أدت ثورة الرابع عشر من تموز 1958م إلى قيام عهدٍ جديد وانعطافه أساسية في تاريخ العراق المعاصر، ففي اليوم الأول من الثورة سيطرت الوحدات العسكرية التابعة لتنظيم الضباط الأحرار الثائر، والتي أخذت على عاتقها تنفيذ الثورة، على أهم المرافق الحيوية في العاصمة بغداد، وانقضت على معاقل النظام الحاكم ورموزه.
وحددت مهامها في البيان الأول بأن يعهد الحاكم إلى حكومة تنبثق من الشعب، وتعمل بوحي منه، وتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة، وترتبط بروابط الأخوة مع الدول العربية والإسلامية، وتعمل بمبادئ الأمم المتحدة.
وأكدت الأحداث اللاحقة على سيطرة النخبة العسكرية على معظم المناصب الحكومية الجديدة، واتخاذهم سياسة مناوئة للغرب بشدة، فقد قلبت الأوضاع في الشرق الأوسط رأساً على عقب بالنسبة للمصالح البريطانية والأمريكية بإسقاط النظام الملكي الموالي للقوى الغربية.
تذكر إحدى المصادر أن تنظيم الضباط الأحرار أوصل معلومات أولية إلى المرجعية الدينية العليا عشية الثورة، وأعلموها نيتهم في قلب نظام الحكم، ورجاءهم منها تأييد تحركهم، وتشجيع العشائر على الجهاد إذا اقتضى الأمر. ولم يكن في رد الإمام الحكيم أي اعتراض يذكر على الموضوع بحد ذاته، لكنه أبدى مخاوفه المشروعة من خطورة ما سيقدمون عليه، وما سيحدثه من انعكاسات دولية واحتمالية قيام بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بضرب العراق واحتلاله، مثلما جرى أبنا مايس عام 1941م، وتساءل إنْ حصل ذلك فهل هم مستعدّون لتسليح العشائر ومدهما بالمال والذخائر كما يدعون؟
المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 195