بلدوزر اليمين المتشدد الامريكي يقلع أقصى اليسار الراديكالي من الليبراليين في الجيش الامريكي، ليتبنى العنف العقائدي.
هكذا نُلخّص كتاب وزير الحرب الامريكي، پيت هيغسيث، "الحرب على المحاربين"، (The War on Warriors, June 2024) حيث وصف قادة الجيش الامريكي برجال أعمال مستهترين مدمنين على المخدرات وقيادات حمقاء، "فيجب تخليص الجيش من هذا النوع". (راجع الفصل الاول / صفحة ٢)
وفي صفحة ٥ يقول: "إن أمريكا وجيشها يتجهان نحو الظلام بهدوء. استغل اليساريون الأقوياء ازدراءهم لأمريكا لإرباك وإضعاف أعظم قوة محاربة شهدها هذا العالم على الإطلاق".
يستشهد بتقرير مؤسسة التراث الأمريكية لتقييم الجيش حيث تذكر المؤسسة في تقريرها لعام ٢٠٢٤: "يواجه الجيش الأمريكي خطرًا كبيرًا يتمثل في عدم قدرته على الدفاع عن المصالح الوطنية الحيوية لأمريكا".
يقول وزير الحرب: "للعام الثاني على التوالي، يُصنف جيشنا بأنه ضعيف مقارنةً بالقوة اللازمة للدفاع عن المصالح الوطنية". (صفحة ٣)
ثم يستحضر أحداثاً تعرّض لها الجيش الامريكي عند احتلاله اليابان، فيذكر القوات الأمريكية التي تعرّضت للأسر والتعذيب في معسكرات يابانية، والناجين من تجارب بيولوجية وكيمياوية أُجريت على أسرى الحرب في المعسكرات.
حتى وصل إلى احتلال العراق، يذكر: عندما سالت دماء من القوى السنّية والجيش الأمريكي في أقسى مواجهة، ثم بعد عام واحد، تحالف الجيش الامريكي مع هذه القوى لقتال الفصائل المسلحة المدعومة من ايران. يقول: "هذا خطأ أستراتيجي وأرباك لكثير من الجنود الأمريكيين". (صفحة ٤)
ثم يختم حديثه بسؤال: كيف سُمِح الجيش الأمريكي لنفسه بالاستيقاظ؟
يقول وزير الحرب: في العقود القليلة الماضية - بعد ما يقرب من مئة عام من العمل الجاد - سيطر اليساريون المتطرفون على كل مؤسسة أمريكية تقريبًا: الجامعات، والشركات، ووسائل الإعلام، وهوليوود، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمدارس الحكومية من الروضة إلى الصف الثاني عشر، والجهاز البيروقراطي الفيدرالي، وحتى معظم الكنائس الرئيسية. وقد حدد باراك أوباما هدفهم بوضوح تام: تغيير أمريكا جذريًا. (صفحة ٥)
هنا بدأت لُعبة اليمين المتطرف، وبدأت معها حربٌ ضروس على الليبراليين، أولها إقصاء قادةٍ في الجيش الامريكي.
بعد شهر من وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض، وفي ٢٢ شباط من هذا العام، خلال دقائق معدودة؛ أعلن ترامب عن إقالة رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي الجنرال تشارلز براون، ذو البشرة السوداء.
ثم أعلن وزير حربه، پيت هيغسيث إقالة الأدميرال ليزا فرانشيتي، أول امرأة تقود القوات البحرية، وأقال الجنرال جيمس سلايف، نائب رئيس أركان القوات الجوية.
تستمر إقالة ضباطٍ كبارٍ هذا العام كقائد البحرية وخفر السواحل، والجنرال الذي ترأس وكالة الأمن القومي، ونائب رئيس أركان القوات الجوية، و أدميرال بحري ملحق بحلف شمال الأطلسي، وثلاثة من كبار المحامين العسكريين.
لم تتوقف الإقالات عند هذا الحد، بل إمتدت إلى إقالة الجنرال جيفري كروس الذي ترأس وكالة استخبارات الدفاع، و إقالة قائد القيادة الجنوبية الأمريكية الأدميرال ألفين هالسي ذو البشرة السوداء، مع سلسلة من أكثر من اثني عشر قائد عسكري من الإناث أو من الأقليات تمت إقالتهم من مناصبهم من قِبَلِ وزير الحرب.
حسب متابعة ملف الإقالات من الجيش الامريكي، فقد وصل نسبة الإقالة إلى ٢٠ بالمئة من مجموع قادة الجيش، معظمهم من ذوي البشرة السوداء و النساء.
في خطابٍ غير مسبوق في ٣٠ سبتمبر ولمدة ساعة، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادة الجيش الامريكي حول العالم البالغ عددهم ٨٠٠ إلى قاعدة كوانتيكو العسكرية بولاية فيرجينيا، تحدث ترامب قائلاً: عدواً داخلياً يهدد أمن الولايات المتحدة؛ علينا أن نُعيد تشكيل جيشنا لأننا في حالة حرب داخلية، متهجّماً على اليساريين في تدمير الجيش الأمريكي.
ثم تحدث وزير الحرب داعياً إلى "تصحيح المسار" واستعادة ما سماه "أخلاق المحاربين". يقول: تسلل اليساريون إلى ثقافتنا ومؤسساتنا المحلية، وهم يفعلون الشيء نفسه الآن في وحداتنا القتالية، اليسار يريد تدمير المؤسسة الوحيدة التي تقف حائلاً بينهم وبين السيطرة الكاملة - الجيش الأمريكي. لا شك أن اليسار يريد تدمير المؤسسة الوحيدة التي تقف حائلاً بينهم وبين السيطرة الكاملة - الجيش الأمريكي.
دافع هيغسيث عن الإقالات قائلا "من شبه المستحيل تغيير ثقافة فاسدة بالأشخاص أنفسهم الذين أسّسوا لها أو استفادوا منها".
وهذا ما سنقف عنده في مقالاتنا القادمة لخطورة ما يتبناه وزير الحرب، وما يمثله من عنفٍ عقائدي بـ "أخلاق المحاربين" الذي يدعو اليها.




تقييم المقال


