتسخير ثرواتهم لصالح فئاتهم المحرومة بشكلٍ، وتحقيق الاستقلال الحقيقي في السياستين الداخلية والخارجية.
فبعد أن اطلع علماء المرجعية على أهداف الثورة، واطمأنوا إلى نوايا القائمين عليها، أرسلوا إلى قادة الجيش الثائر يباركون لهم هذه الثورة الوطنية ويؤيدون أهدافها، وجاءت رسائلهم وبرقياتهم مؤازرة تامة لحكومة الجمهورية، تتقدمها الرسالة التي بعث بها المرجع الديني الأعلى السيد محسن الحكيم إلى (مجلس السيادة)، ورئيس مجلس الوزراء، الزعيم عبد الكريم قاسم (1914 – 1963)، ليبارك أعمالهم التي وصفها بـ "السديدة الجبارة" ويدعو لهم بحسن التوفيق لخدمة الدين والإسلام والمحافظة على الصالح العام، ويطالبهم بضرورة إقامة العدل بين الناس، والعطف عليهم، وتطبيق تعاليم الإسلام، والسير على هدى القرآن المجيد، وحذّرهم السيد الحكيم من الاستفراد بالحكم، وقال: إن "الظلم والاستئثار من أكبر عوامل الدمار".
وأرى من الضروري تاريخياً نقل رسالة السيد الحكيم حرفياً إلى القارئ الكريم، وهذا نصها: "إلى مجلس السيادة للجمهورية العراقية، وإلى سيادة الزعيم الركن السيد عبد الكريم قاسم بمناسبة الانتفاضة الوطنية المباركة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، إني أحمد الله وأشكره، وأسأله أنْ يجعلكم من قادة العدل وأنصار الحق الذين عناهم الله سبحانه بقوله الكريم: ﴿إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ﴾ فإن العدل أساس الملك، والعطف على الرعية أول النصر، وشكر الله يستوجب المزيد، والظلم والاستئثار من أكبر عوامل الدمار، فسروا مُسددين على ضوء تعاليم الإسلام، وهدى القرآن، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واعتبروا: ﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾. ولقد سرني ما يبلغني عنكم من خطوات سديدة جبارة في هذه الآونة، الأمر الذي يستوجب لكم الإكبار والإعظام، لذلك أبارك لكم فيها أولاكم الله به، وأدعو لكم بحسن التوفيق لخدمة الدين والإسلام، والمحافظة على الصالح العام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
يتبع..
المصدر: موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 196